يقول الكاتب إيهاب شام في كتابه " الجمهورية الغائبة.. التاريخ الحي للثقافة الجماهيرية"، والصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، إن الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق في عهد الراحل عبدالناصر، عندما تم تعيينه في هذا المنصب، ومع اول لقاء له مع الرئيس، بيَن له إيمانه الشديد بأهمية الثقافة في تطوير المجتمع وإصراره على أن يحقق لثروت حلمه الثقافي الذي كان دائم الترديد له، والذي ذكَره به عبدالناصر، ويقوم في الأساس على اتساع المتعة الثقافية بدلا من احتكارها في رقعة ضيقة يستمتع بها الأثرياء فقط دون طبقات المجتمع الأخرى من الشعب، وأن تخرج الثقافة من أسوار القاهرة والإسكندرية لتصل إلى القرى والنجوع. ويوضح إيهاب شام في هذا الكتاب أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قد استعان بثروت عكاشة ليتولى مسئولية وزارة الثقافة لتحقيق الهدف المنشود وهو الارتقاء بالثقافة، وعلى هذا وضع الدكتور ثروت عكاشة الأديب سعد كامل في منصب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة والتي كان يطلق عليها " الثقافة الجماهيرية ". وعمل على تنشيط الحركة الأدبية في المحافظات واذكاء روح البحث والابتكار وتبني الأفكار المستحدثة وتشجيع الدراسات الحرة والاهتمام بنشر الثقافة المسرحية بين الجماهير والإشراف الفني على النشاط المسرحي بالمحافظات ودراسة الفن الشعبي بمدلوله الواسع من ادب ومأثورات شعبية وزخرفية وفنون صناعية شعبية وغناء ورقص وموسيقى في كل بيئة. الفنان التشكيلي الكبير عز الدين نجيب، ذكر أيضا في حديث له مع "البوابة": أن الثقافة كانت على رأس أولويات نظام ثورة يوليو بشقيها الرأسي والأفقي، فالرأسي يتمثل في الاهتمام بمجالات الإبداع الرفيعة كالأدب والموسيقى والباليه والسينما والمسرح والفنون التشكيلية، ورعاية المبدعين فيها وبناء المعاهد والمؤسسات الحاضنة لها، ومن أمثلة أوعية الاحتضان والرعاية: إنشاء المجلس الأعلى للفنون والآداب وأكاديمية الفنون وهيئات السينما والمسرح والكتاب والمتاحف الأثرية والفنية وقاعات العرض التشكيلية وإلخ. أما أفقيا فتمثل اهتمامها في بناء قصور الثقافة على مستوى كل المحافظات، ونشر المكتبات وعروض المسرح والسينما ومهرجانات الفنون الشعبية ومراكز الحرف التقليدية وجمع السير والموسيقى وفنون الشعب بأنواعها وتوثيقها حفاظا عليها من الاندثار.