ألقى البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عظته الأسبوعية، اليوم الأربعاء، من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وإليكم نص كلمة البابا تواضروس الثاني، خلال الاجتماع الأسبوعي: في البداية نهنئ كل الناجحين في الثانوية العامة والشهادات الفنية والمتفوقين. أن الطلبات التي قيل عنها في الكتاب المقدس "كل حين" الصلاة والشكر والفرح كل حين والشكر في كنيستنا نعبر عنه في "صلاة الشكر" ومن مميزات هذه الصلاة أنها تُصلي بصيغة جماعية ويصليها كل الناس ونشكر ربنا على كل ما يقدمة لنا هذه الصلاة تبدأ بسبع نِعم يعطيها الله لنا...يعطيها لنا مهما كان حالنا ونشكره على هذه السبع نِعم وسوف نتأمل في هذه النعم السبعة خلال الأسابيع القادمة... "فلنشكر صانع الخيرات... لأنك سترتنا وأعنتنا وحفظتنا وقبلتنا إليك واشفقت علينا وعضدتنا وأتيت بينا اإلى هذه الساعة" هذه النِعم يجب أن يشعر بها كل إنسان ويشعر بقيمتها وأهميتها في حياة كل واحد فينا. نتأمل في النعمة الأولى نعمة الستر: نشكرك لأنك سترتنا، أحد الصفات التي نصف بها إلهنا أنه الله الساتر الذي يستر وستر الله لا يوجد في مفردات اللغة فلا توجد كلمات تقدر أن توصفه، يستر علينا كلنا ولا يستطيع إنسان أن يقف أمام الله ويقول أنه لا يحتاج للستر حتى الذين يعيشوا في الخطية والبعيدين وحتى الذين ينكرون وجود الله... الله يستر عليهم حتى الناس اللي قلوبهم فارغة من كل شئ والذي يستخدم لسانه في استخدامات شريرة الله يستر عليه حتى الحرامي عندما يسرق يقول ربنا يستر، وفي التقليد الشعبي نجد أن كل ما يريده الإنسان هو الستر والصحة، ولا نعرف ان نحصر كم مرة ستر الله علينا، لكن داود النبي يقول في مزمور 17 "احفظني مثل حدقة العين بظل جناحيك استرني " ويقول في مزمور 64 "استرني من الأشرار من مؤامرت الإشرار من جمهور فاعلي الإثم " أولا: لماذا يسترالله علينا ؟ الله الذي خلقنا وأعطانا نعمة الحياة يستر علينا لثلاث صفات فيه: 1- هو واهب الغفران. 2- لأنه كلي المحبة. 3- لأنه نبع الأبوة. أولا: الله يستر علينا لأنه واهب الغفران: هو الذي غفر لنا (من يغفر خطية الإنسان إلا الله الذي خلق الإنسان) فجاء الله " الكلمة صار جسدا وحل بيننا " تجسد الله ثم الصليب والخلاص والفداء كان من أجل غفران خطية الإنسان وإلا يوجد شئ آخر أو إنسان آخر يستطيع أن يغفر خطيئة الإنسان لذلك ربنا بيستر علينا " تبتهج نفسي يا إلهي لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص وكساني رداء البر" وكساني تعني ستر الله على، وستر الإنسان يأتي من أيام آدم وخطية...آدم وحواء بدأت باللسان والشهوة ودخلت الحية من هذا الباب وانزلق الإنسان وكسر الوصية وفي سفر حزقيال يشبه النفس البشرية بالإنسان الملقي في الشارع ويريد من يأتي ويستر عليه "فَمَرَرْتُ بِكِ وَرَأَيْتُكِ، وَإِذَا زَمَنُكِ زَمَنُ الْحُبِّ. فَبَسَطْتُ ذَيْلِي عَلَيْكِ وَسَتَرْتُ عَوْرَتَكِ، وَحَلَفْتُ لَكِ، وَدَخَلْتُ مَعَكِ فِي عَهْدٍ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَصِرْتِ لِي." (حز 16: 8) وكأن النفس البشرية من أيام آدم صارت كالإنسان الملقى في الشارع وفقد كل شئ وصار حاله صعب جدًا: وفي سفر القضاة بني إسرائيل عندما تحدث لهم مشكلة يختاروا قاضي ( مخلص) فيحل المشكلة ثم يعودوا للخطية مرة ثانية وهكذا حياة الإنسان و كذلك داود النبي وخطيته المشهورة مع امرأة اوريا الحثي وتاب عنها فيقول " استر وجهك عن خطايا وامحوا كل أثامي" هذا هو الله واهب الغفران للإنسان. من الأمثلة المشهورة "المرأة الخاطئة في بيت سمعان الفريسي"، وكان سمعان معجب بنفسه ودخلت المرأة وانحنت وسكبت دموعها وقدمت توبة. سمعان يقول " لو كان هذا نبيًا لعرف أن هذه المرأة خاطئة " والإنجيل يقول أن السيد المسيح غفر لها وستر عليها لأنها أحبت كثيرًا وصارت مثال ونصلي بهذه القطعة في نصف الليل. 2- يستر علينا لأنه كلي المحبة: الله محبة إي أن تفصيل شرح الله أنه محبه دائمه وحركة دائمة، في محبته يستر ويعلن هذه المحبة وتجلت مع يعقوب ومع إيليا،ومحبة الله فياضة ليس لها حدود. 3- الله يستر علينا لأنه نبع الأبوة: نقف دائما ونقول " يا ابانا الذي في السموات "وعندما نرشم شماس ويصير كاهن يصبح أبونا، كلمة الأبوة مفتاح الله هو نبع الأبوة ونحن نستمد هذه الأبوة من الله والأبوة في أصلها ومعناها هي الستر والحماية، أروع مثال في الكتاب يشرح لنا الأبوة مثل الابن الضال وكيف أن هذا الابن الذي أخطئ كل هذه الخطايا عندما عاد وجد أحضان أبيه مفتوحة " وإذا كان لا يزل بعيدًا رأه أبوة فتحنن ورقد ووقع على عنقه وقبله " الأب يستقبل الابن ويقدم له الهدايا ويذبح العجل المثمن ولكن الأهم يقدم له الحضن ويقبله ولا يتأفف منه ولكن نرى في نفس القصة موقف الأخ الكبير فاقد الأبوة ويتكلم على أخيه بكلمات ردية" ابنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزواني" وفضح أخيه وكأنه يقول لأبيه أنك لم تحسن تربيته لكن الأب ستر ورجع ابنه إلى رتبته الأولى، مثال آخر المرأة السامرية هذه الإنسانة سميت بإسم بلدها فستر عليها ولم يذكرها بالإسم حتي لا يفضحها وكان الحوار معها كله مليء بالستر والحنان والعذوبة وبدل هذه الإنسانة التي كانت بعيدة جدًا وجعلها قديسة وكارزة، ستر عليها ودخل المسيح إلى أعماقها من خلال الاحتياج وقادها إلى توبة وتصير إنسانة كارزة وهذا دور الله للإنسان. ونأتي لدور الإنسان نحو أخيه الإنسان، الله يستر على الخليقة كلها صباحًا ومساءًا وفي الأديرة يُصلي صلاة الستار، ستر الإنسان على الإنسان" لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ " لا تستطيع أن تستر على أخيك وتفضحه في حين أن لسانك قد يضيعك ويفقدك الأبدية وهذا الجزء يبدأ "لا تدينوا لكي لا تدانوا " مثال قصة الراهب الذي لا يدين وكان فرح وقت وفاته ستر الإنسان على الإنسان: 1- ستر خصوصيات الآخر: كل واحد فينا له عائلة وأصدقاء ومعارف، ليس لك الحق في نقل خصوصيات الآخر ونقل أخباره، أيها الحبيب هل تستطيع أن تستر الآخر ؟ ويجب على المتزوجين أن يحافظوا على خصوصياتهم " بكلامك تتبرر وبكلامك تدان " مثال المرأة التي أمسكت في ذات الفعل والناس يريدوا أن يرجموها ولا ينظروا لخطيتهم أما السيد المسيح فعالج الأمر بمنتهي الستر "جلس على الأرض وكتب " وبعض الأباء يقولوا أنه كتب خطيتهم وعندما رأوا خطيتهم انزلوا الحجارة ومضوا " وقال إما دانك أحد اذهبي ولا تخطئ" وانتهت القصة 2- حفظ خصوصيات سر الأعتراف: سر الأعتراف أحد الأسرار الأساسية في حياة كنيستنا وهو يضبط ميزان ومسار الحياة الروحية للإنسان ويضبط الطريق الروحي، وأب الأعتراف هو الكاهن والمرشد ويعرفك الطريق وكل ما نسمعه في سر الأعتراف يجب أن يحفظ تمامًا والكاهن الذي يفشي أسرار الأعتراف يستوجب العقاب ولكن بعض الناس تعتقد أن الكاهن يفشي سر الأعتراف لأنه قال حكاية في عظة وقالها بدون تفاصيل ولكن الناس تكون حساسة،سرية سر الأعتراف أحد صور الستر ولذلك ممارسة سر الأعتراف من أصعب الممارسات التي يمارسها الكاهن لأنه تتجمع عنده أحوال وخصوصيات آخرين ولا يستطيع أن ينطق بحرف وأحيانًا يكون في مأزق خطير عندما يسأله أحد في موضوع الأرتباط فيكون هناك نزاع بداخله وأنصح الكاهن أن يتحلي بالحكمة دون أن يفشي أي سر، استر على غيرك ما دمت محتاج للستر. 3- كيف نقتني فضيلة الستر: أ - تذكر ستر الله لك: الله يستر علينا جميعًا ومن لا يشعر بستر الله ويشكره عليه كل يوم هو إنسان جاحد. ب- تعلم أن تحب الآخرين مهما كانوا: حب الجانب الحلو الذي في الإنسان، الله عندما تحدث مع زكا والسامرية واللص اليمين أهتم بالكلمة الحسنة التي قالها اعتبرها توبة وركز في هذه الكلام ولم يركز في باقي الأخطاء السابقة، " لتكن محبتكم بعضكم لبعض شديدا لأن المحبة تستر كثرة من الخطايا " ومار أفرام السرياني"التلذذ بعيوب الآخرين يدل أننا ممتلئين بغضة " والقديس مكاريوس الكبير يقول " يا أخي أحكم على نفسك قبل أن يحكموا عليك " والقديس موسي الأسود عندما سألوا ان يحضر محاكمة واحد من الرهبان ودخل معه شوال الرمل وقال "خطاياي تجرى وارئي واحكم على غيرى" يجب أن نعيش بهذا الكلام ونغير من سلوكنا ونعرف أن الذي يسير في طريق السما يتمتع بنعمة الستر من الله وهو أيضا يستر على الآخرين ج - تعلم أن لا تدين غيرك: وقد يتسأل البعض لماذا يوجد مجالس تأديب ولكن هذا نظام في إدارة العمل " الأنبا أنطونيوس يقول "لا تدن غيرك لئلا تقع في ايد أعدائك " الذي يدين يقع في نفس الخطية التي أدان عليها و" إذا ادنا أنفسنا لا يبقي لنا وقت لندين الآخرين " ليس أفضل أن يرجع الإنسان بالملامة على نفسه في كل شئ، العبارات كثيرة جدًا في موضوع الستر لكن خلاصة الأمر... أنك عندما تصلي صلاة الشكر تقول أشكرك يارب لأنك سترتنا، سترت حياتي في الماضي والحاضر وسترت أسرتي الكبير والصغير فيها وسترت على أصدقائي وعلى خدمتي وكنيستي ومجتمعي، نعمة الستر نعمة غالية حاول أن تشعر بها واستر على كل اللي تعرفهم وتعلم هذه الفضيلة. لألهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد كلها آمين