رجحت عدد من الصحف اللبنانية احتمال أن تخرج الحكومة اليوم إلى النور برئاسة رئيس الوزراء المكلف تمام سلام وسط توقعات بعدم حصولها على ثقة المجلس النيابي بسبب استمرار الخلاف على تشكيلها بعد تضامن حزب الله مع حليفه العماد ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر الذي يرفض فكرة المداورة (تبادل الحقائب الوزارية بين الكتل) ويصر على الاحتفاظ بحقيبة الطاقة التي يشغلها حاليا صهره جبران باسيل. وقالت صحيفة النهار اللبنانية إنه المتوقع أن يشهد اليوم الخميس ولادة الحكومة السلامية(نسبة إلى رئيسها تمام سلام) ولكنها ستولد دون سلام ووئام في ظل الخلاف على الحقائب والأسماء حكومياً،. ونقلت الصحيفة عما وصفته بمصادر مواكبة أن الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان كان يستعد عند اجتماعه الطويل مساء امس مع رئيس الحكومة المكلف تمام سلام والذي استمر ساعة ونصف ساعة، لإعلان مراسيم تشكيل الحكومة اليوم، وتناول البحث بينهما اسقاط الاسماء على الحقائب في تشكيلة من 24 وزيرا على قاعدة الثلاث 8 كما هو متفق عليه تحت عنوان "حكومة وطنية جامعة". وأضافت أن الاتصالات نشطت حتى بعد انتهاء لقاء بعبدا لمواكبة طلبات الاطراف المعنيين في شأن اختيار من يمثلهم في وزارات الحكومة والتي يأخذها سلام في الاعتبار. وأوضحت المصادر أن قرار الرئيسين هو ان تبصر الحكومة النور اليوم قبيل سفر الرئيس سليمان غدا الى تونس، وإلا فان اعلان الحكومة سيرجأ الى السبت، في حين ان سليمان وسلام يفضلان انجاز المهمة اليوم باعتبار ان الاجواء مواتية وان التأخير لا يفيد. ونقلت "النهار" عن اوساط قوى 8 آذار ان رئيس الحكومة المكلف قد يستجيب للدعوات الى التريّث، لكنها في الوقت نفسه لا تستبعد الولادة اليوم. في المقابل، قالت مصادر قوى 14 آذار ل"النهار" إنها تتوقع أيضاً إعلان تأليف الحكومة اليوم واستقالة جميع وزراء قوى 8 آذار منها، أي وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "أمل" و"تيار المردة" وحزب الطاشناق، في حين يبقى وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي، ولكن من غير أن يؤدي الامر إلى توتر في الشارع أو احتجاجات ذات طابع عنفي. وأضافت أن الحكومة الجديدة - الناقصة 8 وزراء - ستمارس تصريف الأعمال وفقاً لما ينص عليه الدستور الذي يعتبرها في هذه الحال قبل أن تنال ثقة مجلس النواب، كما في حال استقالتها أو اعتبارها في حكم المستقيلة. وبعد يومين أو ثلاثة من إعلان التأليف ستصدر "مراسيم البدلاء" التي تحدد لكل وزارة وزيرا بديلا يتولى مهماتها في غياب الأصيل أو استقالته. مع العلم أن استقالات وزراء 8 آذار لن تقبل وسيظلون قادرين على العودة عنها وتسلم حقائبهم. وشددت المصادر على أن الحكومة ستكون ميثاقية لأنها تجمع في مرسوم تأليفها ممثلين لكل الطوائف والمذاهب، مع العلم أن أحد الوزراء الشيعة (العميد عبد المطلب الحناوي) لن يستقيل منها. كما لن يعين وزراء بالأصالة عن المستقيلين الذين لن تُقبل استقالاتهم. وفي مجال البحث في الأسماء، علمت الصحيفة أن قوى 8 آذار أبدت رفضا شديدا لتعيين الوزير السابق والنائب أحمد فتفت وزيرا للداخلية (أحد صقور تيار المستقبل). وثمة عقدة أخرى