تحيي منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "فاو" يوم 21 مارس من كل عام اليوم العالمي للغابات، ويأتي الاحتفال هذا العام 2020 تحت موضوع "الغابات والتنوع الحيوي أثمن من أن نخسرهما"، فالغابات والتنوع الحيوي أثمن من أن نخسرهما ، فعندما نشرب كوبا من الماء أو نكتب في دفتر أو نتناول دواء أو نبني منزلا، فإننا غالبا لا ندرك الصلة بين تلك الأشياء والغابات.. ومع ذلك، فكل تلك المسائل وغيرها مرتبطة بالغابات بصورة ما. إن الغابات والاستخدام والإدارة المستدامة لهما - بما في ذلك النظم الإيكولوجية الهشة - هي مفتاح مكافحة تغير المناخ، والمساهمة في ازدهار الأجيال الحالية والمقبلة .. وللغابات دور مهم كذلك في التخفيف من حدة الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة .. فهي تغطي ثلث مساحة اليابسة على الأرض ، ولها وظائف حيوية في كل أنحاء العالم ، وعليها يعتمد ما يزيد عن مليار ونصف فرد - بما في ذلك أكثر من ألفي ثقافة أصلية - في كسب معاشهم والحصول على الأدوية والوقود والغذاء والمأوى. والغابات هي النظم الإيكولوجية الأكثر تنوعا بيولوجيا على الأرض، حيث تضم أكثر من 80% من الأنواع البرية من الحيوانات والنباتات والحشرات. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل هذه الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية التي لا تقدر بثمن، فإن إزالة الغابات لم تزل متواصلة على المستوى العالمي بمعدل ينذر بالخطر. وتم تأسيس اليوم العالمي للغابات في يوم 21 مارس، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ( 200/67) في نوفمبر 2012، حيث يهدف إلى إذكاء الوعي بأهمية جميع أنواع الغابات، وتشجع الدول على بذل مزيد الجهود المحلية والوطنية والدولية لتنظيم أنشطة ذات علاقة بالغابات والأشجار، من مثل حملات التشجير. واحتفل باليوم العالمي للغابات لأول مرة في 21 مارس 2013. والتنوع الحيوي ، هو تنوع أشكال الحياة على الأرض ومقياس للاختلاف على المستوى الجيني والنظام الإيكولوجي، وعادة ما يكون التنوع أكثر بالقرب من خط الاستواء لأن المناخ دافئ والإنتاجية الأولية عالية، وحيث يوجد أكثر من 10 آلاف نوع من الطيور، و200 ألف نوع من النباتات الزهرية ، وما يقارب مليون نوع من الحشرات في العالم، وهناك أكثر من 1.5 مليون نوع معروف حاليا وعلى الرغم من أن هذا العدد يبدو كبيراً إلا أنه يعتقد أنَ هذا العدد ليس سوى جزءاً صغيراً من عدد الأنواع الموجودة اليوم .. ويتم تحديد أنواع جديدة كل يوم، ويقدر أن هناك ما بين ثلاثة إلى خمسين مليون نوع مختلف يعيشون على الأرض . وتغطي الجبال نحو 27 % من سطح الكوكب ، وهي موطن لأكثر من 1.1 مليار نسمة ، وفي عام 2017 كان 346 مليون شخص معرضون لانعدام الأمن الغذائي في المناطق الجبلية الريفية في البلدان النامية، بزيادة قدرها 12 % منذ عام 2012 على الصعيد العالمي ، وما يقرب من ضعف هذه النسبة في أفريقيا.. وتوفر الجبال أيضاً كمية هائلة من مياه العالم العذبة، وهي المناطق التي نشأت منها الذرة والبطاطس والشعير والذرة الرفيعة والطماطم والتفاح، وهي ستة من بين الأصناف النباتية العشرين التي توفر اليوم 80 % من أغذية العالم. وكانت منظمة الفاو قد أطلقت المبادرة