العيادات الخاصة في زمن كورونا.. الغلق مستحيل.. الأولى توفير اشتراطات الوقاية وتعقيم الأسطح والمعدات.. معظم الأطباء يرفضون الغلق المؤقت.. وتدشين مستشفى إلكتروني

في ظل التفشى الكبير لفيروس كورونا المستجد في مصر والعالم، وبينما ينصح الجميع باتخاذ كافة إجراءات الوقاية من العدوى بالفيروس سريع الانتشار ظهرت العديد من الدعوات بضرورة إغلاق العيادات الخاصة للأطباء وبخاصة الذين يعملون في مستشفيات العزل حتى لا تكون بؤرا لنشر العدوى، إلا أن هذه الدعوات قوبلت باعتراض من جانب بعض المختصين الذين أكدوا أن غلق العيادات أقرب للمستحيل في الواقع الحالي، الأمر الذى طرح تساؤلا مهما هل غلق العيادات الخاصة ضرورة أم مستحيل في زمن الكورونا؟!
«البوابة نيوز» حاولت التقليب في أوراق القضية التى تشغل بال الملايين من الشعب المصرى من المترددين على العيادات الخاصة لتلقي الاستشارات الطبية أو إجراء الفحوصات والحصول على العلاج والأدوية بشكل دورى، كما ناقشت «البوابة» القضية مع كبار المختصين في القطاع الطبى للتعرف على حقيقة الأمر، كما بحثت في تجارب الدول الأخرى والتوصيات من الشبكات الطبية العالمية في التعامل مع هذه الأزمة.
رأي البرلمان
شهد مجلس النواب جدلًا برلمانيًا حول ضرورة العمل على إغلاق العيادات الخاصة بالأطباء، حيث حرك أعضاء بلجنة الشئون الصحية دعوات تطالب بضرورة غلق العيادات الخاصة للأطباء الذين يعملون في مستشفيات الصدر والحميات، والمتواجدين في مستشفيات العزل والحجر الصحى لمصابى فيروس كورونا المستجد، وذلك لحمايتهم من الإصابة ومنع انتقال العدوى لهم أو منهم للآخرين حال إصابتهم، وحتى لا يتسبب ذلك في انتشار العدوى.
ودعا الدكتور عبدالعزيز حمودة، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إلى غلق العيادات مطالبا في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يكون مقابل تعويضهم ماديا بمثل كادر التأمين الصحى مع الحافز الذى قرره لهم رئيس الجمهورية، وتوفير كافة الإجراءات الوقائية وأدوات الحماية اللازمة للأطباء الذين يتعاملون مع مصابى فيروس كورونا أو المشتبه في إصابتهم، وكذلك لطاقم التمريض، والعاملين في مرفق الإسعاف.
رأى الأطباء
أكد الأطباء أن فكرة غلق العيادات الخاصة بالأطباء أقرب للمستحيل في ظل انشغال المستشفيات الحكومية والخاصة على مستوى الجمهورية بعلاج مصابى فيروس كورونا المستجد، مؤكدين أن العيادات الطبية بخاصة التى تعالج بعض الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكرى لا يمكن أن تغلق أبوابها فالمرضى لن يجدوا من يعالجهم، ودعوا إلى ضرورة الالتزام باشتراطات الوقاية ولبس الكمامات داخل العيادات.
وقال الدكتور هانى الناظر، استشارى الأمراض الجلدية، إن المشكلة الرئيسية في الدعوات لغلق العيادات الخاصة هى وجود بعض التخصصات لا تجد من يعالجها في ظل انشغال الغالبية العظمى من المستشفيات الحكومية والخاصة بعلاج فيروس كورونا، فإلى أين سيذهب الناس الراغبون في العلاج.
وأضاف الناظر في تصريحاته ل«البوابة نيوز» أن فكرة غلق العيادات في ظل وجود العديد من الأمراض المزمنة مثل القلب والسكر وغيرها من الأمراض ستكون مستحيلة، فأين سيجد المواطنون الاستشارة الطبية إذا أغلقنا هذه العيادات.
وتابع: «ولكن هناك شروطا يجب إتباعها في العيادات الخاصة، وأولها، يجب على جميع المتواجدين في العيادات الخاصة من الطبيب والممرضين والمرضى ارتداء الكمامات، لتجنب نشر عدوى فيروس كورونا، وعدم السماح لدخول المريض إلى العيادات بدون كمامة.
