«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"حراك الجزائر".. السيناريوهات المحتملة عقب خارطة طريق "بوتفليقة"
نشر في البوابة يوم 13 - 03 - 2019

المعارضة والسلطة تحرصان على التوافق لتلافى دماء «العشرية السوداء».
تراجع الرئيس الجزائرى عن ترشحه ل«العهدة الخامسة» معلقًا ب«المرحلة الانتقالية».. «جبهة التحرير» تشيد بالقرار.. و«طلائع الحرية» تصفه بالالتفاف الدستورى.. وتلون موقف «حمس الإسلامية».
السيناريو الأقرب دعم «المؤسسة العسكرية» لشخصية وطنية أمام «المتطرفين».. السيناريو الثانى استمرار «الزخم الشعبى».. والأخير الحوار المجتمعى والانتقال السلس للسلطة.
أدرك الشعب الجزائرى أهمية الحراك السلمى الذى بدأ منذ ما يقارب شهرًا، وانتهى فى 12 مارس الجارى، بإعلان الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة، التراجع عن الترشح لرئاسيات 2019 أو ما يعرفه الجزائريون بالعُهدة الخامسة.
وكانت العُهدة الرابعة محل جدلٍ طويل فى عام 2014 على وقع حالة الرئيس الصحية وقتها، ورغم ذلك استطاع النظام السياسى بمؤسساته تمرير الترشح، وهو ما لم يتمكنوا منه فى العُهدة الخامسة التى شهدت أكبر حراك جماهيرى فى الجزائر، منذ ما يُعرف ب«العشرية السوداء» التى عانى خلالها الجزائريون من الاقتتال الأهلى الذى استمر حتى بدء مرحلة الوئام والسلم الأهلى التى أطلقها «بوتفليقة» نفسه فى عام 1999. لذلك، ترسخ فى أذهان الأجيال المتعاقبة من الشعب الجزائرى أن وجود الرئيس «بوتفليقة» يُمثل صمام أمان لمكتسبات مرحلة السلم والوئام، وهو ما حاول القائمون على الحكم ترويجه فى العُهدة الخامسة، لكنه فشل للتغيب الفعلى ل«بوتفليقة» الذى لم يُمكنه مرضه حتى من إعلان ترشحه بنفسه أو أن يخاطب شعبه بشكل مباشر.
سنحاول فى السطور المقبلة، رصد المشهد السياسى الجزائرى، والعوامل التى أثرت فى الأزمة الحالية كالاقتصاد، ومؤسسات الدولة كالجيش وأجهزة الأمن، وتأثير العامل الإقليمى والدولى على تطورات الأزمة وسيناريوهاتها المحتملة بعد إعلان الرئيس «بوتفليقة» تمديد عُهدته الرابعة والبدء فى مرحلة انتقالية تبدأ بتعديل الدستور، وتنتهى بإجراء انتخابات عامة.
خطاب بوتفليقة وبدء العُهدة الشعبية
يرى المتفائلون بتطورات الحِراك الجزائرى أن إعلان «بوتفليقة» عدم ترشحه لرئاسيات 2019 هو بداية حقيقية لانتهاء الحديث عن العُهدة الخامسة بل يعتبرون أنه فرصة حقيقية لبدء الولاية الأولى للشعب الجزائرى، ورغم هذه الحالة من التفاؤل فإن الأمر بات معلقًا على من سيقوم بإدارة المرحلة الانتقالية، التى ستضطلع بالتعديلات الدستورية والانتخابات الرئاسية والنيابية بعدها.
وقد استمرت حالة الحراك فى الشارع حوالى ثلاثة أسابيع، وكانت حركة الشارع تدعو إلى التصعيد السلمى ضد القائمين على الحكم، وهو ما كان يخشاه الجزائريون سواء على مستوى المؤسسات أو الشعب؛ حيث ما زالت أحداث العشرية السوداء وما خلَّفته من دمار فى بنية الدولة ومقوماتها الأساسية عالقة فى المخيلة الذهنية للمجتمع الجزائرى، وفى هذا السياق، تعتبر بعض التحليلات أن سيناريو الانجراف نحو العنف غير وارد فى الحالة الجزائرية؛ إذ تحرص المعارضة والسلطة على التوافق، وعدم ترك الأحداث لأى تطورات غير محسوبة كما حدث فى أوائل الثمانينيات، ويُفسر ذلك بدرجة كبيرة حرص مؤسسات الدولة القوية كالجيش، وكذلك المجموعة الصغيرة المحيطة بالرئيس «بوتفليقة» على التفاعل مع مطالبات الشارع بالعدول عن إجراءات السير نحو العُهدة الخامسة. يُذكر أن بيان الرئيس «بوتفليقة» قد تضمن إجراءات سير المرحلة الانتقالية، وتعهد فى بيان عدم الترشح بتنفيذ اصلاحات عميقة فى كل المجالات سواءً تلك التى تتعلق بالبنية السياسية أو المؤسساتية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وذلك من خلال توسيع قاعدة المشاركة للمجتمع الجزائرى بكل تصنيفاته وتعقيداته، وتضمنت قرارات «بوتفليقة» الأخيرة عدم الترشح للانتخابات الرئاسية والاكتفاء بما قدمه للجزائر، سواء مجاهدًا فى صفوف الثوار ضد الاستعمار الفرنسى أو مسئولًا حكوميًا منذ أن تدرج فى مناصب حكومية حتى وصل لرئاسة الجمهورية عام 1999. ولم يكتفِ «بوتفليقة» فى بيانه بالتراجع عن العُهدة الخامسة، ولكنه أعلن بدء مرحلة انتقالية تحت إشرافه، وهو ما يعنى تمديد عهدته الرابعة بعد قراره بتأجيل الانتخابات الرئاسة إلى أجل غير مسمى.