العالمية لرصد الغابات - أول منصة شاملة من نوعها - لتتبع الدعم الدولي لتنمية قدرات البلدان النامية في مجال رصد الغابات من أجل مواجهة التغير المناخي.. وتعتبر بوابة جرد أنشطة المبادرة العالمية لرصد الغابات منصة شاملة توفر معلومات يسهل الوصول إليها بشأن أكثر من 400 نشاط لرصد الغابات في 70 دولة نامية عبر إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.. ويمكن للمستخدمين البحث عن المعلومات حسب البلد أو المنطقة، ونوع أنشطة رصد الغابات، والجهات المانحة. وأشار "هيروتو ميتسوجي" المدير العام المساعد لقطاع الغابات في الفاو، إلى أن جمع ونشر معلومات أفضل عن الغابات أمر أساسي للجهود التي تبذلها البلدان والمجتمع الدولي لمواجهة تغير المناخ بشكل هادف وفعال. وستساعد البوابة الحكومات والجهات المانحة على تحديد الفجوات وتقاسم الموارد وتجنب التداخل واستكشاف الفرص لإقامة شراكات جديدة لتعزيز مواجهة التحديات التي تواجهها البلدان عند قيامها بتطوير نظمها الوطنية لرصد الغابات. وتم تصميم البوابة - التي تشكل إنجازاً بارزاً للشراكة مع المبادرة العالمية لرصد المناخ - وتعبئة بياناتها من قبل الشركاء الذين يقودون المبادرة بمن فيهم أستراليا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة وبرنامج " سيلفا كاربون" التابع للحكومة الأمريكية واللجنة الدولية المعنية بسواتل رصد الأرض ووكالة الفضاء الأوروبية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والبنك الدولي .. وسيتم متابعة المنصة والحفاظ عليها من قبل مكتب المبادرة العالمية لرصد الغابات، الذي تستضيفه الفاو، بتمويل من أستراليا والنرويج.. وتعرض البوابة معلومات من كبار شركاء تطوير رصد الغابات في العالم، بما في ذلك الحكومات الوطنية والعاملين في مجال التنمية ووكالات الفضاء وخبراء الغابات .. وتعتبر البوابة الإلكترونية مثالاً على التعاون الناجح وتبادل المعلومات المفتوح، وهي أساسية في عصر تغير المناخ العالمي الذي تتزايد فيه البيانات الجغرافية المكانية والمعلومات الأخرى المتنوعة والقابلة للاستخدام. وتواجه البلدان ضغوطاً متزايدة لتوفير معلومات حديثة وشفافة عن الغابات وانبعاثات غازات الدفيئة تلبي الأهداف والغايات الدولية، بما في ذلك الأهداف الموضوعة بموجب اتفاق باريس بشأن تغير المناخ وخطة عمل التنمية المستدامة 2030 ، وخاصة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدفين 13 و15، وتعمل البلدان النامية على بناء نظم وطنية لرصد الغابات تدمج أحدث التقنيات في مجال الاستشعار عن بعد وعمليات المراقبة الأرضية لرصد التغيرات في حجم الغابات وحالتها. إن إزالة الغابات وتدهورها في المناطق المدارية يسهم بشكل كبير في تغير المناخ.. وبحسب تقرير حول تغير المناخ والأراضي الصادر عن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (أغسطس 2019)، تشكل الغابات واستخدام الأراضي حوالي 13 % من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يسببها الإنسان، وينتج معظم هذه الانبعاثات عن إزالة الغابات وتدهورها. ومع ذلك، فإن تشجير الأراضي والإدارة المستدامة للغابات والحد من إزالة الغابات تجعل الغابات واحدة من أهم الحلول العاجلة وأكثرها