«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطريرك غريغوريوس الثالث لحام يكتب: الشر ووباء فيروس كورونا

لسان حالنا أمام وباء الكورونا هو هذا النشيد: " إرحمنا يا رب إرحمنا! فإننا عاجزون عن كل جواب." وهذا موقفنا أيضاً امام الشر!
هذا ما يقوله القديس أوغسطينوس، " لقد فتّشتُ من أين يأتي الشر ولم أجد حلاً."وهذا ما يقوله القديس بولس: "إنه سر الأثم قد أخذ في العمل" (2 تسالونيكي 7:2) ولكنه يتكلم من جهة أخرى عن "سر التقوى" (1 تيموتاوس 16:3)
ويتبادر السؤال المطروح علينا كلنا كبشر: لماذا لم يخلق الله عالماً من الكمال بحيث لا يتمكن أي شر من التأثير عليه؟ لا جواب!
إنه الواقع الذي نختبره كلّنا وعَبْر التاريخ: مع الخير الطبيعي يوجد أيضاً الشر الطبيعي. ومع أعمال وأسباب بناء الطبيعة توجد أعمال واسباب هدمها أيضاً.
الملائكة والبشر، كونهم مخلوقات عاقلة وحرّة، يجب ان يسيروا نحو غايتهم القصوى باختبار حر ومحبّة وسعيّ نحو الأفضل. ولكن بإمكانهم ان يضلّوا. وقد خطئوا فعلاً. وهكذا دخل الشر الأدبي الى العالم. والله ليس ابداً علة الشر الطبيعي ولا الأدبي، لا مباشرة ولا بوجه غير مباشر. ولكننا نكتشف ان الله في عنايته الكلية القدرة، ومع مراعاته حرية خليقته، يستطيع أن يستخرج خيراً من عواقب الشرور، الطبيعية والادبية، التي تتسبّب بها خليقته الحرة.
إن الله هو سيد التاريخ والعالم والخليقة. كما نقول في قانون الإيمان: "أؤمن باله واحد آب ضابط الكل. خلق السماء والارض. كل ما يُرى وما لا يُرى" وهو رحيم ومحب للبشر. وهو يعتني بجميع خلائقه. وما أجمل ما قاله لنا السيد المسيح: "شعور رؤوسكم جميعها محصاة... تأملوا زنابق الحقل... تأملوا الغربان! الطيور... (لوقا 22:12 -31)
ولكن الله مع عنايته بجميع خلائقه الذين خلقهم على صورته ومثاله، يحترم حريتهم، كما يقول القديس أوغسطينوس:"إن الله الذي خلقك بدون إرادتك، لا يمكنه أن يخلصلك بدون إرادتك." ولهذا السبب فإن إيماننا بالله الكلّي القدرة والرحمن والرحيم والمحب البشر والقدير... إن إيماننا هذا مهما كان قويا وثابتا، فهو يوضع على المحك والإمتحان ، أمام واقع الشر والألم. وكأن الله يبدو بعض الأحيان، غائباً وعاجزاً عن منع الشر الطبيعي والادبي.
الكتاب المقدس وتاريخ البشرية، وتعليم الكنيسة الواضح، والوحي المقدس، يكشف لنا عن الصراع المرير بين الخير والشر: سقطة آدم في الفردوس. قايين يقتل أخاه هابيل. تاريخ العهد القديم. تاريخ البشرية كلها. الحروب عبر الأجيال، بين الشعوب، بين اتباع الأديان على آختلافها... بآدم دخل الشر والموت في تاريخ البشرية. وهذا كله ثمرة الخطيئة التي يختبرها كل إنسان في أعماق نفسه... "وهكذا أصبح جميع البشر خطأة بمعصية إنسان واحد هو آدم" (رومية 19:5) ويضيف بولس: "وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس، لأن جميعهم أخطأوا" (رومية 12:5)
هذا العصيان، هذه الخطيئة، هذا الشر، الطبيعي والأدبي، ينتشران بين البشر (مثل وباء الكورونا). وهذا سبب كل الويلات والشرور في العالم... في الكنيسة، في المجتمع. في الدول. في العلاقات بين البشر. في الأسرة . في الكنيسة . في الدولة. بين الدول. في المصالح. في التجارة. في الاقتصاد. في المال. في البُنى الإجتماعية والسياسية، والعلم والإختراعات... كلها يمكن أن تكون عامل خير، وفيها كلها تدخل الخطيئة وكل الشرور الأدبية والطبيعية...وهكذا يقول بولس الرسول: "إن الخليقة تئن"...أي تتألم... تنتظر الخلاص. وهذا هو معنى إيماننا المسيحي المقدس: هذا هو معنى التجسد والفداء، والخلاص الذي في المسيح، والصليب والقيامة...
وهكذا تبدو حياة الناس، فردية او جماعية، تبدو صراعا دامياً، مأسوياً، هدّاماً، بين الخير والشر . بين النور والظلمة. بين الدول والأمم، بين الإنسان وأخيه الإنسان ، كما يقول المثل اللاتيني: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان."
هذا الإنسان يحتاج الى كلمة الله، الى الإنجيل، الى الخلاص والفداء.... الى النعمة... الى الأسرار... الى التوبة... هذا هو الدواء امام الشر الادبي والشر الروحي. وهذا هو الدواء امام وباء الكرونا الذي يجتاح العالم.
وامام الويلات والأوبئة والمرض والزلازل والبراكين والطوفان والحروب العسكرية والاقتصادية، والبيولوجية، وعبر التواصل الإجتماعي... امام الشر الأدبي والطبيعي... نقول مع بولس الرسول في رسالته الى الرومانيين: "فيا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه ! ما أبعد أحكامه عن التنقيب ! وطرقه عن الإستقصاء ! من عرف فكر الرب؟ ومن كان له مشيرا؟ إن كل شيء هو منه وبه وإليه. فله المجد الى الدهور آمين" (روما 33:11-36).
يتدخل الله في حياة البشر، بالنسبة للشر الأدبي والطبيعي بطريقته الخاصة. الله أعطى الناس الوصايا العشر، وهي في محتواها عامة لكل البشر ولكل الاديان. ويطلب الله من البشر، من كل إنسان، من كل أُمة، أن تحافظ عليها، واذا حفظها الإنسان حفظ نفسه وصانها وحفظ نفس الاخر، وحقوقه وكرامته وحياته، وعرضه... وإذا خالف الإنسان هذه الوصايا، ضاعت حقوق الآخرين، وديست كرامتهم ونُهبت ارزاقهم وخيراتهم واموالهم وممتلكاتهم... وانتشرت الويلات والعاهات والأمراض... والأوبئة... والحروب والغزوات. الشرق على الغرب، والغرب على الشرق والشمال على الجنوب والجنوب على الشمال... وكما يقول الكتاب المقدس: "تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة"... الله أعطى الوصايا للإنسان، لكل انسان. ووضع له شريعة ليسير بموجبها. ولكن الإنسان لم يحافظ عليها دائما. وهذا أصل الشر الأدبي كما قلنا. والقول نفسه هو الحال بالنسبة للطبيعة وللخلائق على أنواعها، الحيوان والنبات... وضع لها نظاما جميلا جدداً للحياة والتناسل، والحماية والدفاع عن وجودها...
وهنا أيضا هذه الخلائق تتعرض لظروف كثيرة، فتخالف النظام النظام الذي وضعه الله لها. وتتعدى على بعضها البعض... وبعضها يعيش على حساب غيره... وهكذا هنا أيضاً تظهر الخلافات بينها، والنزاعات... والتعديات... وهذا ما يحدث للخلائق كلها، الحيوان، والنبات والجماد... وهكذا تحدث البراكين والطوفان والهزات الارضية...وهذا كله يبرهن على أن الإنسان هو خليقة، معرّض للضعف والمرض... فهو مخلوق وليس كاملاً... وهكذا القول عن الحيوان والنبات والجماد... انها كلها مخلوقة... وهي معرضة للضعف، والفساد والدمار والأوبئة الطبيعية، وللفيروسات والميكروبات...
