(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ * ) سورة محمد من 1الى اية 3 افتتاح يمثل الهجوم بلا مقدمة ولا تمهيد ! وإضلال الأعمال الذي يواجه به الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله . سواء صدوا هم أم صدوا وصدوا غيرهم - يفيد ضياع هذه الأعمال وبطلانها . ولكن هذا المعنى يتمثل في حركة . فإذا بنا نرى هذه الأعمال شاردة ضالة ، ونلمح عاقبة هذا الشرود والضلال ، فإذا هي الهلاك والضياع . وفي الجانب الآخر : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم ) .. والإيمان الأول بما نزل على محمد . ولكن السياق يبرزه ويظهره ليصفه بصفته : ( وهو الحق من ربهم ) ويؤكد هذا المعنى ويقرره .. وهؤلاء : ( كفر عنهم سيئاتهم ) .. في مقابل إبطال أعمال الذين كفروا ولو كانت حسنات في شكلها وظاهرها .. فإن السيئة تغفر للمؤمنين . . ( وأصلح بالهم ) .. وإصلاح البال نعمة كبرى تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر .. ومتى صلح البال ، استقام الشعور والتفكير ، واطمأن القلب والضمير .. ورضيت النفس.. وماذا بعد هذا من نعمة أو متاع ؟ . ولم كان هذا وكان ذاك ؟: ( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) .. والباطل ليست له جذور ومن ثم فهو ذاهب هالك ؛ وكل من يتبعه ذاهب هالك كذلك . ولما كان الذين كفروا اتبعوا الباطل فقد ضلت أعمالهم ، ولم يبق لهم منها شيء ذو غناء . والحق ثابت تقوم عليه السماوات والأرض .. ومن ثم يبقى كل ما يتصل به ويقوم عليه . ولما كان الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ، فلا جرم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم . ..( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) . وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم