انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    إنتهاء أزمة البحارة العالقين المصريين قبالة الشارقة..الإمارات ترفض الحل لشهور: أين هيبة السيسى ؟    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 11 مايو 2025    إعلان اتفاق "وقف إطلاق النار" بين الهند وباكستان بوساطة أمريكية    التحفظ على كاميرات المراقبة في حريق مطعم شهير بمصر الجديدة    الأرصاد تكشف موعد انخفاض الموجة الحارة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    إصابة شاب صدمه قطار فى أبو تشت بقنا    محافظ القاهرة يقرر تشكيل لجنة هندسية لبيان مدى تأثر عقار ميدان تريموف بحي النزهة    وزير التعليم: إجراءات مشددة لامتحانات الثانوية العامة.. وتعميم الوجبات المدرسية الساخنة    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    أحمد فهمى يعتذر عن منشور له نشره بالخطأ    إنقاذ حياة مُسنة بتركيب منظم ضربات قلب بمستشفى في الإسكندرية    إجراء 12 عملية جراحة وجه وفكين والقضاء على قوائم الانتظار بمستشفيي قويسنا وبركة السبع    رياضة ½ الليل| هزيمتان للفراعنة.. الزمالك يلجأ لأمريكا.. كلمات بيسيرو المؤثرة.. وشريف ومصطفى احتياطي    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    قفزة بسعر الفراخ الساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 11 مايو 2025    عددها انخفض من 3 ملايين إلى مليون واحد.. نقيب الفلاحين يكشف سر اختفاء 2 مليون حمار في مصر (فيديو)    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    انتهاء هدنة عيد النصر بين روسيا وأوكرانيا    5 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا بسبب السرعة الزائدة    مصابون فلسطينيون في قصف للاحتلال استهدف منزلا شمال غزة    «التعاون الخليجي» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    المركز الليبي للاستشعار عن بعد: هزة أرضية بقوة 4.1 درجة بمنطقة البحر المتوسط    احتدام المنافسة على البقاء بين مصطفى وكوكا.. نانت يتعادل مع أوكسير ولو هافر يخسر من مارسيليا    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروعات التطوير بمارينا وكومبوند مزارين بالعلمين الجديدة    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    رئيس الوزراء الباكستاني: انتصرنا ب«لا إله إلا الله» ودعوات جنودنا في سجودهم    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 11 مايو 2025    سورلوث يُبدع وأتلتيكو مدريد يكتسح ريال سوسيداد برباعية نظيفة في الليجا    تحذيرات رسمية من خطر انهيار آلاف العقارات بكورنيش الإسكندرية.. "عاطف عبد اللطيف لا بد من إدخال الشركات الخاصة للإنقاذ    خالد الغندور: مباراة مودرن سبورت تحسم مصير تامر مصطفى مع الإسماعيلي    بعد أيام من رحيله.. سامي قمصان يتحدث عن صفقة انتقال زيزو إلى الأهلي    حان وقت التخلص من بعض العلاقات.. حظ برج القوس اليوم 11 مايو    التزام معين يثقل كاهلك.. حظ برج العقرب اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    افتتاح النسخة الثالثة لمعرض البورتريه المعاصر بجاليري قرطبة.. الأربعاء    تفوق كاسح ل ليفربول على أرسنال قبل قمة اليوم.. أرقام مذهلة    سامي قمصان يدافع عن كولر في أزمة استبعاد على معلول.. ماذا حدث؟    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    وزيرا خارجية السعودية وبريطانيا يبحثان مستجدات الأوضاع    بوتين يعبر عن قلقه بشأن استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    أخبار × 24 ساعة.. رفع معاش تكافل وكرامة ل900 جنيه يوليو المقبل    قلعة طابية الدراويش.. حصن مصري يحتضن حكاية اختطاف أعيان باريس    أسرة محمود عبد العزيز تصدر بيان عاجل للرد على الإعلامية بوسي شلبي    وزير الشئون النيابية يشارك بالاجتماع الوزاري الرابع للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بالتجمع العمراني غرب الضبعة بالساحل الشمالي الغربي    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : رسالة مفتوحة لمعالي وزير الأوقاف؟!    عالم أزهري: خواطر النفس أثناء الصلاة لا تبطلها.. والنبي تذكّر أمرًا دنيويًا وهو يصلي    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"سقوط الصمت" يدوي في معرض الكتاب دفاعا عن ثورة يناير ويثير قضايا ثقافية هامة
نشر في البوابة يوم 27 - 01 - 2014

رغم أحداث "الجمعة الأليمة" في القاهرة شهد المقهى الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب نقاشا بالغ الثراء حول رائعة "سقوط الصمت" لعمار علي حسن في ندوة تصدرها الدكتور شاكر عبد الحميد وزير الثقافة الأسبق واستاذ علم نفس الابداع بأكاديمية الفنون والناقد الثقافي الدكتور صالح سليمان فيما اثيرت قضايا ثقافية وابداعية هامة.
ورواية "سقوط الصمت" التي كانت رواية 2013 في مصر تفسر التغيير الثقافي-الاجتماعي في الحياة المصرية بفعل ثورة 25 يناير ومؤلف الرواية جمع مابين فن الابداع الروائي وقدرات وادوات الباحث الأكاديمي والكاتب والمحلل السياسي ناهيك عن انه صوت من اهم اصوات هذه الثورة الشعبية.
فهي السردية الابداعية الكبرى لما صنعه شعب مصر من بطولات في ثورة 25 يناير وماقدمه من شهداء ابرار في خضم هذه الثورة المجيدة وتضحيات المصريين في زخمهم الثوري الذين يستحق كل منهم عن جدارة اسم "الثوري المجهول" .
وكما اوضح الدكتور شاكر عبد الحميد في تلك الندوة فان الدكتور عمار علي حسن يجسد معنى المثقف العضور المتعدد المواهب مشيرا الى ماتعكسه رواية "سقوط الصمت" من حنين جارف لثورة 25 يناير "التي شعر الراوي انها تتسرب وتسرق من بين يدي الثوار".
والرواية ترد بابداع الحقيقة وحقيقة الابداع على هؤلاء الذين سعوا لتزوير حقيقة ثورة لم يمض عليها سوى ثلاثة اعوام وشارك فيها الملايين فاذا بها في حديث الافك للفلول "مؤامرة" واذا بهذا الحديث يمضي في الاستخفاف بالعقول والواقع وتضحيات شعب وافعال نضالية ثورية تتوالى مشاهدها عبر "سقوط الصمت".
و"سقوط الصمت" كرواية ابدعت في وصف المكان عبر "مشهدية ثرية" بتعبير الدكتور شاكر عبد الحميد فيما رأى ان "الشكل العام للرواية اشبه بدوامة تبدأ من نقطة صغيرة هي ليلة مقتل الثائر حسن عبد الرافع في ميدان التحرير وتتشعب الى اللانهائي".
واذا كان الابداع عصيا دوما على التصنيف كما قال الدكتور صالح سليمان في هذه الندوة الثرية فانه يقول ايضا ان هذه الرواية الجديدة لعمار علي حسن "سياسية تاريخية تقدم ارشيفا بالغ الدلالة عن الثورة فيما يشتبك الكاتب مع حدث الثورة وهو لم ينضج بعد فيغوص في الذات المصرية التي صنعته".
ومع التحفظ على كلمة "ارشيف" التي استخدمها الدكتور صالح سليمان لمما قد تحمله من دلالات ظالمة للمعالجة الابداعية الروائية في سقوط الصمت فعندما يحين الوقت لتأريخ ثورة يناير وتوثيقها بنزاهة علمية وبدرجة عالية من الموثوقية سيجد المؤرخون في "سقوط الصمت" التجلي الابداعي الأكثر اهمية حتى الآن لهذه الثورة الشعبية في مجال الرواية وسيعرف اي دارس جاد في مجالات مثل الاجتماع والسياسة والأدب كيف صنع شعب مصر ثورته واسقط حكم الفساد والاستبداد.
وكان عمار علي حسن قد فند في هذه الندوة بالمقهى الثقافي لمعرض الكتاب ماوصفها "بكذبة يروج لها البعض تنطوي على تناقض شديد وهي ان الحدث الثوري لايجب ان يكتب عنه الا بعد اكتماله فينظرون الى الأعمال التي تحكي عن الثورات الآنية على انها اعمال ناقصة لأن المشهد الثوري لم ينضج بعد".
واضاف الدكتور عمار علي حسن موضحا ان "هذا الرأي مغلوط تماما لأن الثورة تستحق ان يكتب عنها في ذاتها لأنها عمل ابداعي بامتياز مكتملة تماما او تمثل ذروة الاختمار الذي سبقها وهو الحدث الأهم".
واذا كان هناك من يرى ان الوقت قد حان لتسجيل الوقائع الحقيقية لثورة 25 يناير واشكال العدوان عليها والمؤامرات الدموية ضد الشباب الثوري وخطف هذه الثورة من اصحابها الحقيقيين فان رواية "سقوط الصمت" قد سجلت بالفعل عبر معالجة ابداعية كل هذه الوقائع في قالب ملحمي يجسد معنى الفن المحلق دوما بأجنحة الحرية .
فرواية عمار علي حسن هي السردية الابداعية الحقيقية في مواجهة السردية المتهافتة والسطحية للفلول بنزعتها التلفيقية المزيفة للحقائق والمزورة للواقع والمتلاعبة بالعقول والذاكرة دون ان تنتبه في سياقها التلفيقي الى ان عقول المصريين وذاكرتهم اكبر واذكى من ان يتلاعب بها احد مهما عمد للالحاح بتنويعات مختلفة لشيطنة ثورة يناير.
وكما قال الدكتور شاكر عبد الحميد فان عمار علي حسن في خضم شعوره الأسيان بمحاولات سرقة ثورة يناير قد حاول بدوره في هذه الرواية "نفخ الرماد الذي تراكم فوقها" موضحا ان "سقوط الصمت ترصد رصدا ابداعيا لوطن كان غريبا قبل الثورة ثم اصبح اليقا بعدها وغدا غريبا بعد ان سرقت ثورته".
واضاف في هذه الندوة التي ادارها الكاتب الصحفي سامح سامي ان الراوي رصد التحولات التي "حولت الألفة الى وحشة من خلال الحضور المخيف للاخوان الذين استأثروا بالوطن وحولوه لبيت مخيف" فيما مزجت الرواية بين الثورات الماضية والحاضرة.
اما الدكتور صالح سليمان فقال ان "الهدف الرئيسي الذي ترمي اليه الرواية يتضح من عنوانها بالغ الدلالة الذي يعني انهيار صمت المصريين وانتفاضتهم في وجه الديكتاتورية كما نكأت الرواية الجرح الغائر الذي يتمثل في سذاجة الثوار المستغلين من جانب النخبة التي تسعى للمتاجرة بقضيتهم بما يحقق مكاسبها".
ومن يقرأ هذه الرواية الملحمية لعمار علي حسن سيدرك تماما بهتان وكذب مقولة ان المصريين شعب خانع لايعرف الثورة وعند كل من القى السمع وهو شهيد ستسقط الكثير من المقولات الظالمة لشعب مصر ان تمعن في رواية "سقوط الصمت" التي كانت بحق رواية عام 2013 .
ثم ان هذه الرواية بألحانها المتعددة في تناغم السيمفونية تؤكد على ان المصريين قد نزعوا رداء الخوف نهائيا بثورة 25 يناير ولن يسمحوا ابدا لفلول الماضي او الجماعة المتاجرة بالشعارات الدينية واستحضار المقدس الى غير ساحاته باجهاض ثورتهم الشعبية او الانحراف بها عن مقاصدها وغاياتها الأصيلة وضرب احتمالات التطور الديمقراطي .