وهذا كله يقودنا ويعود بنا الى كلمة الله، الى سفر التكوين، حيث نجد وصفاً رائعاً كيف خلق الله العالم وكل الكائنات... ويقول الكتاب المقدس: ان الله رأى كل شيء انه حسن: ولكن الإنسان لم يحافظ على هذه الصفة،وعلى هذا الجمال. والطبيعة أيضاً لم تحافظ على هذه الصفة. وبقي الله يحب الإنسان ويدعوه الى المحبة والتوبة والكمال والقداسة والتضامن والخدمة والعطاء، قائلا: "كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي هو كامل."
وهذا ما نقرأه في سفر أشعيا النبي بهذه العبارات الرائعة المليئة بالمحبة والحب والعطف والإكرام، لا بل قل بالعشق، عشق الله لخليقته وصنعة يديه، وصورته وايقونته... فالانسان هو "كرم الرب الذي حوّطه بسياج، وبنى برجاً في وسطه وحفر فيه معصرة... وانتظر ان يثمر عنباً فأثمر حصرماً برّياً. كرم الرب هم البشر وغرس نعيمه" (أشعيا 4) ويتابع: "إنتظر (الله) الإنصاف فاذا سفك الدماء، والعدل فإذا الصراخ" (اشعيا 5). ويصف في مكان آخر ظلم الانسان لاخيه الانسان: "لايشفق الواحد على اخيه فينهش ذات اليمين ولا يزال جائعاً. ويأكل ذات الشمال ولا يشبع" (أشعيا 9).
وبالمقابل يخاطب الله الانسان قائلاً:"انت عبدي. إخترته ولم أرذله. فلا تخف فإني معك. ولا تتلفت فأنا الهك قد قوّيتك ونصرتك وعضدتك يميني وعدلي. انا الرب الهك آخذ بيمينك قائلا لك : "لا تخف فاني قد نصرتك... لا تخف فاني انا فاديك" ( اشعيا 41) وايضا :"انا الرب دعوتك لاجل البرّ. واخذت بيدك. وحفظتك وجعلتك عهداً للشعب ونورا للامم. لكي تفتح العيون العمياء وتخرج الأسير من السجن والجالسين في الظلمة من بيت الحبس." (اشعيا 42) هذه دعوة الله للانسان، وماذا يفعل الانسان بأخيه الانسان! ويعاقب الله الانسان ويقول:"أنا الرب الهك الذي يعلمك ما ينفع ويهديك الطريق الذي تسير فيه. ليتك أصغيت الى وصاياي؟... انت عبدي وبك أتمجد" (أشعيا 48).
ويتابع الرب الإله خطابه للإنسان خليقته : "إني قد جعلتك نوراً للامم." (أشعيا 49) ويقول أيضاً بلهجة والدية رائعة: إنكم ترضعون وفي الحضن تحملون وعلى الركبتين وتدللون... وكما تعزيه أمه كذلك انا أعزيكم. ويقول أيضا: "لقد دعوتك بإسمك! أنت لي...أنت كريم لديّ! إنني أحببتك! لا تخف انا معك". (أشعيا 43) فالله اله رحيم محبّ للبشر رؤوف ورحيم. محب الصديقين وراحم الخطأة...
وهل ننسى تعليم الانجيل المقدس ومحبة السيد المسيح للإنسان؟ كل عجائبه هي عجائب محبة وحنان ورحمة. واكتفى بالإشارة إلى الفصول 14 و15 و16 و17 من إنجيل القديس يوحنا. وأكتفي بمختارات منها: "انا الكرمة وانتم الاغصان. لا أدعكم يتامى. اريد أن تكونوا معي حيث أكون انا. أنتم فيّ وأنا فيكم. كما أحبني الآب، انا أيضاً أحببتكم. اثبتوا في محبتي. لا أسميكم عبيداً بل سميتكم أصدقائي . الآب يحبكم لأنكم أحببتموني. ويصلي لأجلهم: "أيها الآب تحفظهم من الشرير. قدّسهم بحقك أعطهم أن يكونوا واحداً ليعلم العالم أنك أحببتهم كما أحببتني. ايها الآب! اريد ان يكونوا هم أيضا حيث أكون أنا، لكي يشاهدوا مجدي الذي أعطيتني... ولكي تكون فيهم المحبة التي أحببتني ، وأكون انا فيهم."
هل يعقل ان يكون هذا الإله المحب البشر، هو الذي يسبب الكورونا أو الويلات او الزلازل أو الحروب؟ كلا، بل هي الخطيئة التي تملك في العالم. كما يعلمنا بولس الرسول: لا تملك الخطيئة في جسدكم."(روما 12:6)
وأحب أن أضيف خاطرة استقيها من صلاة "الأبانا". حيث يعلمنا يسوع كيف نصلي، وفي ختامها هذه الطلبة : "لا تدخلنا في التجربة. لكن نجنا من الشرير".
المعنى واضح: التجربة موجودة،... على دربنا، في حياتنا، في مجتمعنا...نطلب من الله أن يجعلنا لا ندخل فيها، بل يقودنا إلى مكان آخر "إلى طريق آخر بعيدٍ عن التجربة. ويضيف بالمطلق: لكن نجنا من الشرير".
إذاً واضح أن الله يساعدنا لكي نتجنّب التجربة، والطريق التي تقودني الى الشر والخطيئة والمخاطر... كما نقول مراراً وتكراراً في صلواتنا، لا سيما في المزامير، منها:
طوبى للرجل الذي لا يتبع مشورة الكفرة. وفي طريق الخطأة لا يقف ... إن الرب يعرف طريق الصديقين، أما طريق الكفرة فتهلك (المزمور 1)
عرّفني يا ربّ الطريق التي أسلك فيها... انتشلني من بين أعدائي... ليهدني روحك الصالح في طريق مستقيمة...(المزمور 142).
والآيات الكثيرة من المزمور 118:
طوبى للأذكياء في الطريق ... يا ليت طرقي توجّه إلى حفظ رسومك... عن كلِّ طريق شر منعتُ قدميّ. لكي أحفظ أقوالك...شريعتك مصباح لقدميّ ونور لسبيلي... لذلك أبغضّتُ كل طريق إثم... سدّد خطواتي بحسب كلمتك..."
وتذكرنا هذه الآيات حول الطريق، بالدعاء القرآني: "اهدنا الصراط (الطريق) المستقيم". وهو مشتق ّمن المزامير كما قال لي أحد الشيوخ...
نرى في هذه الآيات أن التجارب موجودة. وطريق الإنسان محفوفة بالأخطار المادية والروحية والإجتماعية... ونطلب من الله أن يجعل طريقنا يتحوّل عنها، وينجو منها...
ختام
وأُنهي بهذه المقاطع من وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني: الكنيسة في عالم اليوم .
37 - لقد أفسدت الخطيئة النشاط الإنساني
بالاتفاق مع اختبار الأجيال، يعلّم الكتاب المقدّس العائلة الإنسانية إن التقدم الذي هو خير كبير للإنسان، يحمل في طياته أيضا تجربة خطيرة. فعندما يتبلبل ترتيب القيم ويختلط الخير بالشر، لا ينظر الأفراد والجماعات إلاّ لمنافعهم الخاصة لا إلى منافع الغير. فالعالم لا يظهر بعد موضعاً لأخوّة حقة، بينما يهدد سلطان الإنسان المتزايد بإهلاك الجنس البشري نفسه.
