151 إمامًا معينين مباشرة من طرف أنقرة.. ويبثون فكرهم المتطرف وسط الجالية 320 ألف مواطن تركى لهم حق التصويت.. معظمهم من أنصار حزب العدالة والتنمية أردوغان حصل على 66% من أصوات الجالية التركية في فرنسا.. رغم فوزه بنسبة 51.79 ٪ فقط في تركيا!" السلطات الفرنسية تشعر بالقلق إزاء طموحات أردوغان.. و"ماكرون" يؤكد: المشروع التركى مشروع سياسى دينى بالأساس مجلة فرنسية: بعض المسؤولين يفضلون غض بصرهم.. وصمت المسئولين المحليين سذاجة مفرطة ميشيل بلانكيه حذرت مجلة "ليكسبريس" الفرنسية، على صدر غلافها الرئيسى، من خطورة التغلغل التركي في فرنسا، وفق خطة جهنمية تحت رعاية الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى يتابعها لحظة بلحظة. وذكرت المجلة، في تقرير نشرته فى عددها الصادر الخميس للصحفيين أنياس لوران وبول كونج، أن "باريس تشعر بالقلق إزاء الطموحات السياسية والدينية للرئيس التركي في فرنسا، على الرغم من انتكاسه الأخير في إسطنبول". وقالت إن الدوائر العليا في فرنسا، تبحث كيفية مواجهة هذا الخطر الداهم والنحذير منه ومن تداعياته على القيم الأوربية، ووجه جان ميشال بلانيكه، على إذاعة مونت كارلو، ضربات متتالية للدولة التركية، وقال: "هناك العديد من الأعمال غير الودية التي تأتينا من تركيا"، و"هناك قلق حيال ما تقوم به السلطات التركية وسط الجالية التركية في فرنسا"، و"هناك محاولات لتوغل الأصولية الإسلامية في البلاد." وأشارت المجلة الفرنسية، إلى سعي أنقرة لإنشاء مدارس ثانوية تحت سلطتها في فرنسا، رغم أن الجانب التركي يراوغ ويحاول التقليل من اهمية الموضوع، حيث أعرب إسماعيل حقي موسى، سفير تركيا في فرنسا، عن أسفه لهذا "النزاع على المدارس الثانوية"، وزعم أن وزير التعليم الفرنسى قد تم "إبلاغه بالأمر بشكل سيء" وأن هناك تقدير "خاطئ" للوضع!. وسبق للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، أن حذر في مارس الماضى، أثناء لقائه مع المثقفين بمناسبة الحوار الكبير، من «تلاعب تركيا في مجال العلمانية»، وقال: "يجب أن ننجح في توضيح الأمور مع تركيا لأن المشروع التركي كما هو عليه اليوم هو مشروع سياسي ديني". ولعدة أشهر، تشعر السلطات الفرنسية بالقلق إزاء طموحات رجب طيب أردوغان وأتباعه في فرنسا. ولم تغير الانتكاسة الأخيرة في اسطنبول شيئا حتى الآن، حيث لايزال الرئيس التركي يسعى للنفوذ والتغلغل في الحياة السياسية والاجتماعية الفرنسية. وذكرت "ليكسبريس" أن حزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان الحاكم في تركيا، لا يخفى ذلك أبدًا، حيث استولى منذ وصوله الى السلطة في مارس 2003، على الهياكل المجتمعية القائمة لنشر أيديولوجية إسلامية محافظة عير جالياته في أوربا عامةً وفى فرنسا خاصةً. وأصبح التغلغل ممكنًا بفضل التنظيم الاستثنائي للمهاجرين الأتراك، وخاصة أولئك الذين أتوا لدواعي اقتصادية في السبعينيات وتجمعوا حول جمعيات منظمة للغاية. ومهما كانت