تتمثل في إصرار حزب الكتائب على نيل حقيبتين، التربية والصناعة، في حين يرجح المتابعون أن تعطى للحزب الصناعة ( سجعان قزي) والتربية بالوكالة. كما أن وزارة الدفاع الوطني عادت في عملية تركيب الحكومة إلى فريق رئيس الجمهورية، والمفترض أن يكون من يتولاها مارونيا مما يعزز حظوظ الوزير السابق خليل الهراوي. أما صحيفة السفير، فقالت يمكن القول إن القرار بتشكيل حكومة الامر الواقع قد صدر خلال "اجتماع مساء أمس، بين الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام، لا بل إن مشروع مرسوم التأليف بات جاهزاً، ويبقى توقيت إعلانه بين الساعات المقبلة ومطلع الأسبوع كحد أقصى، تبعاً لما ستؤول اليه مشاورات تمام سلام في اللحظة الأخيرة، والهادفة الى سحب ما أمكن من ذرائع الاستقالة"، كما أبلغت مصادر واسعة الإطلاع "السفير" ليلاً، أن جهات داخلية وخارجية ما تزال تنصح بالمزيد من "التريث". وقالت مصادر واسعة الاطلاع ل"السفير" إن اللقاء بين سليمان وسلام ليل أمس ناقش بالتفصيل التشكيلة الحكومية المفترضة، اسماء وحقائب، وتم الاتفاق على ضرورة استكمال الاتصالات مع القوى السياسية، بشكل عاجل، لإنضاج "توليفة" تطمئن الجميع وتجعل كل طرف يشعر بأن حقوقه مصونة، مع ما يتطلبه ذلك من دقة في الحسابات والمقادير، لا سيما ان محاولة تحسين مواصفات الحكومة لإرضاء "8 آذار" استوجبت جولة جديدة من المفاوضات مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري حول "مطالب طارئة" لفريق "14 آذار". وجاء حسم سليمان وسلام لخيار الحكومة السياسية بأقل الخسائر الممكنة بعدما تبلّغا من ممثل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وزير الشئون الاجتماعية وائل ابو فاعور أن المسعى الذي بذله جنبلاط حتى ليل أمس الأول مع "حزب الله" لإنقاذ فرصة التوافق قد فشل. وأبلغت أوساط متابعة للاتصالات "السفير" أن جنبلاط تلقى رداً سلبياً من الحزب في شأن عرض يقضي بإعادة توزيع الحقائب الأمنية بشكل يرضي فريق "8 آذار" ويعالج هواجسه، إلى جانب اقتراح ب"إغواء" العماد ميشال عون بحقيبة دسمة إضافية، مع الاشارة الى ان سلام كان قد أكد للرئيس نبيه بري أن وزارة الداخلية لن تؤول لشخصية مستفزة في "فريق 14 آذار". وقد تبلغ جنبلاط أن "حزب الله" لن يترك عون وحيداً وأن كل فريق "8 آذار" سيتخذ قراراً موحداً وسيتضامن مع الموقف الذي سيتخذه رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون بعد تشكيل حكومة الأمر الواقع، فاما ندخل الى الحكومة مجتمعين او نقاطعها مجتمعين، والاتجاه هو نحو عدم المشاركة إذا لم يشارك عون. وفيما توقعت أوساط سياسية مطلعة الإعلان عن حكومة الامر الواقع، بمن حضر، بعدما تم استهلاك كل محاولات التوافق، رجحت أوساط أخرى متابعة للمشاورات أن تنجح محاولة "التدخل السريع" التي تحركت من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري ووليد جنبلاط على عجل في تأجيل ولادة الحكومة - وقتاً إضافياً، ربما لن يكون طويلاً، لكنه يكفي لإعطاء "الفرصة الأخيرة" للتسوية جرعة إضافية من "الأوكسيجين"، قبل أن تُنزع عنها أجهزة التنفس الاصطناعي، وذلك تجاوباً مع دعوة نبيه بري خلال لقاء الأربعاء النيابي الى التمهّل.