وما زلنا في ملاعب كرة القدم نتحدث عن أساطيرها ونجومها داخلها وخارجها، وهذه المرة عن لاعب أسطورى آخر هو الطبيب البرازيلى «سقراط»، حكيم الملاعب وإن حاز اسمه قدرا ليس قليل من المعلم والفيلسوف اليونانى «سقراط الأول». الدكتور والكابتن سقراط طبيب الأطفال الشيوعى عاشق الحرية والديمقراطية وكرة القدم وهو مايسترو خط الوسط وعميد منتخب البرازيل في فترة الثمانينات. يقول موقع أخبار كرة القدم: في علم الفلسفة يعتبر اسم سقراط رمزًا كبيرًا للعلماء ويعتبرونه المرجع الأول لهم، لكن في كرة القدم الأمر مختلف، فهنالك «سقراط» آخر ترعرع في البرازيل، تحديدًا في مدينة ساو باولو. «سقراط» كرة القدم هو سقراط برازيليرو سامبايو دى سوزا فييرا دى أوليفيرا، ويعتبر لاعبا أسطوريا في موطنه البرازيل وغيرها من بلاد العالم. لعب سقراط كرة القدم خلال الفترة من عام 1974 حتى عام 2004. وخاض سقراط في مسيرته على مستوى الأندية المحلية والدولية 640 مباراة وسجل خلالها 292 هدفا، بينما لعب لمنتخب البرازيل من عام 1979 حتى عام 1986 وشارك في 60 لقاء وأحرز 22 هدفا. وتوج اللاعب البرازيلى مع الأندية التى لعب لها بالعديد من البطولات والألقاب. وفى نفس الوقت حاز سقراط على العديد من الجوائز الفردية مثل أفضل لاعب جنوب أمريكى في عام 1983 ودخل تشكيلة الفيفا لأفضل 11 لاعبا في العالم عام 1982، وتم وضع اسمه في قاعة المشاهير ببلاده وصنف ضمن أفضل 125 لاعبا على قيد الحياة في وقت سابق وأفضل 61 لاعبا في القرن العشرين. كان سقراط مبهرا لكل أجيال كرة القدم وهنالك العديد من الأقاويل والإشادات التى تحدثت عنه، وأبرزها: الأسطورة البرازيلية بيليه: «سقراط من أفضل 100 لاعب في تاريخ كرة القدم». الإيطالى دينو زوف: «هو لاعب بطىء وسريع في وقت واحد، لا أعرف كيف ذلك !». زيكو: «سقراط لاعب فريد من نوعه». باولو روسى: «في زمننا كنا نعتبره من زمن آخر» لم تقتصر حياة سقراط على كرة القدم فقط، فهو بالأصل طبيب أطفال، انتهى من دراسته الجامعية في سن 24 عامًا وتوجه إلى كرة القدم ثم مارس المهنة بعد اعتزاله الكروى. ولد سقراط في 19 فبراير عام 1954، في منطقة بيليم في ولاية بارا، في البرازيل، أطلق عليه والده هذا الاسم لأنه كان متحمسًا جدًا للأدب وكان يقرأ جمهورية أفلاطون، في وقت ولادة ابنه. ومنذ بدايته في عام 1974 كان لاعب محترفا ومنفردا بطريقته، وبالرغم من أنه كان كثير الانشغال في دراسته ولا يستطيع إعطاء الكرة الكثير من وقته إلا أن مدربه في تلك الفترة كان حريصًا على وجوده في أغلب المباريات لقوته وقدرته في الملعب. في عام 1977، استأجر بوتافوجو المدرب خورخى فييرا، الذى وصل إلى النادى لإعطاء الرسالة: «اللاعب الذى لا يتدرب، لا يلعب». اعتقد سقراط أنه لن يلعب كرة القدم بعد الآن، لكن جورجى فييرا، أدرك موهبة سقراط، ومنحه معاملة مختلفة حتى ظهر في المنتخب البرازيلى لأول مرة في عام 1979. في بداية الثمانينيات