واذا كان الدكتور صالح سليمان قد ذهب الى ان رواية سقوط الصمت "مترامية الأطراف ترهق القاريء في لملمة هذا الكم الهائل من الشخصيات المتناثرة فيها كأن كاتبها كان حريصا الا ينسى فردا واحدا ممن شاركوا في الثورة او سلبوها" فما القول في اعمال ادبية خالدة مثل ثلاثية اديب نوبل المصري نجيب محفوظ ؟!..وماالقول في اعمال ادبية خالدة مصريا وعربيا وعالميا مثل "الحرافيش" و"مدن الملح" و"الحرب والسلام" وكلها ينطبق عليها مايقوله الدكتور سليمان صالح في سياق ماأخذه على رواية "سقوط الصمت" وان كان للانصاف قد نوه بأن الرواية وجدت الخيط الذي تربط به شخوص الرواية ؟!.
هاهو ابن الثورة وأحد من نسجوا خيوطها يقول كلمته في لحظات تبدو فيها الثورة على المحك فاذا به يقدم رواية الثورة بقدر مايقوم بثورة في الرواية ويهدي بلاده عملا من تلك الروائع الخالدة التي تبقى ابدا مثلما بقت ملحمة "الحرافيش" لنجيب محفوظ و"الحرب والسلام" لليوتولستوي و"الدون الهاديء" لميخائيل شولوخوف.
وقال عمار علي حسن في سياق تناوله لهذه القضية "كتبت سقوط الصمت لتعبر عن البطولة الجماعية لكل من شارك في كسر حاجز الخوف والانطلاق في ثورة عارمة وحرصت ان اوجد جميع الأشخاص الذين شكلوا المشهد لأجعل البطولة جماعية كما ابرزت كيف اختطفت الثورة من قبل جماعة الاخوان".
وبالصراحة كلها وفي الحالة المصرية على وجه الخصوص فان ماقاله عمار علي حسن في هذه الندوة من انه "لن ينتظر مائتي عام ليكتب عن الثورة" له وجاهته لأن الرأي المضاد حول ضرورة الانتظار والتمهل طويلا افضى في الواقع الثقافي الابداعي المصري لغياب اي اعمال ملحمية او ذات قيمة تعادل احداثا مثل حرب السادس من اكتوبر التي مضى عليها اكثر من 40 عاما دون ان تجد من يتناولها ابداعيا سواء بالكلمة او بالصورة!.
ثم ان المشهد الثقافي الغربي يقدم اجابات ناجعة حول هذه القضية حيث توالت وتتوالى الروايات والقصص والأعمال الثقافية الابداعية المختلفة عن احداث مازالت ساخنة بالمعنى الذي يقصده البعض في مصر مثل الحرب الأمريكية على العراق او افغانستان وهكذا كان الحال مع احداث اكثر خطورة وتأثيرا على الغرب مثل الحرب العالمية الثانية .
ومن ثم فان تصدي عمار علي حسن للمعالجة الابداعية لثورة 25 يناير هو بكل الحياد النقدي يحسب له ولايحسب عليه والا فعلينا ان ننتظر عشرات وعشرات الأعوام ان لم يكن مئات السنوات حسب منطق التمهل وانعكاساته في الواقع حتى يظهر العمل الموعود عن هذه الثورة ناهيك عن ان مثل هذا العمل لم يظهر بعد بكل الأسف والأسى عن حرب اكتوبر 1973!.
واوضح الدكتور عمار علي حسن ان هناك ثلاثة مسارات في الكتابة عن الثورة "البعض يقول ان علينا ان ننتظر حتى تكتمل الثورة ولكن اشعر بحيرة شديدة فلدينا نماذج يجب ان نخضع لها الفن الابداعي احيانا وهناك من يرى ان نكتب عن الحدث في وقته والتفاعل مع الأحداث وجدانيا واننا اذا انتظرنا فترة طويلة سوف يفتر ويفقد اجزاء هامة من معناه".
