القتل وسفك الدماء لم يكن قاصرًا على سلاطين الدولة العثمانية، بل امتد إلى السلطانات، مثلما أصدر السلطان محمد الفاتح قانون البغي ليقتل به إخوته وينفى أباه، ابتدعت السلطانة صفية زوجة السلطان مراد الثالث فكرة الأقفاص لإبعاد الطامعين في العرش من أبناء السلطان عن المشهد العام ما ترتب عليه خروج جيل من الأمراء المسوخ، إذ أسست غرفا في قصور فخمة لحبس أبناء وأشقاء الحاكم وإحاطتهم بالجوارى والخصيان فأدمنوا الخمر والسفة، وحظرت عليهم الحديث في السياسة ومن كان يخالف أوامرها لم تتورع عن ضرب عنقه، مما أصاب الأمراء بأمراض نفسية وصلت لحد الجنون، الأمر الذى دفعت خلاله دول العالم الإسلامى ثمنه غاليا، فالسلطان إبراهيم الأول حبس بهذه الغرف التى عرفت تاريخيا ب«أقفاص صفية» 22 عاما وحكم 8 سنوات فعمت الفوضى أركان الدولة، ونفس الأمر تكرر مع السلطان مصطفى الأول الذى قضى طفولته داخل قفص وشاهد اعدام إخوته فأصيب بالجنون، حتى قاده موت ابن أخيه السلطان مراد الرابع لعرش الدولة العثمانية فعانت الدولة من قراراته. إجرام صفية لم يتوقف على القتل غير المباشر إذ تورطت في قتل السلطانة الأم نوربانو، والدة مراد بدس السم لها في طعامها، وكان عمرها آنذاك 66 عاما. لم تتوقف دموية السلطانة صفية عند هذا الحد، بل قامت بتحريض ابنها السلطان محمد الثالث، على قتل إخوته التسعة عشر قبل أن يدفن والده، خوفًا من تمردهم عليه ومنافسته على العرش. «كوسم سلطان» أشهر سلطانات الدولة العثمانية التى حكمتها فعليا في عام 1617، مارست نفوذها بصورة غير مسبوقة أو متبوعة، ووصلت إلى قمة المجد والسلطة في الدولة العثمانية في مشهد استثنائي، وهى أكثر سيدة احتكرت منصب «السلطانة الأم» خلال مدة سلطنة ابنيها «مراد الرابع، وإبراهيم الأول»، لفترة امتدت لربع قرن، وكانت نائبة السلطان لابنها «مراد الرابع» ثم حفيدها «محمد الرابع» لما يقارب 12 عاما، فتجمع بين يديها سلطات واسعة مكّنتها من أن تكون ضلعا أساسيًا في السياسة العثمانية في النصف الأول من القرن ال17 الميلادي. سطرت «كوسم سلطان» فصلا جديدًا من فصول الخيانة، حيث قادت تمرد الانكشارية ضد السلطان إبراهيم الرابع عام 1648. كما قررت «كوسم سلطان» إعدام ابنها بعد عزله ب 10 أيام، بعد أن كانت سببا في حمايته من القتل على أيد أخيه السلطان مراد الرابع خوفا على السلالة العثمانية من الانقراض.