أقامت إدارة الثقافة العامة بفرع الفيوم الثقافي الأمس السبت ندوة فكرية بعنوان: "تاريخ الفيوم الثقافي: رموز وأحداث"، استضافت اربعة من رموز الثقافة في الفيوم في مجالاتها المختلفة وهم: النائب البرلماني والخبير القانوني د."محمد طه عليوه"، والمخرج والنجم المسرحي والتلفزيوني "عزت زين"، والفنان التشكيلي والأكاديمي د."محمد فكري"، والقاص والناقد الأدبي "عويس معوض". أدار الندوة الكاتب "عصام الزهيري" الذي أكد في بدايتها على أهمية تواصل جهود رصد وتوثيق أحداث تاريخ الفيوم الثقافي وجهود وإنجازات رموزها المهمة، في سياق تأسيس وعي ثقافي عام يهيئ المناخ ويفتح الطريق لحركة ثقافية وفنية وأدبية وفكرية نشطة وفعالة في مواجهة ثقافة التطرف والعشوائية، وفي إرساء ركائز الدولة الوطنية المدنية الحديثة، وغرس قيم الحداثة والتنوير والتنوع والتعددية، كما أعرب عن فخره بقدرة الحركة الثقافية في الفيوم على إبراز كوادر ثقافية متميزة ومشتهرة في كافة المجالات. المخرج والفنان المسرحي "عزت زين" تحدث في كلمته عن بدايات المسرح في الفيوم منذ عقد الثلاثينات، أيامها انتشرت الفرق المسرحية في الاحياء والقرى بشكل كثيف، وعرفت الفيوم عددا متميزا من الفرق الاحترافية واستضافت عروضا مسرحية لأهم فرق المسرح المصري. وتحدث البرلماني د."محمد طه عليوه" عن النشاط الثقافي الذي ازدهر في الفيوم خلال النصف الثاني من القرن العشرين بالتوازي مع زخم من النشاط السياسي يساري الطابع، فكانت تقام عروض السينما والمسرح وامسيات الشعر ومعارض الفنون التشكيلية في قصر الثقافة وعلى مسرح مجلس المدينة، وقال إن هذه الحالة الثقافية الحيوية استمرت رغم القبضة الأمنية المتشددة لكن جرى تصفيتها بيد التيارات الدينية المتشددة، وذكر أنه خلال عرض مسرحي بعنوان "ومنين نجيب ناس" قام متطرفون إسلاميون بالهجوم على المسرح وترويع الممثلين باستخدام العنف والقاءهم خارج المسرح بالقوة ثم قام خطيبهم الملتحي بإلقاء خطبة على جمهور العرض الذي أصيب بالفزع قائلا: "قالوا: منين نجيب ناس؟ فجئناهم بأحسن الناس"!!. وعلق على الحادث الغريب بقوله: اليوم ورغم الحالة الأمنية المستقرة وعدم وجود قبضة أمنية تحول دون النشاط الثقافي إلا أن الناس منصرفة عن الثقافة لأسباب كثيرة، ولا يزال هناك الكثير من الجهود التي يجب ان تبذل في ميادين الثقافة والسياسة حتى يمتلأ الفراغ الذي يؤدي وجوده إلى ظواهر الإسلام السياسي والتطرف والتدين المتشدد. التشكيلي د."محمد فكري" تناول في كلمته جهود الاجيال المبكرة من الفنانين التشكيليين في الفيوم، والضربة التي تلقتها الحياة الفنية في المحافظة بعد استشهاد اثنين من أعمدتها في حرب أكتوبر ورحيل الثالث منتحرا في نفس العام، وذكر أن قصر ثقافة الفيوم القديم رغم انه كان مبنى متهالكا لكنه كان بيتنا الفني الحقيقي الذي شهد أروع عطاءات فناني الفيوم واحتضن احلامهم، وعزى ازدهار الحركة التشكيلية في الفيوم خلال مرحلة الثمانينات والتسعينيات إلى احتضان الفنانين من قبل إداريين أكفاء في قصر الثقافة وفي مديرية الشباب والرياضة. ووعد "فكري" في نهاية كلمته بأن يقوم بتوثيق أعمال وحياة فناني الفيوم في كتاب له يصدر مستقبلا للإسهام في رفد الحركة الفنية ووصل فناني الفيوم بجذورهم وتاريخهم. القاص والناقد "عويس معوض" بدأ كلمته بالقول أننا في الفيوم لدينا أدباء عظام وليس لدينا حركة أدبية عظيمة، وأن جيله الذي حمل لواء الكتابة الشعرية والقصصية والروائية الحداثية أتى في أعقاب الجيل الاول من الأدباء التقليديين، ولم يخض الجيلين معركة فيما بينهما كما هو مألوف لكن جرى تجاور وتغير في الذائقة وأساليب التعبير بسلاسة، وكان الادباء يقتطعون من نفقاتهم الشخصية ليقيموا نشاطهم الأدبي والثقافي المتنوع، وكنا نجسم رؤانا الثقافية في أشكال الفنون المتنوعة ونقدمها لجمهور شغوف ومتعطش للشعر والادب والثقافة، لكن الخلل الذي أدى إلى تفريغ الحركة الأدبية في الفيوم كان تداعي الخلافات الشخصية بين الادباء والمثقفين، وتحولها إلى تطاحن شرس جعل المناخ طاردا للأدباء ومؤديا لعزلتهم بشكل عام. بعد ذلك انتقلت الندوة إلى مداخلات المشاركين وإسهامهم في نقاش تحول من تاريخ العمل الثقافي إلى البحث عن انطلاقة جديدة تهيأ المناخ لحيوية ثقافية لقادرة على النهوض بثقافة المواطن الفيومي وتفعيل الدور الثقافي لمثقفي وفناني الفيوم بالتعاون المثمر مع المؤسسات الثقافية. شارك في النقاش والمداخلات الاساتذة: "مجدي ياسين"، و"سحر الجمال" مسئولة إدارة الثقافة العامة، و"إيمان هيبة" مديرة إدارة الشئون الثقافية، والقانوني والاديب "محمد الليموني"، و"محمد صلاح" و"محسن صبري"، والادباء: "عبدالكريم عبدالحميد" عميد شعراء العامية في الفيوم و"كريم سليم" رئيس نادي الادب، والقاص "إبراهيم المطولي".