ان صراعاً عنيفاً ضد قوى الظلام يرافق تاريخ البشر كله، وهذا الصراع منذ البدء،سيظل حسب قول الرب، حتى اليوم الأخير. وبما أن الإنسان دخل المعركة، عليه ان يحارب دون هوادة ليتمسّك بالخير. ولا يتوصل الى تحقيق وحدة ذاته الداخلية إلاّ بعد جهود كبيرة وبمساندة نعمته تعالى.
وأضيف هذا المقطع من كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
413- "ليس الموت من صنع الله، ولا هلاك الأحياء يسرّه (...) بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم.
414- الشيطان أو إبليس وسائر الشياطين هم ملائكة ساقطون لأنهم رفضوا باختيارهم أن يخدموا الله وقصده. واختيارهم ضد الله نهائي وهم يعملون على إشراك الإنسان في ثورتهم على الله.
415 – "أقام الله الانسان بحالة برارة. ولكنّ الشرير أغواه منذ بدء التاريخ. فأساء استعمال حريته، منتصبا في وجه الله، وراغباً في أن يبلغ غايته من دون الله".
416 - في كون آدم الإنسان الأول، أضاع بخطيئته القداسة والبرارة الأصليتين اللتين كان قد نالهما من الله، ليس فقط لنفسه بل لجميع البشر.
417 - لقد أورث آدم وحواء ذريتهما الطبيعة البشرية مجروحة بخطيئتهما الأولى، ومن ثمّ مجردة من القداسة والبرارة الأصليتين.
418 - نتج عن الخطيئة ان الطبيعة البشرية أُضعفت في قواها، وأُخضعت للجهل، والألم وسيطرة الموت، ومالت الى الخطيئة (وهذا الميل يُسمّى شهوة).
420- الانتصار على الخطيئة الي حققه المسيح أعطى خيرات أفضل من تلك التي أفقدتها الخطيئة: "حيث كثرت الخطيئة طفحت النعمة. (رو 20:5)
421 - "في إيمان المسيحيين أن هذا العالم هو وليد محبة الله وحفيظها، سقط في عبودية الخطيئة، ولكنّ المسيح حطّم بالصليب والقيامة شوكة الشرير وحرّره".
ما أحوجنا في هذه الظروف الى ترداد ما قالته القديسة تريزيا أفيلا : "لا شيء يُقلقك، لا شيء يُخيفك، كل شيء يزول، الله لا يتغير، الصبر يحصل على كل شيء، من له الله لا يحتاج الى شيء، الله وحده يكفي."
ونختم بمقاطع من رتبة الأكانتوس نرفعها الى والدة الإله، صارخين:
"يا والدة الإله الفائقة القداسة خلصينا
نجّينا من التجربة أيتها الفتاة. ومن اجتياح البرابرة. ومن كل ضربة أخرى. واردة علينا لكثرة سقطاتنا. نحن الآنام الخاطئين. لنصرخ اليك بالسلام نحن المؤمنين. الذين نلنا بك نصيباً. من الفرح الأبديّ."
يا والدة الإله الفائقة القداسة خلصينا
أشفق اللهم على ميراثك. وتغاضَ الآن عن جميع خطايانا. وأقبل لذلك استعطاف التي حبلت بك على الأرض بلا زرع. لمّا شئت في رحمتك العظيمة أيها المسيح. أن تتخذ صورة البشر".
نحن عبيدك يا والدة الإله. نكتب لك ايات الغلبة. يا قائدة قاهرة. ونقدّم الشكر لك. وقد أُنقذنا من الشدائد. لكن بما أن لك العزة التي لا تحارب. أَعتقينا من أصناف المخاطر. لكي نصرخ اليك: إفرحي يا عروسة لا عروس لها.
النشيد الوطني الكنسي:
خلّص يا رب شعبك وبارك ميراثك، مانحاً العالم السلام. و احفظ بصليبك رعيتك من وباء الكورونا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.