عندما يقول الثائر كلمته ويدلى بشهادته يسقط الصمت فما بالك إذا كان هذا الثائر مبدعًا يرتكز على معارف متعددة ويجمع ويزاوج مابين حقول معرفية وإبداعية متداخلة وأحيانًا تبدو متباعدة ويغزل نسيجه من خيوط مصرية أصيلة ويحمل فى قلبه هموم شعبه؟ هاهو عمار على حسن يفعلها من جديد ويحفر علامة أصيلة فى مسيرته الابداعية وفى الحياة الثقافية المصرية والعربية بهذا السفر الروائى «سقوط الصمت» الذى يشكل ثورة فى عالم الرواية المصرية حيث جاء معادلًا للسيمفونية فى عالم الموسيقى كل جملة وكل كلمة وكل حركة فى موضعها تمامًا ليتحول البناء إلى صرح خالد فى الفن من لدن مايسترو قدير. هاهو إبن الثورة وأحد من نسجوا خيوطها يقول كلمته فى لحظات تبدو فيها الثورة على المحك فاذا به يقدم رواية الثورة بقدر مايقوم بثورة فى الرواية ويهدى بلاده عملا من تلك الروائع الخالدة التى تبقى أبدًا مثلما بقت ملحمة «الحرافيش»لنجيب محفوظ و«الحرب والسلام»لليوتولستوى و«الدون الهادىء» لميخائيل شولوخوف. هنا ميدان التحرير والثوار وشباب يناير والكعكة الحجرية ولصوص الثورة والانترنت ونزلة السمان وموقعة الجمل والسويس ودلتا الأحزان وطريق الأربعين وأطفال الشوارع الذين تمنوا أن تكون كل الأيام ثورة، وهنا باب الشعرية، والمدينة المتوحشة، والسجون، والشرطة، والقضاء، والجيش، والمقاهى، والحب، والشيطنة، والموت، والنبلاء، والخونة، والفلول، ونيتشة، والسفارات الأجنبية، والفوضى الخلاقة، وشارع محمد محمود، والشعب الذى يريد إسقاط النظام. كل ذلك في سيمفونية تنساب مقاطعها وتتوالى وجوهها من بشر من لحم ودم «حسن عبد الرافع، صفاء، كريمة إسماعيل، حنان المنشاوى،خالد السبع، شعبان النمر، حارس البنهاوى، رأفت مغازى، سيف عبد الجبار، إسحق عبد الملاك،أكمل، القس جبرائيل، القس مكاريوس، جمال أبو العزم، عاطف الشطنوفى، سباعى الدغل، الزايط، هاشم الغامدى، دلال، رشدى الزفتاوى، المستشار عادل عبد الحكم، دارية وزنباع عارف الأسرار الرهيبة. تفترق الفصول وتتداخل لخدمة فكرة مركزية واحدة تسيطر على أجواء الرواية التى تستلهم الروح المصرية الأصيلة متعددة الطبقات متراكبة الأزمان متداخلة الحضارات ويمضى المبدع عمار على حسن بحس ملحمى ليجعل من الحدث تاريخًا ومن بعض الشخصيات رموزًا ومن التفاصيل الصغيرة نهرًا كبيرًا هادرًا يجرف فى طريقه كل المعوقات