رمضان هو شهر الصفاء بلا كدر، شهر الرحمة بلا قسوة، شهر الصلح بلا خصام، شهر النور بلا ظلام ، شهر الحب بلا بغض، شهر الجمال بلا قبح، شهر السعادة بلا شقاء، شهر البطولات والانتصارات والفتوحات، ومن أجل نعم الله، عز وجل، على الإنسان أن يمنحه قلبًا سليمًا، فما من عطاء إلهي يفوق أن يكون قلبك سليمًا، وما من عقاب إلهي يزيد على أن يكون قلبك محجوبًا عن الله، ومن الذي لا يتحرك قلبه حين يقرأ أو يسمع قوله تعالى: “كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ”، والقلب الموصول بالله قلب رحيم، والقلب المقطوع عن الله قلب قاس، والقلوب القاسية لا يحبها الله (عز وجل)، وقد قال الشاعر: كُنْ قَابِلَ الْعُذْرِ وَاغْفِرْ زَلَّةَ النَّاسِ .. وَلَا تُطِعْ يَا لَبِيباً أَمْرَ وَسْوَاسِ فَاللهُ يَكْرَهُ جَبَّاراً يُشَارِكُهُ.. وَيَكْرَهُ اللهُ عَبْداً قَلْبُهُ قَاسِي ولنعلم أنه لن يدخل أحد الجنة إلا بقلب سليم، كما قال الحق سبحانه وتعالى: “يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ “، وليعلم كل مسلم أنه لا نجاح ولا فلاح ولا صلاح ولا فوز إلا أن يأتي ربه بقلب سليم. والمسلم إذا أراد أن يكون قلبه سليمًا فعليه أن يخلص النية لله عز وجلّ ، قال تعالى: “إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ”، وأن يقبل على كتاب الله حفظًا وتلاوة وتدبرًا وفهمًا، وأن يخرج من قلبه سوء الظن بالناس، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)، فهذا هو شهر التسامح والعفو لا التشاحن والخصام، فلو تهاجر شخصان وحصل بينهما شحناء، وكل منهما أعرض عن الآخر فإن أعمالهم لن ترفع إلى الله عز وجل، كما روى الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “تُعْرَضُ الأَعْمَالُ في كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”. على أن بعض الناس في عصرنا الحاضر يهجر أخاه أو أخته أو خاله أو خالته بل هناك من يهجر أبويه، وهذه طامة لأن هذا عقوق ومن أكبر الكبائر، كما في الحديث الصحيح الذي يقول فيه النبي: “لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ”.