التسمية سواء الصداقة الفرنسية التركية، أو المركز الفرنسي التركي، أو غير ذلك من الأسماء فإن كل تلك المنظمات تخضع لنفس نظام العمل والتسيير وذلك بتمويل من أنقرة، وعلى سبيل المثال نجد مسجد يخطب فيه إمام عينته الدولة التركية، مقهى يديره أتراك، قاعات لحفظ القرآن والدعم المدرسي للأطفال. وهكذا تدور معظم الحياة الاجتماعية في هذه الفضاءات، خاصةً بالنسبة للمهاجرين الذين لا يتقنون الفرنسية. أردوغان 151 إماما معينين مباشرة من طرف أنقرة ومن أخطر هذه الأمور، كما تقول الصحيفة، أن سجلات الهيئة المسؤولة عن الشؤون الدينية، وتخضع للسيطرة المباشرة للسلطة، وتشرف على الأئمة، تتضمن 151 إمامًا عينتهم تركيا، وتشكل بذلك قوة توغل حقيقية حيث أنهم يمثلون نصف الدعاة الأجانب. ويعلق احد المعارضين للنظام، قائلًا: "تخيل هذه الشبكة التي تتلقى توجيهات من تركيا، وبطبيعة الحال، هم يركزون بشكل كبير على خطب الجمعة بالرغم من انهم يعرفون أنها مراقبة، فيما يشكل نشاط الأئمة، في الحياة الاجتماعية وسط الأتراك، وسائل نفوذ بامتياز" وخلال السنوات الأخيرة، ازداد الضغط على السياسة الفرنسية. وقاد اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين في 2012، وهو إمتداد سياسي موالي لحزب العدالة والتنمية في أوربا، في فرنسا حملة عنيفة ضد القانون الذي يندد بالإبادة الجماعية للأرمن. وعشية التصويت، استجاب 15000 تركي لدعوته للتظاهر ضد هذا القانون. وكان أحمد أغراس، المقرب من أردوغان، قد قاد هذه المظاهرة الرمزية للغاية كرئيس المجلس الفرنسي للإيمان الإسلامي (CFCM) آنذاك، مما يعتبر ذلك دليلًا على الأهمية التي توليها السلطة التركية لهذه الهيئة التابعة لوزارة الداخلية. وتمضى المجلة الفرنسية، فتقول أن في الفترة الأخيرة، قام مجلس العدل والمساواة والسلام (Cojep)، الذي يقدم نفسه كمنظمة غير حكومية دولية معارضة للسلطة، بمعارضة شديدة ضد تعديل قانون من طرف مجلس الشيوخ يحظر على الأمهات المحجبات مرافقة الأطفال في المدرسة. وقال في بيان له "لنتحد ضد القانون القمعى المعادى للحريات والذي يحظر على الأمهات المحجبات المرافقات إرتداء الحجاب"، وهي تصريحات لا تختلف عن تلك التي ادلى بها سفير تركيا، الذي قال "الحجاب جزء من الزي التقليدي، إنه ليس البرقع، هل تحرض هؤلاء الأمهات على الكراهية؟" رهان انتخابي يضم 320 ألف ناخب في فرنسا ونبهت "ليكسبريس" إلى أنه بالنسبة للسلطة التركية، فإن الرهان ليس أيديولوجيا فحسب، بل هو انتخابي كذلك، حيث يتمتع المواطنون الأتراك في الخارج بالحق في التصويت منذ 2014، وهم يشكلون "احتياطي ثمين" من الأصوات. ومن بين 700 ألف شخص من أصل تركي في فرنسا، فإن هناك 320 ألف شخص يمكنهم المشاركة في التصويت، ويعد كل صوت مهما للغاية، خاصةً وأن معظم الناخبين الأتراك في فرنسا هم من المؤيدين لحزب العدالة والتنمية. وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2014، فاز أردوغان بنسبة 66 ٪ من الأصوات في فرنسا، مقارنة ب 51.79 ٪ فقط في تركيا. ويظل الفارق نفسه في كل اقتراع. "لا شيء يترك للصدف" حيث يتم استغلال جميع الوسائط الالكترونية لتمرير الرسائل. وتقوم وسائل إعلام تركية على النت، مثل Medyaturk info (التابعة ل Cojep) أو Red'Action، بدعم خطاب السلطة لدى الشباب. ويستمر الجيلان الأول والثاني من المهاجرين في مشاهدة التلفزيون التركي، الذي يتمتع بقوة مشاهدة كبيرة. وتم تكليف 180 معلمًا تم تعيينهم من قِبل أنقرة مباشرةً، بتدريس اللغة للأطفال والشباب الأصغر سنا في المدارس الحكومية في فرنسا. وكتب جاي بيتيك وسيجولين ديبار، في كتاب "تاريخ الأتراك في فرنسا" الصادر عن دار نشر "ديتور": "لمدة خمسة عشر عامًا، تطورت شخصياتهم، وأصبحوا معلمين أكثر تقوىً وتعلقًا بالقيم، التي تدعو إلى خطاب يبتعد شيئا فشيئا عن العلمانية". ومنذ محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، لا يجرؤ العديد من المعارضين الذهاب إلى المساجد الفرنسية التي تديرها الدولة التركية. وعلى وجه الخصوص، (أنصار عبدالله جولن) أعضاء الجماعة التي كانت ولمدة طويلة متحالفة مع أردوغان، وأصبحوا منبوذين اليوم. ووصلت انعكاسات القمع التركي بشكل ملموس إلى فرنسا. وقال باسكال توري، نائب رئيس القطاع الدولي لل PCF: "لقد عادت السيطرة على الجالية منذ الانقلاب، وانتشر نشاط جديد ذي صلة مباشرة مع القنصليات والسفارة". ويشعر المناضلون الأكراد، الذين يستهدفهم النظام منذ فترة طويلة، بتشديد الخناق عليهم، من بينهم أيت بولات، المتحدث الرسمي باسم المركز الديمقراطي الكردي في فرنسا (CDK-F)، الذي كان ضحية تهديدات بالقتل والترهيب، وتم اعتقال أحد أقاربه في تركيا واستجوابه من قبل أجهزة المخابرات في إزمير: "سألوه من هم أصدقائي، ما هي عاداتي في فرنسا". ويتجاوز الخوف دائرة المسيسين، حيث يعترف الكثير من الفرنسيين ذوي الاصول التركية بذلك بطريقة ما. وأصبحوا يتوخون الحذر بشأن ما يقولون خارج دائرة الأسرة. وعلى وجه الخصوص، على شبكات التواصل الاجتماعى التي من السهل السيطرة عليها. ذلك لأنهم يخشون أن يتم حرمانهم من العودة إلى تركيا بسبب كلمة مفرطة أو جملة جارحة، وبات معظمهم لا ينشر إلا القليل، ولا يتبادلون علامات الإعجاب إلا نادرًا. ويتداول الجميع حكاية، حصلت مع صديق أو أحد من المعارف ممن عرضوا أفراد أسرهم للخطر في البلد واضطروا للاعتذار لتجنب فقدان وظائفهم أو حريتهم. بات التهديد عامًا، ولم يعد الوضع يحتمل. وتشير المجلة إلى أن إدارة الشؤون الدينية في تركيا "ديانيت"، ليست هي الوحيدة التي تسعى لبسط نفوذها في فرنسا، فقد وسعت جماعات إسلامية، مثل ميلي غوروس، نفوذها من خلال فتح المساجد والمدارس والمراكز الثقافية التي تنشر فيها رؤية محافظة للإسلام. وقال محمد علي أكينشي، الأستاذ والباحث بجامعة روان: "هناك طوائف تزرع أفكارًا داخل المجتمع تجعله ينغلق على نفسه أكثر، ونلاحظ ظهورها منذ الألفية الجديدة". ويقول ديدييه