ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة الجمعة "بمسجد مؤسسة الأهرام" بمحافظة القاهرة اليوم 2/ 12/ 2022م، تحت عنوان: "حق الزمالة والجوار"، وذلك بحضور كلا من: عبد المحسن سلامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، و علاء ثابت رئيس تحرير صحيفة الأهرام، وماجد منير رئيس تحرير صحيفة الأهرام المسائي وبوابة الأهرام الإلكترونية، ومحمد نوار رئيس الإذاعة المصرية، والدكتور سعيد غنيم مدير عام مؤسسة الأهرام، والمهندس وحيد أسعد مدير عام شئون المباني بمؤسسة الأهرام. وفي خطبته أكد وزير الأوقاف أن أمة بلا قيم هي أمة بلا حياة، وأنه لا حياة لأمة بلا قيم ولا أخلاق، فالقيم والأخلاق ميزان استقامة الأمم، والدين قائم على التراحم لا الأنانية، مشيرًا إلى أن قيمة الوفاء ورد الجميل من أعظم القيم الإنسانية، وأن حق الزمالة والجوار حق عظيم. وأوضح "جمعة"، أن الحضارات التي لا تبنى على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها، يقول الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وبانعدام الأخلاق ينعدم الأمن النفسي والمجتمعي، وضعف القيم والأخلاق يعنى حالات متعددة من التوتر الأمني والنفسي والمجتمعي، ولذا عُني الإسلام بالأخلاق عناية بالغة ولخص النبي (صلى الله عليه وسلم) أهداف رسالته بقوله: "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ"، فمع أهمية العبادات والشعائر الأخرى لم يقل (صلى الله عليه وسلم) بُعثت لأعلِّم الناس الصلاة أو الصيام أو الزكاة وإنما قال: "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ". ومن هذه المكارم ما ذكره الحق سبحانه وتعالى في قوله: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا"، فقد بدأ النص القرآني بتوجيه عام بتوحيد الله (عز وجل)، ثم اتجه لمنظومة القيم، مؤكدًا على حق الوالدين وحق الجوار بكل أبعاده. وتابع مردفًا: الإسلام يوصي خيرًا بكل من بينك وبينه صلة، سواء في دراسة أم عمل أم زمالة أم غير ذلك، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "ما زال جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظننتُ أنه سيورِّثُه"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره"، والأمر هنا يشمل جميع أنواع الجيرة والزمالة. كما أوضح أن من أهم حقوق الجيران والزمالة كف الأذى، فالحد الأدنى إن أنت لم تنفع فلا تضر، يقول (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ الناسِ مَفَاتِيحَ لِلشرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشرِّ عَلَى يَدَيْهِ" فإن أنت لم تنفع فعلى الأقل لا تضر بأي نوع من أنواع الأذى، فالحق الأول هو كف الأذى، أما الحق الثاني هو احتمال الأذى؛ يقول الحسن البصري: "ليس حسن الجوار كف الأذى، وإنما حسن الجوار الصبر على الأذى"، ويقول سبحانه: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"، أما الحق الثالث فهو حسن العشرة وحسن المعاملة وقضاء الحوائج، يقول الشاعر: إِنَّ أخاكَ الحَقّ مَن كانَ مَعَك وَمَن يَضِرُّ نَفسَهُ لِيَنفَعَك وَمَن إِذا ريبَ الزَمانُ صَدَعَك شَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمَعَك إن الصديق الحقيقي إذا غاب تشعر أن جزءًا منك ليس فيك، ليس كهؤلاء الذين هم كالذباب الذي لا يقع إلا حيث يكون العسل، يماسحك أحدهم كما يماسحك الثعبان، ويقبع منك كما يقبع القنفذ، ويراوغك كما يراوغك الثعلب، فهؤلاء لا تجدهم إلا على أطراف مصائبك، فليسوا من الأصدقاء ولا من الوفاء في شيء. وثالث الحقوق حسن العشرة والعمل على قضاء الحوائج ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، يقول الشاعر: الناس للناس مادام الوفاء بهم والعسر واليسر أوقات وساعات لا تقطعن يد المعروف عن أحد ما دمت تقدر والأيام تارات وأكرم الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات واذكر فضيلة صنع الله إذ جعلت إليك لا لك عند الناس حاجات فمات قوم وما ماتت فضائلهم وعاش قوم وهم في الناس أموات وتلك الأيام نداولها بين الناس وأكد وزير الأوقاف في خطبة الجمعة، أن حق الجار والزمالة حق عظيم، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ"، أي الذي لا يطمئن جاره إليه ويخشى أذاه، وسأل رجُلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ متى أكونُ مُحسِنًا ؟ قال: "إذا قال جيرانُك: أنتَ مُحسِنٌ فأنتَ مُحسِنٌ وإذا قالوا: إنَّك مُسيءٌ فأنتَ مُسيءٌ". ثم إن الناس في رد الجميل وفي الزمالة على قسمين، قسم نفَّر العلماء والأدباء والشعراء منهم وهم الذين ينكرون الجميل، ويصدق فيهم قول الشاعر: أعلِّمه الرمايةَ كلَّ يومٍ فلما اشتدّ ساعدُه رماني وكم علّمتُه نظْمَ القوافي فلمّا قالَ قافيةً هجاني فديننا وقيمنا على العكس من ذلك، وقد ضرب الرسول (صلى الله عليه وسلم) أروع الأمثلة في الوفاء ورد الجميل، حيث كانت أم أيمن حاضنته بعد وفاة أمه، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول عنها: "هي أمي بعد أمي"، وكذلك السيدة فاطمة بنت أسد زوج عمه أبي طالب قال عنها (صلى الله عليه وسلم): "لم نلق بعد أبي طالب أبرَّ بي منها"، ولما ماتت فعل معها ما لم يفعله مع أحد من أبنائه، حيث كفنها في قميصه، فلما جاءوا بها قال: تمهلوا، واضطجع النبي (صلى الله عليه وسلم) في قبرها، وكذلك قال (صلى الله عليه وسلم) في حق صاحبه أبي بكر (رضي الله عنه): "إنَّ أمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبو بَكْرٍ"، ويقول: "ما لِأَحدٍ عندَنَا يَدٌ إلَّا وقَدْ كافأناهُ، ما خلَا أبا بكرٍ، فإِنَّ لَهُ عِندنَا يَدًا يُكافِئُهُ اللهُ بِها يَومَ القيامَةِ، ومَا نفَعَنِي مَالُ أحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعِني مالُ أبي بِكْرٍ، ولَوْ كنتُ متخِذًا خَلِيلًا، لاتخذْتُ أبا بكرٍ خلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ صاحبَكُمْ خليلُ اللهِ"، فانظر إلى عظمة هذا الوفاء، ولما وقعت ابنة حاتم الطائي في الأسر قالت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم): كان أبي يَفُكُّ العانِي، وَيَحْمِي الذِّمارَ، ويُقْرِي الضَّيفَ، وَيُشْبِعُ الجائِعَ، وَيُفَرِّجُ عن المكروبِ، ويُطْعِمُ الطعامَ، ويُفْشِي السلامَ، ولم يَرَدَّ طالبَ حاجةٍ قطُّ، فقال (صلى الله عليه وسلم): "هذه خصال المؤمن، خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، وإن الله يحب مكارم الأخلاق"، فأكرمها النبي (صلى الله عليه وسلم) لما كان من حسن خلق أبيها على جاهليته، فالوفاء الوفاء، الوفاء للزملاء، والوفاء للأساتذة والمعلمين، ولمن أحسنوا إلينا، وللجيران، فلو طبقنا هذه القيم لاستقرت حياتنا وعمتها السكينة. جاء ذلك في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ومحاربة الأفكار المتطرفة، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة. 03F1F044-AD56-4119-8CD2-6B1FC227D340 D3C61C28-1D41-4E5D-A578-CE8D28F49CA3 744A5433-430C-4605-BDAB-15AFB61E64FA E67C910B-73D5-4528-B4F9-51D5D1ACA148 DD6AD378-EFB9-487F-BA43-EC8546126DF8 40602C54-76C5-4A21-90AA-6821752EFF60 AE34EE0E-3A00-4113-BDE5-8BF6540FA4E5 258B3E0B-28DE-4213-9270-F5A90E487E6C 09C044AF-CA9A-48F2-A347-DDF5945410E9 EE2B65FE-AE68-4174-AC49-F31D23520033 0985C129-57D2-41BD-A51D-A3148521AB3D 99860F31-A63C-424F-86BC-9BBA98863102 6157E8E3-A1C1-4064-87FD-940E824918F2 8D2EA6BC-E415-42FA-B6CA-98EBC3EB0DD8 CA8D4364-25B4-4F39-BC13-F9CE10222E82 43B6C762-28C1-42C2-9153-CE9F4BC51C35 DD687D23-0295-47E2-BE78-75AABE3328D7 F7AEE098-B5C4-4DB4-B4D0-486BBD408185 B6991474-9458-43B7-B020-C6813A0413BD 070650DB-C7E2-4A79-A8E0-FCA4B1E4A917 723341AF-3EE2-4C92-9AD5-9789CF505DF3 B8C8E616-0878-4EC8-AC70-917D3D4B8F53 EC82DED0-01DB-40DE-832D-99C3CC1FD9C3 A7FCBF47-FB79-4BE9-9168-6A83E951FD91 9EB30E6A-E03D-4493-BBB8-CB61CB8338BF 6D8405DF-B5D6-4BC2-9420-CF39F8D7DB1D 555A28AD-3743-42FD-9BB7-65AC40CAB0EC FD81F3E5-D15B-4CBC-B705-A9ACA6673CA2 57D412EA-08E8-41AB-A434-47863EFE27BF 6202BE37-577A-4C38-9A6B-8E9C1B042063 E40C83E3-9153-49EF-8928-64064AFF36EE E33231C1-5200-4137-898C-7809C20E171B 446496A4-5B6D-46CE-81EB-DDDB71050F71 B8CF281A-405D-4AE4-91A5-AE74C373B668 5B531650-755C-4038-A799-5DDDABA9181F F4ACF37D-2C4E-40A0-A092-57626AD6A344 5B26BEDC-FF32-4295-9B20-606A29801131 33756DB5-4981-4A4F-B406-FFA10423A33C 7E8B1625-8A34-4566-8C87-56F57A7058D6 4C686272-FD71-4F6C-8348-19D7AD763EDF 91FFF24C-0795-4ADF-B38C-9B558642789F 4B062B02-8C39-4C84-B780-2D866EF97912 FFD9A567-2E92-415A-B1E1-EB251C913650 1527F292-1505-499D-8D85-FD562E7D38F4 B45AD527-6BD4-4713-A630-1C9D77FDA4B6 E6799DCD-64F9-4444-84E9-3621A4023FDD 2CDA286F-1A8A-4FBA-9448-CBB66393AE3A BD44A92B-666C-434F-B830-8DFBD0580135