وتعهد «بوتفليقة»، فى بيانه، بالعمل على إرساء أسس الجمهورية الجزائرية الجديدة التى ستعبر عن نداءات الشارع الأخيرة، وأهمها تعاقب الأجيال وتحقيق الإصلاح السياسى والتنمية المستدامة، وقرر قبول استقالة حكومة «أحمد أويحيى»، والتجهيز لندوة وطنية جامعة (مؤتمر جامع) تتمتع بكل السلطات والصلاحيات اللازمة لإعداد واعتماد أرضية النظام السياسى الجديد، وتعديل الدستور، وتحديد تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية، وأكد البيان أن هذه الهيئة ستمثل كل أطياف المجتمع الجزائرى، وستترأسها شخصية وطنية تحظى بالقبول والاستقلالية والخبرة، ومن المقرر أن تُنهى الندوة الوطنية أعمالها قبل نهاية عام 2019. وبالتوازى مع هذه الإجراءات، قرر «بوتفليقة» إنشاء لجنة وطنية مستقلة للإشراف على تنظيم الانتخابات.
التصعيد الحذر.. مواقف المعارضة والشارع
تباينت ردود الفعل داخل الشارع الجزائرى بكل اختلافاته حول العملية الانتقالية التى بدأها الرئيس «بوتفليقة» بنفسه، ويرى خبراء أن هناك إشكالية دستورية وقانونية تعترى هذه الإجراءات خاصة فى تعارضها مع المادة (110) التى تعتبر تأجيل الانتخابات الرئاسية قاصرًا على ظروف الحرب وهو ما لم يحدث، على الناحية الأخرى، تُبرز الإجراءات التى أعلنها «بوتفليقة» عن شبه تعطيل للدستور؛ حيث تجاوزت الإجراءات الدستور، وهو ما ظهر بقراره بالإعلان عن تكليف الندوة الوطنية بالإشراف على عملية تعديل الدستور، وهو ما يعنى أن الإجراءات التى بدأها «بوتفليقة» بمثابة بدء مرحلة انتقالية تتجاوز البُنى القانونية والسياسية الحالية بما فيها الدستور، وإن كان البعض يفسر قرارات «بوتفليقة» بتوافقها مع الدستور، ويرون أنه استخدم المادة (107) التى تتيح لرئيس الجمهورية اتخاذ إجراءات استثنائية، والتى تتضمن نصًا يقول: (يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها.. تخول الحالة الاستثنائية رئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الاستثنائية التى تستوجبها المحافظة على استقلال الأمة والمؤسسات الدستورية فى الجمهورية.. إلخ)، وهذا التفسير ضعيف إلى حد كبير حيث إن المادة ذاتها تنص على ضرورة أن (يجتمع البرلمان وجوبًا).
واعتبرت جبهة التحرير الوطنى الحاكمة أن الرئيس «بوتفليقة» لبّى فى بيانه للشعب الجزائرى مطالب المتظاهرين بعد الترشح للعُهدة الخامسة، واعتبر بيان الجبهة أن «بوتفليقة» استمع إلى شعبه باتخاذه هذه الإجراءات، واتهم «على بن فليس» رئيس حزب «طلائع الحريات» ورئيس الحكومة الأسبق، من سماهم «القوى غير الدستورية» المحيطة بالرئيس بمحاولة الاستمرار فى احتكار سلطات رئيس الدولة بتمديد العُهدة الرابعة خارج الأطر الدستورية والقانونية التى استقرت عليها النصوص القانونية الجزائرية.