ليسشي، مؤلف كتاب "مآسي الإسلام في فرنسا" الصادر عن دار نشر (سار): "منذ عدة سنوات، كان هناك تقارب أيديولوجي واضح للغاية بين إدارة الشؤون الدينية في تركيا "ديانيت" وميلي غوروس". مجتمعات متحفظة وتنبه المجلة الفرنسية إلى أنه لفترة طويلة، فضلت السلطات الفرنسية أن تغض بصرها. وظلت المجتمعات التركية، في الحياة اليومية، متحفظة. ويعترف المسؤولون المحليون المنتخبون أن لا وجود للجنح الكثيرة وسطها وأن قادتهم لا يطالبون بأي شيء. وعلى المستوى الوطني، لم يُغلق أي مسجد تركي بسبب التطرف، ولم يتم إعادة أي إمام إلى البلاد، كما حدث مع بعض الدعاة الجزائريين، ولم يكن لدى أي مدرس للغة التركية مشكلة مع الشرطة. ووصفت الصحيفة هذا السلوك من المسؤولين الفرنسيين المحليين بأنه "سذاجة بدون شك"، ويقول غاي بيتيك، وهو شخصية بارزة في المجتمع المدني العلماني: "أتذكر يوم قام مفتشو الشباب والرياضة الذين عاينوا أماكن استقبال الشباب، وجدوا كل شيء في المستوى وكانت الأماكن نظيفة للغاية، لدرجة أنهم شعروا بالاحراج، وعندما ذكروا ذلك، أجاب رؤسائهم: "تلك ليست مهمتنا، بل عمل الاستخبارات العامة"، ولم يحدث شيء. ومنذ ذلك الحين، ما زال القلق متزايدًا لأن استراتيجية أردوغان أتت بنتيجتها، خاصة بين الأجيال الأصغر سنًا، والذين يزداد استياءهم من المجتمع الفرنسي، ويقول أوميت ميتين، المنسق العام لجمعية مواطني تركيا (Acort)، وهي جمعية باريسية تعمل على قضايا الاندماج "في وقت النقاش الدائر حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، والنقاش حول الإبادة الجماعية للأرمن، شعرت الجالية بأن جميع اصابع الاتهام متجهة نحوها".
أردوغان مرجعية في الضواحي وفي بعض الضواحي الفرنسية، أصبح أردوغان الشخص الذي يدافع عن الجالية التركية، وكذلك أصبح "مرجعية" ضد "القمع الذي عانى منه المسلمون". ومن خلال استغلال مسألة الإسلاموفوبيا في فرنسا، ولكونه قدم نفسه في صورة المدافع المتحمس عن القضية الفلسطينية، أخذ المكان الذي تركه طارق رمضان شاغرًا. ويقول أنيل سيفتيسي، الرئيس السابق لجمعية الشباب التركي في فرنسا: "هؤلاء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عامًا كانوا في سن 15 عامًا عندما كان أردوغان في قمته، ويمثّل شخصية جذابة، إنه (الأخ الأكبر) الذي لم يجدوه في فرنسا، أما مواطنو المغرب العربى فقد تأثر كثير منهم بشخصيته إذ يحلمون بمثله أكثر من افتنانهم بشخصية مثل بوتفليقة" وفى نهاية تقريرها المطول، حذرت "ليكسبريس" الفرنسية من أن الانتخابات البلدية الفرنسية التي ستجري في مارس 2020 ستكون فرصة لقياس التأثير الذي تنوي السلطات التركية أن تمارسه على المستوى المحلي. وقالت أن حزب المساواة والعدالة قدم في الانتخابات الأخيرة في عام 2017، قدم حوالي خمسين مرشحًا. وهذه المرة، صدرت تعليمات لادراج المرشحين من أصل تركي في قوائم الأحزاب، وتساءلت الصحيفة: هل كل ذلك في سبيل البقاء بشكل افضل، مهما كانت النتيجة؟.