أقيمت مساء أمس الاثنين، الحلقة الثامنة عشرة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وجاءت بعنوان "فضل العمل الصالح في رمضان"، وحاضر فيها كل من الدكتور أشرف فهمي مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، والدكتور صبري الغياتي مدير عام شئون القرآن بوزارة الأوقاف. وفي كلمته أكد مدير عام التدريب بوزارة الأوقاف، أن شهر رمضان هو شهر تميز عن غيره من الشهور، حيث خصه الله (عز وجل) بمميزات عظيمة، فصرح باسمه في القرآن الكريم دون غيره من الشهور، وشرفه بنزول الوحي فيه، حيث يقول الحق سبحانه:" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ"، فهو شهر يكثر فيه المسلم من الأعمال الصالحات، كالصدقات والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين وبخاصة وقت الجوائح والنوازل، فإن العمل الصالح وخاصة وقت الأزمات والشدائد والمحن له أجر كبير عند الله سبحانه وتعالى، حيث وعد ربنا سبحانه وتعالى أهل الإيمان المسارعين إلى فعل الخيرات بجنة عرضها السموات والأرض، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، ولما سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحبّ إلى الله (عز وجل)؟ قال (صلى الله عليه وسلم): ( أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْردُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ (يعني المسجد النبوي) شَهْرًا...). كما أشار إلى أن شهر رمضان هو شهر التغيير، فنغير من سلوكنا السيئ إلى الأحسن والأفضل، ومن لم يتغير حاله في رمضان فمتى يتغير ؟! وهو شهر الصيام والقيام والقرب من الملك العلام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "، وهو شهر نقاء القلب وصفائه، فمن أجل نعم الله (عز وجل) على الإنسان أن يمنحه قلبًا سليمًا، والقلب الموصول بالله قلب رحيم، والقلب المقطوع عن الله قلب قاس، والقلوب القاسية لا يحبها الله (عز وجل)، وقد قال الشاعر: كُنْ قَابِلَ الْعُذْرِ وَاغْفِرْ زَلَّةَ النَّاسِ وَلَا تُطِعْ يَا لَبِيبًا أَمْرَ وَسْوَاسِ فَاللهُ يَكْرَهُ جَبَّارًا يُشَارِكُهُ وَيَكْرَهُ اللهُ عَبْدًا قَلْبُهُ قَاسِي. وفي ختام كلمته أكد أن المسلم إذا أراد أن يكون قلبه سليمًا فعليه أن يخلص النية لله (عز وجلّ)، قال تعالى: { إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}، وأن يقبل على كتاب الله حفظًا وتلاوة وتدبرًا وفهمًا، وأن يخرج من قلبه سوء الظن بالناس، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا"، فهذا هو شهر التسامح والعفو لا التشاحن والخصام ولن يدخل أحد الجنة إلا بقلب سليم، كما قال الحق سبحانه: { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، فليعلم كل مسلم أنه لا نجاح ولا فلاح ولا صلاح للعبد إلا بالقلب السليم.