تتمتع سلسلة جبال الأوراس بمساحات كبيرة من الغابات والحشائش البرية، بالإضافة لضمها مجموعة من الحيوانات والطيور النادرة، وكانت تلك المنطقة ساحة لأحداث تاريخية مميزة لسكان شمال أفريقيا، حيث نضال الأمازيغ السكان المحليين للمنطقة ضد البربر، والفتح العربى فى عهد الدولة الأموية، وأيضا خروج الثوار منها ضد الاحتلال الفرنسي، حتى قال الشاعر الفلسطينى محمود درويش فى الجبل شعرا: «فى بلاد كل ما فيها كبير الكبرياء/ شمس أفريقيا على أوراسها قرص إباء/ وعلى زيتونها مشنقة للدخلاء». وأبرز ما يرتبط بالجبل حكاية ملكة الأمازيغ «ديهيا» أو كما تسميها الكتابات العربية الكاهنة ملكة البربر، وهى فارسة، قادت جنود الأمازيغ وكونت منهم قوة جبارة صعبة، وخاضت عدة حروب ضد الروم لاستعادة الأرض التى استولوا عليها. قيل إن السبب فى إطلاق العرب عليها اسم الكاهنة أنها كانت تعرف فى أمور الكهانة والسحر والشعوذة، وتتنبأ بالغيب لقومها، لكن آخرين رأوا أن العرب رفضوا فكرة أن تكون ثمة امرأة تقود الرجال وتحاربهم وتهزمهم فأرادوا أن يغفلوا اسمها فلقبوها بالكاهنة. الكتابات التاريخية العربية أنصفت السيدة الأمازيغية التى عمرت وعاشت بعد المائة عام، كانت هى التى ساهمت فى تدبير مؤامرة ضد القائد العربى الكبير عقبة بن نافع الذى انخدع فى هدوء البربر عقب غزو السوس الأقصى، فصرف الجيش إلى مدينة القيروان وأبقى على قرابة ال300 جندى فأمرت الملكة بردم الآبار الموجودة فى طريق القائد حتى يواجه العطش والموت، وقيل إن عقبة دعا الله فانفجرالماء تحت قدم فرسه. نجحت ملكة الأمازيغ فى مكيدتها التى دبرتها للقائد العربى عقبة، فأوقعت به، وهزمته وسدد كسيلة، أحد قادة البربر، طعنات قاتلة أودى بحياة عقبة بن عوف، مما يدل على أن تلك المنطقة شهدت صراعا كبيرا بين العرب والأمازيغ المحليين فى دخول البلاد ونشر السيادة عليها. وتسعى الحركات الأمازيغية منذ سنوات طويلة لإحياء لغتهم، وهم جزء من سكان المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا وشمال مالى وشمال النيجر وجزء صغير من غرب مصر، ولغتهم فرع من عائلة اللغات الأفروآسيوية، وتتألف من مجموعة من اللغات ذات الصلة التى يتحدث بها الأمازيغ. واتخذت منها الحركات القومية والنسائية رمزا نضاليًا كبيرا، وقدم مجموعة من الكتاب قصصًا وكتابات حول شخصيتها الأسطورية، وطالبت جمعيات أهلية ومدنية بترميم قلاع منسوبة للملكة، وفى العام 2003 أقامت جمعية أوراس، تمثال طوله 1.80 سم لها وسط بلدية بغاي، يصور ديهيا فى شكل سيدة قوية، ترفع ذراعها اليمنى فى الهواء، رمزا للتحدي، وقد حضر الرئيس الجزائرى آنذاك، حفل تنصيب التمثال، كمحاولة لإعلان قبول نشاط الحركات الأمازيغية بصفة رسمية.