كما دعا الناظر إلى تزويد ساعات العمل بالعيادات الخاصة لمنع التزاحم والتكدس، وتنظيم الحضور بمواعيد محددة، كذلك الحرص على إتباع كافة طرق الوقاية بالتنظيف المستمر للأسطح وأوكر ومفاتيح الأبواب، وكذلك أماكن الكشف الطبى والأرضيات، والحفاظ على التهوية الطبيعية الجيدة وعدم استخدام التكييف، والتخلص الآمن من المخلفات الطبية الخطرة». وعن الدعوات والمبادرات التى أطلقها بعض الأطباء عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة لتقديم المشورة الطبية، أشاد «الناظر» بهذه المبادرات واعتبرها بادرة طيبة من جانب الطواقم الطبية، إلا أنه اعترض في الوقت ذاته على اتجاه بعض الأطباء لنشر بروتوكولات العلاج من فيروس كورونا الأمر الذى ترتب عليه اتجاه المواطنين لشراء هذه الأدوية بكثافة مما حرم بعض المرضى من الأدوية التى هم في أمس الحاجة إليها، وأدى لنقص هذه الأدوية من الأسواق.
وأكد الناظر أن تقديم الاستشارات الطبية خطوة جيدة إلا أننا نعترض على نشر بروتوكولات العلاج لما يترتب عليها من آثار سلبية على المرضى والمجتمع ككل».
أما الدكتور محمد عز العرب، استشارى الأمراض الباطنة بالمعهد القومى للأمراض المعدية، فقال إن توزيع أوقات الحضور في العيادات الطبية هو الأساس لمنع التجمعات والتكدس داخل العيادات وبالتالى الوقاية من نشر الفيروس المعروف بسرعة انتقاله.
وطالب عزالعرب في تصريحات خاصة ل«البوابة نيوز» بعدم السماح للمرضى بدخول العيادات دون ارتداء كمامة، وكذلك الأمر بالنسبة للمرافق، فلا يدخل أحد العيادة سواء من الأطقم الطبية والتمريض أو المرضى دون كمامة، كما نصح بوجود مرافق واحد كحد أقصى، وعدم تواجد عدد كبير داخل غرفة الكشف لأنه كما هو متعارف عليه أن فيروس كورونا المستجد يمكن أن يصيب الشخص دون أن تظهر عليه أية أعراض لأيام، وبالتالى التقليل من تواجد الأفراد في مكان واحد يجنبنا الإصابة بالفيروس.
وتابع: «يجب على الطبيب البعد عن استخدام الأدوات لأكثر من مريض دون تعقيم كاف، والبعد عن استخدام الترمومتر التقليدى الذى يوضع في الفم أو تحت الإبط والاتجاه لاستخدام الترمومتر الحرارى الذى يقيس الحرارة ويسجل القراءة عن بعد باستخدام الأشعة تحت الحمراء».
كما دعا في حديثه ل«البوابة نيوز» إلى ضرورة الحفاظ على النظافة والتعقيم المستمر داخل العيادات وتطهير الأسطح كاملة بشكل دوري، وكذلك تطهير المعدات بالنسبة للأطباء عن طريق الكلور أو الكحول بتركيز أكثر من 70٪، وبخاصة السماعة يفضل فيها استخدام الكحول».
ونصح عزالعرب بضرورة العمل على التهوية الجيدة للعيادات وغرف الكشف تحديدا بالتهوية الطبيعية وعدم استخدام المكيفات أو المراوح، وكذلك الحرص على عدم وجود تيار هواء شديد يمكن أن ينقل العدوى بين المتواجدين في العيادة، والحرص على تغيير ملايات سرير الكشف واستخدام الأغطية التى تستخدم لمرة واحدة ثم يتم تغييرها مع كل مريض».
بدائل «أون لاين»
في جولة ل«البوابة» على مجموعة من العيادات الخاصة في العديد من مناطق وأحياء محافظة الجيزة للتعرف على تعامل الأطباء مع المرضى في ظل حالة الطوارئ التى نعيشها لمنع تفشى فيروس كورونا المستجد وجدنا واحدة من أشهر المراكز الطبية المتخصصة في طب النساء والتوليد، وضعت ضوابط صارمة لمنع انتشار كورونا، بداية من قواعد للحجز والحضور، وصولا إلى توقيع غرامات على من يخالف هذه القواعد.