و"هناك من طرح حلا وسطا وهو تسجيل هذه المشاهد حتى لاتضيع ثم اعادة تضفيرها مرة اخرى" كما يضيف عمار علي حسن معتبرا ان "الثورة فعل ادبي بامتياز" وان الاكتمال هو لحظة الانطلاق موضحا في الوقت ذاته انه "لم يحرص على تقديم كل الشخصيات باعتبارها عظيمة وطاهرة لأن الميدان ضم جميع الأطياف
هنا ميدان التحرير والثوار وشباب يناير والكعكة الحجرية ولصوص الثورة والانترنت ونزلة السمان وموقعة الجمل والسويس ودلتا الأحزان وطريق الأربعين واطفال الشوارع الذين تمنوا ان تكون كل الأيام ثورة.
وهنا باب الشعرية والمدينة المتوحشة والسجون والشرطة والقضاء والجيش والمقاهي والحب والشيطنة والموت والنبلاء والخونة والفلول ونيتشة والسفارات الأجنبية والفوضى الخلاقة وشارع محمد محمود والشعب الذي يريد اسقاط النظام.
كل ذلك في سيمفونية تنساب مقاطعها وتتوالى وجوهها من بشر من لحم ودم :"حسن عبد الرافع, صفاء,كريمة اسماعيل, حنان المنشاوي,خالد السبع, شعبان النمر,حارس البنهاوي,رأفت مغازي, سيف عبد الجبار,اسحق عبد الملاك,اكمل, القس جبرائيل,القس مكاريوس,جمال ابو العزم, عاطف الشطنوفي, سباعي الدغل,الزايط, هاشم الغامدي, دلال, رشدي الزفتاوي, المستشار عادل عبد الحكم, دارية وزنباع.
تفترق الفصول وتتداخل لخدمة فكرة مركزية واحدة تسيطر على اجواء الرواية التي تستلهم الروح المصرية الأصيلة متعددة الطبقات متراكبة الأزمان متداخلة الحضارات ويمضي المبدع عمار علي حسن بحس ملحمي ليجعل من الحدث تاريخا ومن بعض الشخصيات رموزا ومن التفاصيل الصغيرة نهرا كبيرا هادرا يجرف في طريقه كل المعوقات .
ومن ثم فهيرواية كتب لها الخلود في امهات الابداعات الروائية المصرية والعربية ولو اعترض سدنة الماضي الذي لن يعود مهما غرتهم الآماني او زينت لهم الأوهام فثورة يناير مستمرة واصواتها لن تكف عن الابداع والتبشير بالغد الأفضل والمستقبل المأمول ولن تتخلى عن شعبها والدفاع عن حقوقه في العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية.
ولعل اروع مافي السيمفونية الروائية "سقوط الصمت" انها تشرح وتوضح بروح المبدع وقدراته كيف تتحول الثورة كفكرة وضرورة في الأذهان الى واقع على الأرض واناس بايجابياتهم وسلبياتهم وبمزاياهم وعيوبهم وحتى بأخطائهم وخطاياهم وكيف يمكن ان تتعرض لحظة السمو الثوري التي ادهشت العالم للسرقة والخطف من لصوص الثورات وهم اخطر انواع اللصوص.
ومع ذلك فقد تنبأ عمار علي حسن مبكرا في روايته بروح الثوري وشفافية المبدع وبصيرة المثقف الوطني بسقوط حكم الجماعة التي سرقت ثورة يناير وقامت بعملية سطو على تضحيات الثوار الحقيقيين ولم تتورع حتى عن قرصنة دماء شهداء الثورة الشعبية المصرية فيما حق القول ان التفجيرات الأخيرة في ذكرى الثورة عام 2014 ليست بغريبة عن هؤلاء الذين سعوا لتفجير الثورة الشعبية وتفريغها من محتواها الثوري الحق عام 2011 .
