أقيم العرض المسرحي "14 يوليو" تأليف رومان رولان وإخراج خالد عبد السلام - لفرقة قصر ثقافة هواة المنصورة - على مسرح الشباب والرياضة، في اليوم الثاني عشر من فعاليات المهرجان الختامي لفرق مسرح الأقاليم في دورته التاسعة والثلاثين، والذي تقيمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتنظمه الإدارة العامة للمسرح برئاسة دعاء منصور، التابعة للإدارة المركزية للشؤون الفنية برئاسة نانسي سمير. ونذكر بأن رومان هو أديب فرنسي ولد يوم 29 يناير 1866 وتوفي يوم 30 ديسمبر 1944، وهو من قادة الفكر الحيث المدافعين عن السلام، وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1915 وكانت الجائزة بمثابة تحية إلى المثالية النبيلة عن إنتاجه الأدبي ودفاعة عن الحق والحرية، وعلى غرار فلسفته - وهي إعلاء شأن القيم الإنسانية والبحث عن الحرية والسير في كل السبل التي تؤدي إلى التحرر وعلى رأسها الثورة - يقدم العرض سلوك الشعب خلال ثلاثة أيام قبل قيام الثورة الفرنسية، وكيف تجمعت الطبقات المعدمة والفقيرة والمتشردة، وكيف خرج جنود من صفوف الجيش ليحاربوا الملكية الظالمة، فمن الملاحظ أن المخرج قد التزم بالنص الأصلي كما كتب، ولم يحاول إسقاطه على ثورة 25 يناير، ولتظل القراءة الرمزية للنص هي التي تقوم بدورها في التناص الذي يحدث تلقائيا داخل عقل المشاهد. وجدير بالذكر أنه قد تجلّى توافق كبير بين مفردات العرض المسرحي، حيث الأزياء كانت متوافقة مع الشخصيات وكذلك الديكور والموسيقى والأداء التمثيلي، إلى جانب الإضاءة التي جعلت من نص "رومان رولان" حاضراً هنا والآن، ولتتضح لنا عمق فلسفة رولان وهي التركيز على البعد الإنساني داخل الفرد، كما يظهر لنا أنه اتّخد من الدفاع عن المهمشين قضية جادة عمل عليها كثيراً خلال كتاباته المسرحية، وفي "14 يوليو" يتجسد الخوف من فشل الثورة، والصراع النفسي داخل الثوريين، وينتهي إلى أن يتمكنوا من إسقاط سجن "الباستيل"، ذلك السجن العملاق الذي كان يشكّل رمزاً للديكتاتورية والملكية الطاغية، ورغم سقوط آلاف الضحايا إلا أن الشعب استكمل مسيرته ليسقط الملكية ولتقام الجمهورية، لينتصر الحق وليتحرّر الجميع، لكي يتساوى بالعدل كما أقر مانفيستو الثورة الفرنسية الذي قرأه علينا أحد زعماء الثورة على خشبة المسرح، ويذكر أن "رولان" قد نادي بأن يكون المسرح متحرِّراً من برجوازيته، هاجم المسرح الكلاسيكي والمسرح الرومانتيكي داعيا إلى أن يكون الفن المسرحي صدى لتفكير العصر الذي نعيشه.