الزمن الجميل مليء بقصص الحب والعشاق التي اثرت في الجمهور بشكل كبير، ما زال يضرب بها المثل حتى الآن، لأن هذه القصص نتج عنهت الكثير من الأعمال الفنية في السينما والتليفزيون والغناء أيضا، ملأت السينما بمشاهد رومانسية وكلمات أغانٍ ستظل علامة للتاريخ، ومن ضمن قصص الحب الكبيرة التي تحدث عنها الجمهور لسنوات هي قصة أحد أهم وأبرز شعراء العصر الحديث أحمد رامي الذي تألق في شعره باللغة العربية الفصحى والعامية، وتمتع شعره بالسلاسة، وعذوبة الألفاظ ورقة الأحاسيس، لكوكب الشرق وسيدة الغناء "أم كلثوم" وبالرغم من انها قصة عذاب بالنسبة لرامي لأنه أحب من طرف واحد إلا أنها انتجت الكثير من الأشعار والقصائد الضخمة. حب رامي لأم كلثوم مثال الحب النقي الذي عاش أكثر من نصف قرن في قلب رجل، ولم ينل منه أي شيء إلا العذاب، وبسبب القصائد العظيمة التي كتبها أحمد رامي وغنتها كوكب الشرق لُقب رامي ب"شاعر الشباب" وكتب الكثير عن مشاعره اتحاه ام كلثوم التي لم تبادله اي عواطف حيث قال: "إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكني أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هي"، كما كتب لعا 137 لم يتقاض مليما واحدا لأن الأغنية عنده قطعة من نفسه وروحه وخياله، هذب معانيها وألفاظها، فلم يشأ أن يسري عليها نظام العرض والطلب، فقالت له: "أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك" وقال لها: "نعم، أنا مجنون بحبك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعت أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنى بها". ونبرز في هذا الموضوع تفاصيل القصة التي عذبت أحمد رامي وتصريحات أم كلثوم التي جرحته والاغنية التي كتبها لها وغنتها، حيث قال عنه الرئيس أنور السادات، رقة وعذوبة لا مثيل لها، وقالت أم كلثوم: "أحب في رامي الشاعر وليس الرجل" وجرحه ذلك، فكتب لها أغنية تقول: "عزة جمالك فين..من غير ذليل يهواك"، وفي مرة اشتد الخلاف بينهما، فقالت له بين العاملين: "يا ريتني ما عرفتك يا شيخ"، فحزن، ثم غضب، فانفجر وكتب: "من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي، وأبيت حران الجوانح صاديا أصلى بنار الوجد بين ضلوعي"، وبعدها كتب: "حيرت قلبي معاك، حأفضل أحبك من غير ما أقولك". خصص رامي يوم أجازته لأم كلثوم ليعلمها اللغة العربية والفرنسية وعلمها الأدب العربي والشعر، ليرشدها إلى الكتب التي تنمي ثقافتها، وخلال هذه الفترة، علمها اللغة العربية أكثر من الفرنسية، كما أن شقيقات احمد رامي علمن "أم كلثوم" الحياة القاهرية، وكيف ترتدي الملابس العصرية، وكيف تتصرف كفتاة قاهرية فأم كلثوم كانت تقضي أوقاتًا كثيرة من حياتها في منزل العائلة، لافتًا إلى أن والده تفرغ لأم كلثوم 12 سنة قبل أن يتزوج، وظلت تزوره في منزله، حتى تزوج في العام 1936. كانت أم كلثوم تعرف كل اليقين أنه يحبها، ولما أحبت وتزوجت أم كلثوم، قال: "أنا شايف الدنيا سودة، أشجارها بتلطم، وأرضها بتبكي" ورفض أن ينظم القصيدة المطلوبة، وخاصمته أم كلثوم، ووجد أن الزمن فات منه، وأن الارتباط بأم كلثوم مستحيل، تزوج إحدى قريباته، وأبقى على شعلة حبه، يستوحي منه كل أغانيه الجميلة، فكتب يقول: "أصون كرامتى من قبل حبي، فإن النفس عندى فوق قلبي، رضيت هوانها فيما تقاسي، وما إذلالها فى الحب دأبي"، وكانت زوجته تعلم أنه يحب أم كلثوم، واعترف لها بذلك قائلا: "أنا أحبها، وليس ذنبي"، وتأقلمت زوجته مع هذا الحال، ومع صورة كوكب الشرق التي وضعها رامي في بيته، وكان بعض الناس يقولون لزوجته زوجك يحب ام كلثوم ترد: "وأنا أيضا أحبها". وعندما توفت أم كلثوم في 1975، دخل رامي في حالة اكتئاب شديدة، وكتب أجمل الكلمات وأعذبها في رثائها، ثم بعدها كسر القلم وهجر الشعر، لكن عندما طلبه الرئيس السادات في حفل تأبينها عام 1976، قال أجمل الكلمات في رثائها: "ما جال في خاطري أني سأرثيها، بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها، قد كنت أسمعها تشدو فتطربني، واليوم أسمعني أبكي وأبكيها"، وفي هذا المشهد ابكى الناس عليه وليس على رحيلها". وتوفي رامي في 1981، وانتهت قصة الحب الأسطورية وتاريخ طويل وعظيم للشعر لم ينته مهما جاءت الأجيال ومر الزمن، فستظل من العلامات البارزة في تاريخ مصر.