من هنا فان هذه الرواية الملحمية اعادت الثقة في الذات الوطنية المصرية وقدرتها على الفعل والتغيير رغم جسامة التحديات ووطأة المتغيرات التي قد تفضي احيانا لحالة من الحيرة والتيه والشعور بالضياع بعد ان بدت ثورة يناير في ايام ثقيلة وحكم جماعة جثمت على صدر مصر وكأنها "الثورة المغدورة التي وئدت للأبد".
ولعل الثورة الشعبية المصرية في موجتها الثانية يوم الثلاثين من يونيو 2013 تدعو الدكتور عمار علي حسن وتستدعي امكاناته الثقافية وقدراته الابداعية لرواية جديدة يستكمل بها السفر الملحمي للثورة كما دشنه برائعة "سقوط الصمت" .
وكيف لايفعل وهو احد اهم الأصوات الثقافية الابداعية للثورة الشعبية المصرية ؟!..كيف لايفعل وهو من قبض على الجمر مرارا قبل ثورة يناير وبعدها ومضى يدافع عن شعبه وعن الحق والحرية والعدل غير ناظر لفتات مصالح او مكترث بغنائم ومغانم؟!.
وربما كانت حالة عمار علي حسن على وجه التحديد دالة ولها مغزاها في فض الاشتباك المصطنع او الخلاف المصنوع عمدا بين موجتي الثورة المصرية في 25 يناير و30 يونيو واللتين اسقطتا نظامين كانا قد تحالفا واقعيا- رغم العداء الظاهر-في صفقة تحقق لكل طرف اهدافه التي لم تكن ابدا رغم اختلافها الظاهر في صالح اغلبية شعب لم يجد من يحنو عليه او يرفق به.
فالدكتور عمار علي حسن شارك بقوة وفعالية في الموجتين معا لأنهما في الواقع تشكلان معا ثورة واحدة لاتناقض بين موجتيها او انفصام عضوي بين حلقتيها خلافا لتخرصات الموتورين واصوات الماضي والمتربحين من الاستبداد والشعارات الدينية والمشتاقين لعودة عقارب الساعة للوراء ورجوع عجلة التاريخ للخلف!.
ورواية "سقوط الصمت" تفتح نوافذ الأمل على المستقبل وامكانية التغيير رغم كل الجراح..رواية باقية وخالدة لأنها قبس من روح مصر الخالدة..مع هذه الرواية السيمفونية او السيمفونية الروائية لن نقول "الثورة المغدورة" لأن "شيطانا ما لعب في الثورة".
انما نقول كما تقول الرواية ببساطة محببة :"كله بأوانه"..نقول مع مبدع سيمفونية سقوط الصمت: "تسقط ورقة من شجرة الثورة فتنمو اوراق.يسقط شهيد تحتها فيصير كتيبة من المناضلين.تنكسر موجة فتتدفق موجات.يسقط حلم عابر فتنبت آمال مجنحة.يختطف المستبدون ميدانا فتولد ميادين"..ونقول كما يقول بطل رواية الثورة او ثورة الرواية للحبيبة :"ان مت فلا ترجعي من منتصف الطريق".
وفي خضم الغمز واللمز من جانب فلول الماضي في ثورة 25 يناير بل والتشكيك في بواعثها وتخوين شهدائها جاءت رواية "سقوط الصمت" دفاعا عن هذه الثورة وشهدائها كما ستأتي يوم ما رواية جديدة لهذا المثقف الثوري المصري المبدع عن ثورة 30 يونيو التي هي ثورة شعب مهما حاول سدنة تزوير الواقع سواء من فلول الماضي او الجماعة المتاجرة بالشعارات الدينية تصويرها على خلاف الواقع والحقيقة.
