على المسلم أن يخلص النية لله أكد د. أشرف فهمى مدير عام التفتيش الدعوى بوزارة الأوقاف أن رمضان هو شهر الصفاء بلا كدر، شهر الرحمة بلا قسوة ،شهر الصلح بلا خصام، شهر النور بلا ظلام، شهر الحب بلا بغض، شهر الجمال بلا قبح، شهر السعادة بلا شقاء، شهر البطولات والانتصارات والفتوحات. وأشار إلى أن من أجل نعم الله (عز وجل) على الإنسان أن يمنحه قلبًا سليمًا، فما من عطاء إلهى يفوق أن يكون قلبك سليمًا، وما من عقاب إلهى يزيد على أن يكون قلبك محجوبًا عن الله، والقلب الموصول بالله قلب رحيم، والقلب المقطوع عن الله قلب قاس، والقلوب القاسية لا يحبها الله (عز وجل)، وقد قال الشاعر : كُنْ قَابِلَ الْعُذْرِ وَاغْفِرْ زَلَّةَ النَّاسِ وَلَا تُطِعْ يَا لَبِيباً أَمْرَ وَسْوَاسِ فَاللهُ يَكْرَهُ جَبَّاراً يُشَارِكُهُ وَيَكْرَهُ اللهُ عَبْداً قَلْبُهُ قَاسِى لافتا إلى أنه لن يدخل أحد الجنة إلا بقلب سليم، كما قال الحق سبحانه وتعالى: «يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ « فليعلم كل مسلم أنه لا نجاح ولا فلاح ولا صلاح إلا أن يأتى ربه بقلب سليم. جاء ذلك خلال كلمته بعنوان» رمضان شهر الصفاء لا التشاحن ولا الخصام» فى الأمسية الرمضانية التى تنظمها وزارة الأوقاف يوميا عقب صلاة التراويح بمسجد النور بالعباسية بالتنسيق مع اتحاد الإذاعة والتلفزيون. إخلاص النية وأضاف فهمى أن المسلم إذا أراد أن يكون قلبه سليمًا فعليه أن يخلص النية لله عز وجلّ، قال تعالى : «إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِى قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ »، وأن يقبل على كتاب الله حفظًا وتلاوة وتدبرًا وفهمًا، وأن يخرج من قلبه سوء الظن بالناس، فعن أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا)، فشهر رمضان هو شهر التسامح والعفو لا التشاحن والخصام، فلو تهاجر شخصان وحصل بينهما شحناء، وكل منهما أعرض عن الآخر فإن أعمالهم لن ترفع إلى الله (عز وجل)، كما روى الإمام مسلم فى صحيحه أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا». على أن بعض الناس فى عصرنا الحاضر يهجر أخاه أو أخته أو خاله أو خالته بل هناك من يهجر أبويه، وهذه طامة لأن هذا عقوق ومن أكبر الكبائر ،كما فى الحديث الصحيح الذى يقول فيه النبى (صلى الله عليه وسلم) : «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ». عقوبة قاطع الرحم وتابع مدير التفتيش الدعوى بالأوقاف قائلا: إن الإسلام دين الرحمة والتعاون والترابط والأخوة والعون،كثيرا ما يدعو الإسلام للوحدة وعدم التنافر، يقول عز وجل: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ»، ويقول عز وجل محذرا من أن يفترق المسلمون فيقول الله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا»، وهؤلاء المتشاحنون تفرقوا وعصوا الله تفرقوا سنين طويلة والعياذ بالله. وشهر رمضان يجب أن نصل فيه الرحم، فمن قطعها حرم خيرًا كثيرا، وقطع الله عنه أبواب الرحمة والمودة، فالهجر فى حقِّ القريب يكون أشد إثمًا ؛ لأن ذلك يعتبر قطيعة رحم، وعقوبة قطع الرحم عظيمة، يقول تعالى «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.» فهل ترضى أن تكون من الملعونين ومن الذين أصمهم الله وأعمى أبصارهم؟! ويقول الرسول: « لا يدخل الجنة قاطعَ رحم «. فعنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِى الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ «. الأجر المضاعف وطالب الدكتور أشرف فهمى الجميع بالاجتهاد فى الأعمال الصالحة الطيبة خاصة فى شهر رمضان شهر الخيرات والبركات والنفحات، والهدايات فالأجر مضاعف وهى فرصة سنوية للتقرب إلى رب العالمين فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : « سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوُ تَقْضِى عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلأَنْ أَمْشِى لأَخٍ لِى مُسْلِمٍ فِى حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ يعَنْيِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يَمْضِيهِ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِضًا، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخٍ لَهُ مُسْلِمٍ فِى حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ، وَسُوءُ الْخُلُقِ يُفْسِدُ الْعَمَلَ ،كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ «. وفى ختام كلمته بين أن القرآن الكريم صور القلوب ووصفها بأوصاف عديدة، فمنها القلوب الصحيحة السليمة وهى عشرة، ومنها : القلوب المطمئنة كما قال تعالى: «الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ »، ومنها : الخاشعة، واللينة، والرحيمة، والمنيبة، وأما النوع الثانى فهى القلوب الميتة والمريضة مثل قوله تعالى : «فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» ومنها المطبوع عليها، والقاسية، واللاهية، والمقفلة، والمكنونة.