فعالية من حيث التكلفة للحد من تغير المناخ، إذ تعمل الغابات على تنقية الجو من كميات كبيرة من الكربون أثناء نموها. وفقاً لتقرير "الأشجار والغابات واستخدام الأراضي في الأراضي الجافة : أول تقييم عالمي" ، والذي أطلقته منظمة الفاو في الاجتماع الرفيع المستوى المعني بالغابات خلال مؤتمر الأممالمتحدة المعني بتغير المناخ - COP25 - حيث يقع أكثر من ربع مساحة الغابات في العالم في الأراضي الجافة ، كما أن الأشجار موجودة في ما يقرب من ثلث مناطق الأراضي الجافة في العالم - تبين النتائج أن الأراضي الجافة ليست أراض قاحلة ، بل هي أراض منتجة ذات إمكانات اقتصادية كبيرة وقيمة بيئية. وبحسب تقييم الفاو، تغطي الأراضي الجافة التي تضم مناطق شديدة الجفاف والقاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، حوالي 6.1 مليار هكتار، أو 41 % من مساحة اليابسة على سطح الأرض.. ومن هذه الأراضي، تشكل الغابات حوالي 1.1 مليار هكتار (18 %).. وتعد الأراضي الجافة موطناً لحوالي ملياري شخص ونصف الماشية في العالم وأكثر من ثلث النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي العالمي ، وتوفر نقاط هجرة حرجة للطيور .. وأنظمتها الإيكولوجية معرضة لنقص المياه والجفاف والتصحر وتدهور الأراضي وآثار تغير المناخ .. ومن المتوقع أن تتوسع رقعة الأراضي الجافة في العالم بنسبة تتراوح بين 10 و23 % بنهاية القرن الحادي والعشرين، مما يشكل تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي وسبل العيش ورفاهية الإنسان. وعلى الصعيد العالمي، تشكل الغابات حوالي 18 % من الأراضي الجافة، يمتلك ما يزيد قليلاً على نصفها كثافة شجرية أعلى من 70 % ، بينما تشكل الأراضي القاحلة 28 % ، والأراضي العشبية 25 % ، والأراضي الزراعية 14% .. وتوجد الأشجار أيضاً في الأراضي الجافة خارج الغابات، ولا سيما في آسيا وأوروبا، وإجمالاً توجد الأشجار في حوالي ملياري هكتار من الأراضي الجافة. كما أصدرت الفاو عدداً جديداً من دورية مجلة منظمة الأغذية والزراعة للغابات والصناعات الحرجية ، تبحث في دور الغابات باعتبارها حلولاً طبيعية لإدارة المياه ، وتتمثل الرسالة الرئيسية في أن مستجمعات المياه الحرجية توفر ما يقدر بنحو 75 % من موارد المياه العذبة التي يمكن الوصول إليها في العالم، وبالتالي فهي تشكل بنية تحتية طبيعية حيوية وقليلة التكلفة لإنتاج مياه عالية الجودة - بما في ذلك للمدن- لأكثر من نصف سكان العالم. وستزداد أهمية إدارة الغابات للمياه أكثر في مواجهة تغير المناخ. وذكرت دراسة نشرتها دورية "ساينس أدفانسيس"، أن أكثر من 100 مليون هكتار من الغابات الاستوائية المطيرة التي تعرضت لتأثيرات مدمرة على مدار السنوات الماضية، يمكنها التعافي مما لحق بها من دمار، واستعادة مقوماتها البيئية والإيكولوجية ، بما يعزِز قدرة كوكب الأرض على مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، ويساعد على حفظ التنوع البيولوجي. ووفق نتائج الدراسة ، فإن الغابات التي تحظى بفرص مواتية لاستعادة عافيتها تقع في مناطق منخفضة على امتداد المنطقة الاستوائية، بداية من أمريكا الوسطى والجنوبية، مروراً بالقارة الأفريقية ، وحتى جنوب شرق آسيا، وتمثل حوالي 11% من مساحة