وضع المركز الطبى قواعد كان أهمها أن يقتصر الحجز على الاتصال الهاتفى فقط وعدم الحضور إلى العيادة للحجز، وزيادة عدد الهواتف لاستيعاب حالات الحجز عبر الهاتف.
ووضع المركز الطبى منشورًا تحذيريًا، جاء فيه: «تطبيقًا لتعليمات مجلس الوزراء وحرصًا على سلامتكم وسلامة الجميع، وجب التنويه عن بعض التعليمات، وهي: ارتداء الكمامة إجبارى للجميع ولا يتم دخول العيادة إلا بعد ارتدائها. ويسمح بحضور مرافق واحد فقط مع المريض داخل المركز وعدم اصطحاب الأطفال وعدم اصطحاب كبار السن وتطبيق غرامه على غير الملتزمين بالتعليمات. ومن المركز الطبى إلى إحدى عيادات الأطفال، الذى وضع لافتة عند مدخله كتب عليها بخط واضح «نعتذر عن استقبالك بدون كمامة»، وكتب في اللافتة «يعاقب بغرامة تصل إلى 4 آلاف جنيه كل من خالف الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار فيروس كورونا».
ووضعت عيادة الأطفال مجموعة من التعليمات حفاظًا على سلامة المرضى، كان أهمها: «نظرًا للظروف الحالية وحفاظًا على سلامتكم، يسمح بحضور مرافق واحد فقط مع الحالة في العيادة، وحرصا منا على تعليمات الأمان سنقوم بتسليم كل حالة والمرافق معها glovesوكمامة، وفى حاله عدم الالتزام بالتعليمات الموضحة تحدد غرامد عن كل مرافق زائد عن العدد، وهذا حفاظا على سلامتكم». ومنعًا للتكدس والتزاحم داخل عيادة الأطفال، يقوم الطبيب بالتواصل مع المرضى عبر منصات التواصل الاجتماعي، سواء عن طريق «جروب واتس آب»، أو من خلال عمل فيديوهات لايف، على الصفحة الرسمية للطبيب على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك».
وبالانتقال إلى منصة «فيس بوك» نجد مجموعة من الأطباء بحى حلوان أطلقوا «مستشفى إلكتروني» عبر «جروب فيس بوك»، وتشمل المبادرة حملة توعية واستشارات إلكترونية حملت اسم «أهالينا كورونا كير»، لمتابعة حالات كورونا داخل العزل المنزلي، بهدف تخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية.
وتشمل المبادرة استقبال رسائل المرضى والرد عليها، وهى المبادرة التى لاقت انتشارًا كبيرًا فبعد أن بدأت المبادرة بمتابعة أكثر من 50 حالة عزل منزلي، حتى انتشرت في شتى أنحاء الجمهورية، وهو ما دفع العديد من الأطباء للمشاركة في مبادرة ومن بينهم أطباء يعملون في مستشفيات العزل بالإضافة لمجموعة من الصيادلة.
مواقع طبية عالمية تضع روشتة لعمل العيادات الخاصة في زمن الكورونا.. البدائل الإلكترونية والاستشارات الهاتفية بدائل جيدة.. وغلق عيادات الأسنان والبعد عن تناول الأدوية دون استشارة العديد من المواقع الطبية العالمية أيضًا وضعت روشتة لعمل العيادات الخاصة في زمن الكورونا، حيث طرح موقع "WebMD" الطبى قائمة بأهم الإرشادات الواجب اتباعها لتشغيل العيادات الخاصة.
وقال الموقع المعنى بنشر المعلومات الصحية، إن جائحة "كوفيد-19" تمتاز بسرعة الانتشار والتفشي، وأحدث التوصيات الطبية تشير إلى ضرورة عدم تواجد أكثر من 10 أشخاص في مكان واحد لفترة طويلة لأنه قد يعرضهم لخطر العدوى بالفيروس التاجي، ومن هنا فإن الجلوس في غرفة الانتظار بعيادة الطبيب أو المركز الطبى مع أكثر من 10 أشخاص تعتبر فكرة خطيرة. وأكد الموقع الطبى أن البعض ربما يكون حاملا للفيروس ولا يشعر بأى أعراض فإنه لا يمكن معرفة أين توجد الحالات المعدية، لذا، يحب على الجميع التصرف كما لو أن هناك خطرًا موجودًا في أى مكان.
