يوافق اليوم 25 أغسطس ذكرى رحيل الفيلسوف الألماني فريدريش فيلهيلم نيتشه، عام 1900، والذي على قدر ما تعمق في الفلسفة والقيم الإنسانية، لكنه واجهها حتى أصيب بالجنون وأمضى سنواته الأخيرة في مصحة عقلية. درس نيتشه التاريخ، وفي مرحلة مبكرة بدأ يتذمر على الخصائص الرئيسية للثقافة الأوروبية في القرن التاسع عشر، والتي وصفها ب"المنحطة"، ويعني بذلك الانحطاط الناتج عن التأثير السلبي للكنيسة المسيحية، لأنه يرى أنها وضعت بعض القيم التي اقتنع أن من شأنها تقويض وتدمير الروح البشرية كالرحمة والشفقة لأنها تغرس ضعفا داخل الناس وتجعلهم يعيشون بطريقة غافلة وغير مبدعة، والتي يرى أنها تعيق النمو الأساسي للروح البشرية. كذلك يعتبر نيتشه المؤسس الحديث لمذهب العدمية والذي يفيد بعدم وجود حقائق أبدية ولا هدف أبدى ولا وجود لمعنى أو مغزى مطلق للوجود البشري. يُعدّ كتاب "هكذا تكلم زرادشت" أهم كتب نيتشه والذي تحدث فيه عن حكيم إيراني قديم، الذي نزل من محرابه في الجبل بعد سنوات من التأمل ليدعو الناس إلى الإنسان الأعلى وهو إنسان قوي التفكير والمبدأ والجسم.. إنسان محارب، ذكي، والأهم شجاع ومخاطر. ويبقى اسم نيتشه كواحد من أعمدة النزعة الفردية الأوروبية، حيث أعطى أهمية كبيرة للفرد؛ واعتبر أن المجتمع موجود ليخدم وينتج أفرادًا مميزين وأبطالًا وعباقرة، ولكنه ميّز بين الشعوب ولم يعطها الأحقية أو المقدرة نفسها حيث فضل الشعب الألماني على كل شعوب أوروبا. تأثر الزعيم النازي أدولف هتلر بفلسفة نيتشه وأسقطها على الشعب الألماني بوصفه أرقى الشعوب بيولوجيا وأرسل نسخا من أعمال نيتشه إلى جميع أصدقائه وأنصاره المقربين، لأنه كان مقتنعا أنه وجد لديه مبررا لابتكار نظام عالمي جديد يستدعي تفوق جنس بشري على بقية الأجناس. عرف نيتشه الكثير عن المعاناة، سواء جسديا أو عقليا، فقد كانت حياته معاناة مستمرة، فقد صارع المرض باستمرار حتى وفاته.