الغابات على الكرة الأرضية، وقد تسهم في تجاوز مشكلات الاحترار العالمي، ونقص مصادر المياه وتلوثها، بالإضافة إلى وقف انقراض العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية. وبينما أشارت الدراسة إلى أن كلا من البرازيل وإندونيسيا ومدغشقر والهند وكولومبيا تحتوي على الجزء الأكبر من مساحات الغابات الاستوائية المطيرة القادرة على التعافي، والتي يطلق عليها "النقاط الساخنة للإصلاح"، فقد أظهرت أن 6 دول أفريقية ، وهي رواندا وأوغندا وبوروندي وتوجو وجنوب السودان ومدغشقر، تمتلك أفضل الفرص لاستعادة الغطاء النباتي، وفق متوسط المعدلات التي أمكن قياسها. وتعني "النقاط الساخنة للإصلاح" تلك المناطق التي فقدت أكثر من 10% من غطائها النباتي، مما يعني أنها مناطق محفوفة بالمخاطر، وأن العمل على تعافيها سيحقق أكثر فائدة وبأقل تكلفة. ويقول "بيدرو برانكاليون " المتخصص في علم الغابات بجامعة "ساو باولو" البرازيلية والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن استعادة الغابات المدارية أمر في غاية الأهمية للحفاظ على صحة الكوكب، سواء بالنسبة للوقت الراهن أو للأجيال القادمة، مضيفا أن الدراسة تقدم للمرة الأولى المساعدة للحكومات والمستثمرين وغيرهم ممن يسعون إلى استعادة الغابات المدارية الرطبة في العالم، لتحديد مواقع دقيقة تكون فرص استعادة الغابات فيها قابلةً للتطبيق ودائمة وأكثر فائدة ، مشدداً على أن استعادة الغابات أمر لا بد منه، كما أنه أمر يمكن تحقيقه. واستعان الباحثون بمجموعة من صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، ونتائج دراسة حديثة عن أربع فوائد للغابات، وهي تعزيز التنوع البيولوجي، وتخفيف حدة تأثيرات التغيرات المناخية، والتكيف مع التغيرات المناخية ، والأمن المائي، بالإضافة إلى ثلاثة معايير تتعلق بجهود استعادة الغابات، وهي التكلفة، ومخاطر الاستثمار، وفرص بقاء الغابات المستعادة مستقبلًا، بغرض تقييم وتسجيل جميع الأراضي المدارية حول العالم، والتي تحتفظ بأقل من 90% من غطائها النباتي، من خلال تقسيمها إلى وحدات بمساحة كيلومتر مربع لكل وحدة. ووفق الدراسة، فإن أكثر 15 دولة تمتلك أكبر مساحات قابلة للإصلاح من الغابات الاستوائية المطيرة، فتوجد 3 منها في المنطقة المدارية بأمريكا الوسطى والجنوبية، و5 في أفريقيا الاستوائية ، و7 دول بجنوب شرق آسيا وأستراليا، بينما تمثلت أكثر 5 دول تمتلك أكبر مساحات قابلة للإصلاح، في كلّ من البرازيل وإندونيسيا والهند ومدغشقر وكولومبيا. كما أظهرت الدراسة أن 6 دول أفريقية سجلت أعلى معدل استعادة الغطاء النباتي للغابات، وهي رواندا وأوغندا وبوروندي وتوغو وجنوب السودان ومدغشقر. ووجد الباحثون أن ما يقرب من 87% من النقاط الساخنة للإصلاح توجد ضمن بؤر ساخنة أيضاً للحفاظ على التنوع البيولوجي؛ لما تحتويه من تركيزات عالية لأنواع لا يمكن العثور عليها في مناطق أخرى، ولكنها معرضة لخطر إزالتها، كما أن 73% من تلك النقاط الساخنة توجد في بلدان سبق أن تعهدت ببذل جهود لاستعادة الغطاء النباتي بها بموجب "تحدي بون"، الذي يهدف إلى تجديد 150 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة واستعادتها بحلول عام 2020، و350 مليون فدان بحلول 2030.