استشارة عبر الهاتف
وبالنسبة لمرضى السرطان والأمراض الخطيرة وكذلك حالات متابعة الحمل نصح " WebMD " المرتبطين بمواعيد منتظمة لعلاجات السرطان، أو متابعة ورعاية الحمل، أن يكون البديل بالنسبة لهم إجراء اتصال هاتفى بالطبيب شخصيا للحصول على نصائح بما يجب القيام به بدلا من الذهاب للزيارة في العيادة الخاصة.
الزيارة للطوارئ
وعلى ذكر الزيارات الروتينية الدورية، نصحت الشبكة الطبية الأمريكية بناء على شهادات من أطباء أسنان بتأجيل الزيارات من أجل العناية الروتينية بالأسنان مثل الفحوصات والتنظيف والحشو «خاصة وأن انتقال الفيروس عبارة عن عدوى تنفسية»، كما ينصح الخبراء بقصر الكشوفات على الحالات الطارئة فقط مثل ألم شديد لا يحتمل في الأسنان أو كسر الأسنان نتيجة للسقوط أو حادث، أو الالتهابات الشديدة وتورم اللثة، حفاظا على سلامة كل من المريض والطبيب في نفس الوقت.
وفى هذا السياق، أكدت «داميان والم سلي» أستاذة طب الأسنان في جامعة برمنجهام، إنه عند الشعور بآلام لا تمكنك من النوم تناول المسكنات، مثل الباراسيتامول والأيبوبروفين، لأن هذه الأدوية لها خصائص مضادة للالتهابات، ويفضل تناولها بعد الطعام. كما نصحت خبيرة طب الأسنان بالحفاظ على نظافة الحشوات وعدم إدخال الطعام بداخل الأسنان الفارغة، وإذا شعرت بالآلام استخدم قطعة صغيرة من معجون الأسنان عليها، وضع قطعة من الصوف عليها إلى حين استشارة الطبيب.
كما أوصت داميان في التوصيات التى نقلها موقع "The Sun" البريطانى بضرورة المحافظة على نظافة الأسنان في حالة نزيف اللثة، حتى لا تتراكم البكتيريا فتسبب النزيف، وعدم التركز بفرشاة الأسنان على المنطقة المصابة، كما نصحت باستخدام غسول الفم والغرغرة بالمياه الدافئة الممزوجة بالملح لبضع دقائق من مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم في حال آلام ضرس العقل، مشيرة إلى أن سبب الآلام الرئيسى هو انفجار الأسنان الجزئى أو بروز الضرس والذى ينتج عنه تشقق اللثة، ودخول الطعام بها، ولمعالجتها استخدام غسول الفم للغرغرة أو المياه الدافئة الممزوجة بالملح لبضع دقائق من مرتين إلى ثلاث مرات في اليوم.
استشارة الطبيب
كما نصحت الشبكة الأمريكية المرضى بعدم تناول أية أدوية دون استشارة الطبيب المعالج، ودعت للبعد عن التخمينات والاجتهادات، وأكدت أنه من المهم جدًا ألا يلجأ أى مريض إلى الافتراضات أو اتخاذ قرار بدون استشارة طبيب، ويجب المتابعة أولا بأول مع الطبيب المختص ليحدد كل الإجراءات التى تحافظ على سلامة المريض، سواء بوصف العلاج عبر وسيلة الاتصال أو بالكشف وجهًا لوجه مع الالتزام بقواعد الحماية أو النصيحة بالتوجه لأقرب مستشفى أو غرفة طوارئ في الحالات المفاجئة.
كما نصح " WebMD" أى شخص تظهر عليه أعراض لعدوى كورونا مثل حمى أو سعال أو ضيق في التنفس أو صعوبة في التنفس يجب الاتصال بأرقام الطوارئ المحددة في المدينة أو الدولة، وسوف يتولى مقدمو الرعاية الطبية اتخاذ الترتيبات المناسبة حسب كل حالة.