بحلول ذكرى مذبحة أبو زعبل هذه الأيام، والتى ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلى فى 12 فبراير من عام 1970 بعد ثلاثة أعوام على عدوان يونيو 1967، نعيش أجواء تلك المذبحة وخاصة مع استمرار مذابخ الكيان الإسرائيلى هذه الأيام فى غزة وهو الأمر الذى يستدعى المذابح التى ارتكبها الاحتلال على مر تاريخه. وتعد مذبحة أبو زعبل إحدى المشاهد التى تجسد دموية دولة الاحتلال، حيث استهدف سلاح الجو فى جيش الاحتلال الإسرائيلى المنشآت المدنية دون أى رادع أخلاقي، وقصفت طائرات العدو قرية أبو زعبل فى محافظة القليوبية واستهدف مصنعا استشهد فيه 70 عاملا مصريا وجرح أكثر من 69 آخرين كما دُمّر المصنع عن آخره، فى محاولة من العدو للرد على الضربات الموجعة التى تلقاها من الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف. وقبل أربعة أيام من عيد الأضحى، وفى ظل البرودة القارسة حرص عمال مصنع أبوزعبل على الذهاب إلى عملهم يجهلون مصيرهم المحتوم والمخطط الغادر الذى نسجه جيش الاحتلال الإسرائيلى فى يوم الخميس 12 فبراير 1970، وفى تمام الثامنة والربع من صباح هذا اليوم، دوت أصوات هادرة لطائرتين فانتوم إسرائيليتين تتجهان نحو المصنع. وصوبت الطائرات الإسرائيلية، صاروخين وعددا كبيرا من قنابل النابالم إلى المصنع لتحمل الموت إلى العمال المدنيين العزل، ليحال المصنه إلى كومة من التراب ليتهدم فوق رؤوس الجميع. أعادت مذبحة أبو زعبل فى فبراير 1970 إلى الأذهان الغارة التى شنها الاحتلال الإسرائيلى إبان العدوان الثلاثى على مصر فى نوفمبر من عام 1956 حينما دمر العدو المؤسسات الحيوية فى القاهرة واستهدف محطة الإرسال الرئيسية للإذاعة بأبو زعبل والتى تم ضربها وتوقفت الإذاعة المصرية، وفى اليوم نفسه تم ضرب سجن أبو زعبل بجوار محطات إرسال الإذاعة. تاريخ دموى وتعود المذابح الإسرائيلية ضد العرب وفلسطين الى أكثر من 75 عاما، حيث شرعت العصابات الصهيونية فى إراقة دماء الفلسطينيين من أجل الاستيلاء على أراضيهم وإقامة دولتهم المزعومة على جثث الأبرياء، حيث ارتبط القتل والدمار بهجرة اليهود إلى فلسطين، واتخذوه مسلكا لترهيب العرب وإجبارهم على النزوح والهروب بعيدا عن أراضيهم، وكانت المذابح اليهودية ضد العرب فى فلسطين بمثابة التحضير ليوم إعلان الكيان حيث سبق مايو 1948 ارتكاب أكثر من مجزرة ولم يتوقف الأمر بالطبع بعد النكبة. وبعد زرع الكيان الغاصب فوق الأرض العربية استمر هذا النهج الدموى بعدما ارتدت عناصر العصابات الصهيونية ثوب رجال الحكم إلا أن دماء العرب كانت رغبة محمومة لديهم طوال أكثر من سبعة عقود، وقد تجسد ذلك الأمر خلال العدوان الغاشم الذى ينشه جيش الاحتلال الإسرائيلى ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتسبب فى استشهاد وإصابة عشرات الآلاف من الأبرياء. مذبحة بحرالبقر مذبحة أبو زعبل لم تكن هى الوحيدة التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى ضد المصريين، وإنما كانت هناك مذبحة بحر البقر التى جرت أحداثها بعد شهرين فقط من "أبو زعبل" وتحديدا فى أبريل من عام 1970 ارتكب الاحتلال الإسرائيلى مذبحة مروعة ضد الأطفال فى مدرسة بحر البقر بالشرقية وأسفر عن استشهاد 30 تلميذا، حيث أغارت عليها الطائرات الحربية الإسرائيلية، وأمطرتها بوابل من الصواريخ التى أحالتها فى ثوان معدودات إلى كومة من الأنقاض المشتعلة، والعظام المحترقة، وخليط من الدماء والكتب المدرسية والأقلام وملابس الأطفال، والدخان المنبعث من المكان. الدرس انتهى لموا الكراريس وتخليدا لذكرى التلاميذ الشهداء، نظم الشاعر صلاح جاهين قصيدته الشهيرة "الدرس انتهى لموا الكراريس" والتى تجسد وقائع المذبحة المروعة بحق الأطفال وقال فيها "الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال.. فى قصر الأممالمتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك فى البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى.. دى لطفلة مصرية وسمرا.. كانت من أشطر تلاميذى.. دمها راسم زهرة.. راسم راية ثورة.. راسم وجه مؤامرة"، إلى آخره من الأبيات المؤثرة. مذابح ضد الشعب الفلسطيني كانت المذبحة الأشهر قبل زرع الكيان الصهيونى هى التى ارتكبت فى التاسع من أبريل من عام 1948، وارتكبت قبل أسابيع قليلة من إعلان إسرائيل ونفذتها عصابات الأرجون وشتيرن، واستشهد ما بين 250 و360 فلسطينيا. وبعد أسبوع واحد فقط من إعلان إسرائيل، ارتكبت العصابات الصهيونية، مذبحة الطنطورة فى في23 مايو 1948 هاجمت كتيبة 33 التابعة للواء الكسندروني، واستشهد 90 فلسطينيا دفنوا فى حفرة كبيرة. وفى خان يونس ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلية مذبحتين خلال أقل من تسعة أيام، كانت الأولى فى 3 نوفمبر 1956 ضد اللاجئين الفلسطينيين، واستشهد فيها أكثر من 250 فلسطينيا، وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى فى 12 نوفمبر، نفذ جيش الاحتلال مجزرة أخرى استشهد فيها نحو 275 شهيدًا من المدنيين فى نفس المخيم، كما استشهد أكثر من مائة فلسطينى آخر من سكان مخيم رفح للاجئين فى نفس اليوم.