فهؤلاء الذين خرجوا في الموجة الأولى للثورة الشعبية يوم 25 يناير 2011 والذين ستجدهم في رواية "سقوط الصمت" لعمار علي حسن هم انفسهم من خرجوا في 30 يونيو 2013 ليسقطوا حكم جماعة انحرفت تماما عن مباديء ثورة 25 يناير ولم تتبناها ابدا في الواقع.
بل اعتقدت هذه الجماعة ان مصر تحولت الى غنيمة لها وارادت تحويل كل المصريين ممن لاينتمون لهذه الجماعة الى سبايا وعبيد في "الامارة الظلامية" التي تتناقض مع مفهوم الوطن ومعنى التراب الوطني كما استقر تاريخيا في الوجدان المصري بدولة هي الأقدم في العالم !.
وبين الأمل والاحباط ..وبين الرجاء واليأس وفي مرحلة التحول واستحقاقات الانتقال من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية وتنفيذ ماتبقى من خارطة الطريق قد تؤدي مصاعب الحياة لرجل الشارع المصري او الكتلة الشعبية الكبرى في هذا الوطن لابداء الضيق من سوء الحال اقتصاديا منذ ثورة يناير وهو قول ينبغي احترامه والانصات له.
لامناص من ترجمة الاستجابة المأمولة لصوت رجل الشارع لسلسلة من سياسات واجراءات العدالة الاجتماعية التي كانت من اهم مطالب الثورة الشعبية بدلا من تحويل هذه الشكوى الشعبية المبررة الى مطعن في الثورة وسلاح ضدها لن يفيد سوى الثورة المضادة وفلول الماضي ورموز مرحلة التوريث والتآمر على جوهر النظام الجمهوري للدولة المصرية .
نعم كما يقول عمار علي حسن هناك حاجة لاصلاح جذري وتغيير جوهري في بنية الدولة والسلطة والاقتصاد والانصات لأصوات الجماهير في شوارع المحروسة فيما تكاد روايته "سقوط الصمت" ان تجسم بكل الأبعاد الممكنة تلك القوى الكامنة للشعب المصري وتلك القدرة الفذة على امتصاص الصدمات وتجاوزها
لاردة عن ثورة يناير ولاتناقض بينها وبين ثورة يونيو ولن يفلح هؤلاء الذين مضوا في حملة شيطنة ثورة يناير والطعن في شرعيتها بل وتصويرها على انها مؤامرة خارجية او عمل استخباري اجنبي .
وربما تكتسب رواية" سقوط الصمت" قيمة مضافة والمزيد من الأهمية في هذا السياق لأنها تشكل على نحو ما ردا ابداعيا في مواجهة شيطنة ثورة يناير..فالرواية التي جاءت "سيمفونية كما لاأروع" هي ضربة في الصميم لصالح الثورة والشعب في حمأة ازمة وخضم جدل حول ثورة يناير بعضه طيب وكثير منه خبيث.
فسقوط الصمت" بصفحاتها ال 662 تأتي وسط اجواء التحولات الكبرى والمنعطفات الخطرة وجاءت
في وقت تحاول فيه اصوات من الماضي اختراق الوعي الثوري واعادة تشكيل العقل المصري وتشويه مدركاته بمروية تشكك في ثورة يناير ويصل امرها لوصم هذه الثورة "بالمؤامرة" فيما تحتدم بالفعل معركة ثقافية بين "اصوات الثورة وابواق الثورة المضادة" وهي معركة على مستقبل مصر ولاحاجة للقول انها بالتالي معركة على مستقبل المنطقة كلها.
وفيما تثير اللحظة المصرية الراهنة تساؤلات ثقافية متعددة حول مسارات ومآلات الثورات في العالم فان الرواية الجديدة "لمايسترو الرواية المصرية" تنطوي على مساءلة مطلوبة للمشهد الثوري في رحلة المسير والمصير للشعب المصري.
