تبلغ قيمة الديون الخارجية لمصر، وفقا لبيانات البنك المركزي خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي «2020 2021»، 129٫195 مليار دولار، مقابل 125٫337 مليار دولار في الربع الأول. البيانات تقول إن الدين طويل الأجل، زاد بنحو 3٫7٪ ليسجل 117٫2 مليار دولار، مقارنة ب113٫014 مليار دولار في الربع الأول، كما تراجع الدين قصير الأجل في الربع الثانى بنسبة 2٫96٪، ليبلغ 11٫958 مليار دولار مقابل 12٫323 مليار في الربع الأول، إذن أمامنا نوعين من الديون، ديون قصيرة الأجل ذات فائدة مرتفعة وديون قصيرة الاجل ذات فائدة أقل. في فترة من الفترات كانت الدولة مجبرة على الحصول على قروض قصيرة الأجل، بمعني أن تسدد خلال عام واحد، ونظرا للاحتياج كانت تحصل عليها بفائدة مرتفعة، الآن تحاول من خلال إجراءات مالية أن تحول الديون قصيرة الأجل إلى ديون طويلة الأجل بفائدة أقل، بمعني اقتراض بفائدة منخفضة، وعلي عدد سنوات أطول تسدد بجزء منها الدين القصير ذو الفائدة المرتفعة. تقديرات لجولدمان ساكس، وهي مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أمريكية كبرى، أن إصدار الديون السيادية في الأسواق الناشئة في عام 2021 قد يصل إلى نحو 140 مليار دولار، أي نفس المستوى في العام الجاري تقريبا، مع تعويض فورة من مبيعات السندات ذات العائد المرتفع أثر تباطؤ في إصدارات الفئة الجديرة بالاستثمار. وقال البنك إنه في ظل تزايد الحاجة إلى التمويل نتيجة لجائحة كوفيد-19، سارعت الدول التي تحظى بتصنيف في الفئة الجديرة بالاستثمار لإصدار سندات، مما رفع مبيعات الديون السيادية في الأسواق الناشئة منذ بداية العام إلى 145 مليار دولار، عند أعلى مستوى من النطاق التاريخي، ومصر من الدول المصنفة كدولة جديرة بالاستثمار. بينما الدول التي تواجه خطر التخلف عن سداد ديونها، وجدت صعوبة أكبر في دخول السوق، وهو ما تبين من تأجيل صندوق الاستثمار السيادي التركي ونافتوجاز الأوكرانية، بيع السندات بسبب صعوبة الحصول على مشتريين. وزير المالية محمد معيط، أعلن الثلاثاء الماضي إن مصر تتوقع أن يكون دينها المحلي مؤهلا للمقاصة الأوروبية ومفتوحا أمام عدد أكبر من المستثمرين الأجانب بحلول نوفمبر، حيث وقعت مصر في 2019 اتفاقا للربط عبر الحدود مع يورو-كلير، أكبر دور المقاصة الأوروبية لتسوية معاملات الأوراق المالية. وقال معيط في كلمة أمام غرفة التجارة الأمريكية، إن مصر تتوقع أيضا الانضمام إلى مؤشر جيه.بي مورجان للسندات، وهو ما قد يدعم سوقها للسندات بالعملة المحلية. وعرض معيط تفاصيل إستراتيجية مصر لإدارة الدين، والتي تشمل خفض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 6.9 بالمائة بحلول 2023-2024، من 8.8 بالمائة في السنة المالية الحالية. وتراهن وزارة المالية على اتفاقية بنك يورو كلير لرفع كفاءة إدارة الدين العام بالموازنة، بما يتيح توسيع قاعدة المستثمرين الأجانب المتعاملين على أدوات الدين الحكومية المطروحة عن طريق منصة يورو كلير، وهو ما يسمح للسوق بالحفاظ على حجم كبير من السيولة النقدية، والحد من تكلفة الاقتراض، وبالتالي خفض العائد الخاص بفاتورة الدين، وزيادة السيولة المحلية للأصول. هذه التصريحات الإيجابية حاول البعض أن يحولها إلى نقاط سلبية ويصور الامر وكأن مصر تبيع ديونها للأجانب، وأن الأمور قد تتطور وترهن اصول صندوقها السيادي، وهي اتهامات من نوعية الأمنيات التي لا تتواجد إلا في عقل وقلب كاره للدولة ومتمني سقوطها، خاصة أن الاقتصاد المصري دائم الحصول على اشادة من المؤسسات المالية العالمية رغم ازمة كورونا، ورغم حالة الاقتصاد العالمي التي تؤثر بالسلب على كل الاقتصادات الناشئة. فبعد أن كانت المتغيرات الخطرة على الاقتصاد المصري محلية مثل (التضخم وتوفير الدولار وجذب استثمارات وخفض عجز الموازنة)، انضم متغيران عالميان للتأثير بشكل مباشر في صنع القرار الاقتصادي، تمثلا في ارتفاع أسعار النفط، وأزمة الأسواق الناشئة، التي قرر معها المستثمرون الأجانب بدء موجة تخارج. يتبقى مجموعة مبادئ اقتصادية مهمة لها علاقة بالدين اولها ان إقبال دول العالم على شراء سندات الدين المصري تعكس ثقة المستثمرين في العالم والمؤسسات الاقتصادية الدولية الكبرى، خاصة أن هذا الاقتصاد حقق ما يشبه المعجزة، بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي. كما أن زيادة الدين طويل الأجل وانخفاض الدين قصير الأجل، مؤشر جيد جدا، باعتبار أنه يؤكد عدم وجود خطورة حاليا للديون الخارجية، لأن معظمها يحين موعد سداده بعد فترة طويلة، مقارنة بالديون قصيرة الأجل. إضافة إلى أن الحكومة بدأت بتسعير السلع والخدمات بأسعارها الحقيقية تدريجيا، وأنها أصدرت قرارات واضحة بعدم الاقتراض، إلا إذا كانت هناك رؤية واضحة لكيفية السداد، وأن هناك لجنة حكومية يرأسها رئيس الوزراء، للموافقة على أى قرض، ولا يتم ترك ذلك لأهواء، كما إن حجم الديون مقارنة بالناتج المحلى لاتزال في الحدود الامنة.