تشكل حزب العمال الذى كان أحد قادته الرئيس البرازيلى السابق لولا دا سيلفا والصديق المقرب من سقراط، والذى أسس في تلك الفترة شعار كورينثيانز «صوت من أجل الانتخابات» بصحبة العديد من الناشطين السياسيين داخل الفريق الرياضى أو من مشجعيه، وكانت حركة مدنية أطلقوا عليها «صوت الآن». أجبرت هذه الحركات والمطالبات المجلس العسكرى على إجراء استفتاء شعبى من أجل الرئاسة، وخلال تجمع حاشد في عام 1984 اجتمع فيه 1.5 مليون شخص خرج سقراط على الملأ وطالبهم بالتصويت، في تلك الأثناء انتشرت أخبار تتحدث عن انتقاله إلى إيطاليا من أجل اللعب مع فيورنتينا، خرج إلى الجمهور وهددهم إذا لم يصوتوا سيغادر البرازيل وإن استطاعوا تغيير النظام العسكرى سيبقى في ساو باولو. لكن عملية انتقاله إلى فيورنتينا كان قد انتهيت حتى قبل تحدثه إلى الشعب البرازيلى. إلى أن رحلته في إيطاليا لم تدم طويلًا بسبب عدم تأقلمه مع أجواء الكرة الإيطالية، أو لأن إيطاليا لم تلائم شخصيته الرياضية الغريبة، بسبب إفراطه في التدخين وشرب الكحول الذى لا تتناسب مع الضوابط الصارمة هناك، ولم تناسب فلسفة سقراط في كرة القدم التى تعتمد على مصطلح اللعبة الجميلة، وعاد إلى موطنه ليلعب لدى أفقر وأصغر الفرق البرازيلية تعبيرا منه على مواقفه وقناعاته الثورية. كان «سقراط» كاتب عمود في مجلة Carta Capital وصحيفة Agora São Paulo ومعلقًا رياضيًا لبرنامج TV Cultura›s TV Cultura. كما سجل في عام 1980 موسيقى LP من الموسيقى الريفية تدعى House of Caboclo، مع توزيع 50.000 نسخة. في عام 1982، شارك في تسجيلات LP Aquarela، من قبل المغنى Toquinho.، في عام 1983، وكان سقراط منتج المسرحية «في قطعة عطر كاميليا» مع الممثلة ماريا إيزابيل دى ليزاندرا. في عام 1979، شارك مع زميله البرازيلى وصديقه زيكو في مشاركة خاصة في التيلنوفيلا البرازيلى فيخاو مارافيلها، من ريد جلوبو، حيث قام بالبطولة مع الممثلين إيفون كورى، جراندى أوتيلو وأولنى كازارى. وفى عام 1992، افتتح مركز سقراط للطب في ريبيراو بريتو، باستثمار قدره 300000 دولار، وهى عيادة طبية مصممة لمعالجة المحترفين من مختلف اللعبات الرياضية إلى جانب المرضى العاديين. في عام 2011 ساءت صحة سقراط بسبب ادمانه على الكحول والسجائر ودخل العناية المركزة في مستشفى ألبرت أينشتاين، وعانى من نزيف في الجهاز الهضمى ومشكلات في الكبد. وفى الرابع من ديسمبر 2011 رفع البرازيل الأعلام السوداء حدادًا على وفاة الدكتور والسياسى والأسطورة الكروية البرازيلية عن عمر يناهز 57. قال الرئيس البرازيلى عنه في خطاب علنى: «لم ينصف الإعلام الرياضى العالمى سقراط لا لسبب إلا لكونه ماركسيا وانحيازه المطلق للفقراء وهموم الجماهير، ونحن البرازيليين نعلم علم اليقين أن لعب سقراط في الميدان وأخلاقه الثورية أكبر من كل لاعبى كرة القدم مجتمعين». وانتهت حياة لاعب أسطورى برازيلى كاد أن يكون الأفضل في تاريخ كرة القدم.