وهي مساءلة الثائر الذي يمتلك منظومة من الادوات الابداعية والمعرفية وحسا انسانيا وقدرة على النفاذ لما وراء الظاهر بما يتيح امكانية التنبؤ على نحو دقيق مثلما حدث عندما بشرت رواية "سقوط الصمت" بسقوط حكم الفصيل المتستر وراء شعارات دينية ولايتورع عن اشهار سلاح التكفير ضد خصومه في المعترك السياسي.
في لحظة فارقة كهذه اللحظة ينبري صوت من اهم الأصوات الابداعية والأكاديمية المنتمية لثورة يناير ليهدي شعبه رواية الثورة وذكر ماجرى ليحدد المذنب والمسؤول عن حرمان مصر من نظام ديمقراطي حقيقي وتحريم تداول السلطة على مدى سنوات طويلة استشرى فيها الفساد وزورت الانتخابات مرارا واستبعدت الجماهير من معادلة القوة السياسية وتراجع الدور المصري مع الرعونة الواضحة في ادارة ملفات حيوية للدولة وكيانها وافقار القاعدة الشعبية العريضة.
تماما كما عمت الأمراض وحوربت الكفاءات ووئدت المواهب وانحطت الممارسات وتيبست مفاصل الدولة بشيخوخة مستبدة وانهار التعليم وساد النفاق في سياق من التجريف المتعمد لأي ثراء في اوجه الحياة المصرية فيما بلغ الأمر حد التآمر على جوهر النظام الجمهوري وروحه باعداد العدة للتوريث وكأن مصر بكل جلالها وقدرها باتت ملكية شخصية؟!.
ان تراجيديا الثورة لها ابطالها وكثير منهم يحق عليه وصف "الثوري المجهول" فيما اكتسبت هذه المجهولية النبيلة سمات مآساوية مع صفقات مريبة تكشفها الرواية التي تكاد تنطق احيانا بالأسماء الفعلية والنفوس تذهب حسرات على شهداء وجرحى وجوعى ومشردين فيما تكاد امكانات التعطيل تتحول احيانا لامكانات اجهاض لثورة شعب او هكذا تتمنى اصوات من الماضي.
انما غرتهم الأماني!.فعقارب الساعة لن تعود للوراء والثورة قادرة على تصحيح مساراتها كما حدث في الثلاثين من يونيو 2013 عندما اسقطت الفصيل الذي سعى ليلا لسرقة ثورة يناير 2011 وهاهي ماضية تفرز وتنتج الجديد وتبتدع قوانينها وسننها دون اعادة انتاج الماضي او المحاكمة على النوايا وصولا لخلاص شعب لم يكف عبر تاريخه المديد عن حلمه النبيل في مجتمع العدل والحرية ولم يتخل عن شعار ثورة يناير الذي خلدته هذه الرواية :" عيش ,حرية, كرامة انسانية وعدالة اجتماعية".
لاريب ان "سقوط الصمت" التي لها ان تتبوأ مكانتها بين روائع الأدب المصري والعالمي تكشف ضمن ماتكشف عن معنى الاخلاص لقضايا الفن والابداع التي اخلصت لها قامات مثل نجيب محفوظ ويوسف ادريس وتوفيق الحكيم وامل دنقل ومحمود درويش تماما كما تكشف عن اخلاص صاحب الملحمة الروائية لقضايا الوطن والشعب والثورة.
عمار علي حسن:جائزتك الكبرى يمنحها لك قارئك..جائزتك يدخرها وطن تسري روحه في كلماتك..كفاك فخرا ومجدا انك صوت الصابرين في شوارع المحروسة ودروبها وحقولها ومصانعها..كفاك القا انك على موعد دائم مع الابداع وماترجلت ابدا ولاتخليت يوما عن الحلم في عيون المصريين..تفتح نافذة فترى افقا وتصغي لدمع السحابة ونبض الوطن وتبشر بالفرح المرتجى والنهار..ايها الفتى المبدع الطريق طويل فكن انت الدليل!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.