في معركته ضد التضخم رفع البنك المركزي الأوروبي، معدل الفائدة 7 مرات متتالية منذ العام الماضي، ليصل بها إلى مستوى 3.75 % ونجح بالفعل في جعل التضخم يتباطأ في دول منطقة اليورو ليصل به الي 7 % الشهر الماضي.. لكن وفي وسط هذه المعركة مع التضخم دخل الاقتصاد الألماني أكبر اقتصاد اوروبي ما يعرف ب "الانكماش التقني" بعد تسجيل تراجع في إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني على التوالي، في سابقة لم تحدث منذ وباء كورونا، حيث انزلق إجمالي الناتج المحلي إلى المنطقة السلبية بحلول أواخر عام 2022. كما تسببت ارتفاعات أسعار الفائدة في ركود الأعمال التجارية والصادرات الألمانية حيث تراجع مؤشر التصدير خلال شهر مايو الجاري من من 6.5 نقطة إلى 1.8 نقطة مقارنة بما كان عليه الشهر الماضي، وتراجعت خطط التصدير لقطاع صناعة السيارات. وأظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا اليوم الخميس أن اقتصاد البلاد انكمش بشكل طفيف في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة وبذلك يدخل في حالة ركود وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.3 %. وكان يتوقع حدوث كارثة وسيناريوهات سيئة بألمانيا لو كان الشتاء قارسا بعد توقف الغاز الروسي الا أن فصل الشتاء المعتدل ساهم في عدم حدوث السيناريوهات الأسوأ، مثل نقص الغاز، الذي كان من شأنه أن يصيب الاقتصاد بالشلل. وفقد الاقتصاد الألماني - أحد أهم الدول الصناعية في العالم - إمكانات النمو، مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.3 % بين يناير ومارس 2023، بعد تراجعه 0.5 % بين أكتوبر وديسمبر 2022، وهذه الأمور ستنعكس سلبًا على المواطنين عبر انخفاض القدرة الشرائية لديهم وارتفاع معدل البطالة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي للأسربعد الانخفاض الكبير في مستويات النشاط الاقتصادي المستمر لبضعة أشهر، وانخفاض مستويات الإنتاج والتوظف والدخل الحقيقي، وبالتالي تكون ألمانيا أول دولة في مجموعة السبع تقع في فخ الركود، وتتزايد احتمالات الركود التقني بين دول المجموعة. انكماش اقتصادات العديد من الدول الكبرى في ذات الوقت، بالإضافة الى مؤشرات أخرى تدل على ضعف النمو الاقتصادي العالمي، تتمثل في الانخفاض المطول في الناتج المحلي ارتفاع معدل البطالة مع انخفاض الطلب الكلي على السلع والخدمات". وألمانيا التي تعد أكثر الدول الأوروبية تأثرًا بأزمة الطاقة، لن تترك أوروبا بعيدة عن الركود حيث بات اقتصاد أوروبا قريبا من السقوط في بئر الركود، وذلك عندما يتوقف الاقتصاد الاوروبي عن النمو لمدة 6 أشهر متوالية وهو ما حدث بالربع الأول من هذا العام، والربع الرابع من العام الماضي. وقد أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الأوروبية "يوروستات" أن الناتج المحلي الإجمالي للكتلة نما بنسبة 0.1٪ من يناير إلى مارس، مقارنة بالنمو الاقتصادي الثابت المسجل في الربع الأخير من عام 2022. وأضافت أنه على أساس سنوي، نما اقتصاد المنطقة بنسبة 1.3٪. وبدت المفوضية الأوروبية، متفاءلة بشكل كبير حينما أعلنت أن الاقتصاد الأوروبي سيسجل، هذا العام، تضخمًا أدنى ونموًا أعلى مما كان متوقعًا، بعدما تفادى الركود خلال الشتاء، رغم الحرب في أوكرانيا ورفعت المفوضية توقعاتها للنمو في منطقة اليورو عام 2023 إلى 0.9 %، بزيادة 0.6 نقطة، مشيرة إلى أن المنطقة ستتفادى الركود "بفارق ضئيل"، هذا الشتاء لكن معطيات الواقع لا تؤيد ذلك بشدة في وجهة نظري، فمن المتوقع الاستمرار في تشديد السياسة النقدية الأوروبية مع تواصل الضغوط التضخمية ما ينعكس على نشاطات الشركات ويلقي بثقله على الاستثمار. وتتزايد التوقعات بأن يدخل الاقتصاد الأمريكي في العام الحالي أو المقبل في ركود سيستمر حوالي 4 - 5 سنوات بسبب المبلغ القياسي للدين العام، وهو ما لم يستبعده رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي جيروم باول، أو حتي الرئيس الأمريكي جو بايدن. وقلصت شركات التكنولوجيا العملاقة حو ل العالم حجم النفقات لمراعاة الطلب الضعيف للمستهلك ودعم الموارد المالية قبل حدوث ركود محتمل فهذا العام، بدأت "مايكروسوفت" في إلغاء آلاف الوظائف، وانضمت إلى "ميتا"، و"أمازون". والركود الاقتصادي العالمي يتوقف علي عدة مؤشرات، منها انخفاض متوسط نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم وضعف الإنتاج الصناعي، والتجارة، وتدفقات رأس المال، واستهلاك النفط، والبطالة. يذكر أنه خلال ال 100 عام الماضية، لم يمر العالم الا بما يعرف ب "الكساد الكبير" أو "الانهيار الكبير" وهي أزمة اقتصادية حدثت في عام 1929 واستمرت حتى عام 1933، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة في واشنطن، وفي الفترة من عام 2007 إلى عام 2009، كان الكساد الاقتصادي.