شاهدان أساسيان تحدثاعن مذبحة القلعة، الأول طبيب محمد علي باشا وهو «ماندريشي»، وهو إيطالي الجنسية، والآخر هو «أمين بك» أحد المماليك أما الأول فقد كان بصحبة محمد علي باشا في قاعة الحكم في ذلك اليوم الدموي، وقدوصف ذلك اليوم بقوله: «كان محمد علي باشا جالسا في قاعة الاستقبال ومعه أمناؤه الثلاثة، وقد ظل في مكانه هادئا إلي أن بدأ الموكب يتحرك واقتربت اللحظة الرهيبة فساوره القلق والاضطراب، وساد القاعة صمت عميق،إلى أن سمع إطلاق أول رصاصة، وكانت إيذانا ببدء المذبحة، فوقف محمد علي وامتقع لونه، وعلا وجهه الاصفرار، وتنازعته الانفعالات المختلفة، وظل صامتا لا ينبس بكلمة، إلي أن حصدالموت معظم المماليك، وأخذصوت الرصاص يتضاءل...» هذا ما رآه الطبيب ماندريشي الذي دخل علي الباشا وقال له: «لقد قضي الأمر واليوم يوم سعد لسموكم» فلم يجب محمد علي باشا، وطلب قدحا من الماء فشربه جرعة طويلة. أما الشاهد الثاني فهو «أمين بك»، الذي كان فوق صهوة جواده في آخر صفوف المماليك، والذي ما إن سمع طلقات النار تنهال من كل جانب وصار الموت محيطا به وكان في آخر ضفوف المماليك حتي صعد بجواده إلي المكان المشرف علي الطريق، وبلغ سور القلعة،و لم يجد مفرًا إلا أن يقفز بجواده من أعلي السور، فلما شارف الجواد علي الوصول إلي الأرض قفز من فوقه وهرب باتجاه الصحراء، وتنكر إلي أن وصل لسوريا وهناك عرفوه. وكان محمد علي باشا حين ضاق ذرعا بالمماليك وفشلت كل محاولاته في استئصال شأفتهم دبرلهم هذه المذبحةالتي كانت «زي النهاردة» في أول مارس عام 1811.