يحل علينا شهر رمضان الكريم، بعاداته وتقاليده المميزة والمتعارف عليها من جيل لآخر، والتي يحرص عليها المصريون كل عام، بالرغم من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تحدث واختلاف الأجيال، إلا أن هناك بعض هذه العادات والتقاليد التي تعد بمثابة ثوابت أساسية في الشهر المبارك. ويحرص المصريون قبل قدوم شهر رمضان بأيام قليلة، على تزين الشوارع وشرفات المنازل بالفوانيس الضخمة والزينة والخيم الرمضانية كأحد المظاهر الأصيلة منذ العهد الفاطمي، فضلًا عن التزاحم في الأسواق والميادين لشراء المأكولات والمشروبات والحلويات التي تتواجد في هذا الشهر الكريم، مثل "ياميش رمضان" من البلح والمكسرات وقمر الدين وغيرهم، وذلك للتجهيز من أجل إعداد "العزومات العائلية" على مدار الشهر. كما ارتبط "فانوس" رمضان، ارتباطًا وثيقًا بمظاهر الاحتفال بقدوم الشهر المبارك، وخاصةً للأطفال، والذي انتقل إلى أغلب البلدان العربية، كجزء من تقاليد شهر رمضان، فقبل أيام من الشهر الكريم تحرص كثير من العائلات المصرية على تزين منازلهم بزينة رمضان المعروفة والفوانيس ذات الألوان المبهجة بمختلف أشكالها وأنواعها، فضلًا عن شراء الفوانيس صغيرة الحجم للأطفال للاحتفال واللعب، كما يقوم أصحاب المحال التجارية بتزين محلاتهم، وكذلك الأمر في الشوارع أيضًا، بالإضافة إلى العادات والتقاليد الأخرى التي ما زالت قائمة حتى الآن مثل شراء الحلوى الرمضانية المميزة والمتوفرة في الأسواق في هذا الشهر فقط وغيرها من الأمور. ويعد المصريون أول من عرفوا "الفانوس"، حيث إنه مثله مثل الأمور العديدة الموجودة في حياتنا، ولها جذور وأصول قديمة في التاريخ، حافظ المصري على وجودها حتى الوقت الحالي كجزء أساسي من الاحتفال بالشهر المبارك كل عام، كما أنه يعد واحدًا من الفنون الفلكلورية التي نالت اهتمام الفنانين والدارسين، فضلًا عن قيام بعض الباحثين بعمل دراسات وأبحاث ورسائل للماجستير والدكتوراه عن تاريخ "فانوس رمضان" وظهوره وتطوره، وأسباب ارتباطه بشهر رمضان. المسحراتي ويعد "المسحراتي" من الأمور المرتبطة أيضًا بالشهر الكريم، حيث بدأت مهنة المسحراتي في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي أصدر أمرًا بأن ينام الناس مبكرين بعد صلاة التراويح، وكان جنود الحاكم يمرون على البيوت يدقون الأبواب ليوقظوا النائمين للسحور، كما أن أول من نادى بالتسحير "عنبسة ابن اسحاق" سنة 228 هجرية، وكان يسير على قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط حتى مسجد عمرو بن العاص تطوعا، وكان ينادى عباد الله تسحروا فإن في السحور بركة، ومنذ تلك الفترة أصبحت المهنة تلقى احتراما وتقديرا، وتحولتا لعادة أساسية في العصر الفاطمي. وكان المسحراتي يطوف الحارات والشوارع يطرق على طبلته ليُوقظ الناس، مناديًا كل شخص باسمه "اصحَ يا نايم، اصحَ وصحي النايم"، فيستيقظ من كان نائمًا، وينزل الأطفال بفرحةٍ يحملون فوانيسهم ويطوفون الشوارع القريبة وراءه مُردِّدين ما يقول بسعادة بالغة "اصح يا نايم، وحِّد الدايم، رمضان كريم". وفي الشهر الكريم يتناول الصائمون وجبتين على مدار اليوم "الإفطار والسحور"، حيث إن الأخير يتضمن الوجبة الأساسية لدى المصريين وهو "الفول"، وقيل إنه عرف استخدامه منذ أيام الفراعنة كمصدر بديل للبروتين، وكذلك حلويات الشهر الكريم المميزة مثل "الكنافة والقطايف" والعصائر مثل "سوبيا وتمر هندي وعرقسوس وخشاف" وعصائر الفواكه الطبيعية التي تعدها الأمهات يوميًا في المنزل. أما عن الروحانيات والعبادة، فإن صلاة التراويح يتهافت عليها ملايين المسلمين على مستوى العالم من أطفال وكبار السن والرجال والنساء لأدائها، لما تعطيه من طمأنينة ورحمة بالمصلين، يطمعون في العفو والسماح والتكفير عن ذنوبهم في هذا الشهر المبارك تحديدًا. وفي المقابل نجد أن بعض الطقوس اختفت من العاصمة، والتي كانت تميز الشهر الفضيل مثل "مدفع الإفطار"، الذى يفتقده الكثيرون نتيجة التقدم التكنولوجي الذي يشهده العصر الحالي، والتي نتج عنه تغير ملامح العديد من الأمور.