وعدَّ «عبدالله جاب الله» رئيس «جبهة العدالة والتنمية» المعارضة أن القرارات التى أعلن عنها «بوتفليقة» مستهلكة داعيًا إلى عدم الالتفات لوعود الاصلاح والاستمرار فى الضغط السياسى من قِبل الشارع على القائمين على الحكم، ودعا «كريم طابو» المنسق الوطنى لحزب «الاتحاد الديمقراطى والاجتماعي» لتنظيم مظاهرات مليونية لرفض مبادرة بوتفليقة، فيما يعنى استمرار التصعيد الاحتجاجى ضد النظام السياسى برمته وليس العُهدة الخامسة كما أُعلن فى بداية الاحتجاجات.
وفيما يتعلق بحركة مجتمع السلم (حمس) الإسلامية، فإن موقفها يعبر عن «تلونها» المعتاد، إذ يرى «عبدالمجيد مناصرة» نائب رئيس الحركة أن قرارات «بوتفليقة» ليس لها أى سند دستورى خاصة مع بروز سيناريوهات تمديد العُهدة الرابعة لعامين على الأقل، وتعتبر حركة حمس أن الرئيس «بوتفليقة» ألغى بهذه القرارات مهام اللجنة الوطنية للانتخابات، المقرر انتهاء عملها بشكلٍ قانونى أواخر 2019، واعتبر «مناصرة» أن دائرة «بوتفليقة» استجابت للشارع، لكن على طريقتها الخاصة.
ورغم معارضة حمس المبطنة للقرارات الأخيرة، لكنها لم تتخذ موقفًا حادًا من تطورات الأزمة السياسية فى الجزائر، وأوعزت إلى رأى الشارع، وموقفه من القرارات الأخيرة، الغريب فى هذا الموقف أن حركة «حمس» دعت منذ بداية الاحتجاجات إلى تمديد العُهدة الرابعة وتأجيل رئاسيات 2019، وهو ما تعترض عليه فى الوقت الحالى ما يفتح باب التساؤلات عن طموح الحركة لاستغلال الحراك الجماهيرى لتحقيق مكاسب سياسية.
وفى تعليقه على تعيين وزير الداخلية نور الدين بدوى بمنصب رئيس الوزراء، استبعد «مناصرة» أن يكون هناك حل أمنى فى الجزائر، مبينًا أن رئيس الوزراء المُعين «ليس رجلًا أمنيًا، إنما رجل إدارى ومقبول نسبيًا، وكانت هناك فكرة لتعيينه قبل الحراك»، ودعا مناصرة أن تبقى المظاهرات الشعبية فى إطارها السلمى ومحافظة على مدنيتها، «ويتوجب علينا أن نساير الحراك الشعبى فى كل مطالبه»، وحول إمكانية ترشح أحد إخوة الرئيس الجزائري؛ سعيد أو ناصر بوتفليقة، لمنصب الرئاسة، استبعد «مناصرة» ذلك قائلًا: «إن الحكم العائلى مرفوض فى الجزائر بشكل مطلق، حتى إنّ فكرة أن تحكم عائلة ما الجزائر وتوارث الحكم هى غير موجودة تمامًا».
السيناريوهات المحتملة
تتحكم 3 محددات رئيسية فى رسم سيناريوهات مستقبل الجزائر فى مرحلة ما بعد «بوتفليقة» هى، موقف المؤسسة العسكرية، والجهاز الأمنى من استمرار الحراك، شبح العنف، والتخوف من تكرار العشرية السوداء، مدى قدرة المعارضة على استمرار حالة الزخم فى الشارع. وفى ضوء ذلك، يبرز 3 مسارات لتحديد مستقبل الجزائر فى مرحلة ما بعد «بوتفليقة» وهى: السيناريو الأول: التوافق بين رؤى الجيش ومتصدرى الحراك.
يعتمد هذا السيناريو على اتجاه المؤسسة العسكرية الجزائرية لإفساح المجال أمام اختيار شخصية وطنية تحظى بالقبول المجتمعى خاصة لدى فئة الشباب، وذلك بهدف تفويت الفرصة أمام الحركات والأحزاب التى تحمل أراءً متطرفة ضد النظام السياسى برمته، كما تضمن استمرار منظومة الحكم دون تغييرات جذرية بعد بناء الثقة بين الشعب والسلطة، ومنع التدخلات والإملاءات الخارجية خاصة من قبل فرنسا التى رغم تطورها الديمقراطى داخليًا لم تنفك عن تاريخها الاستعمارى، وذلك بما يضمن استقرار منطقة المغرب العربى وشمال أفريقيا الذى تشكل الجزائر قلبه النابض بما لها من قوة جغرافية وديموغرافية.
قايد صالح قائد الجيش الجزائرى
ويؤكد هذا السيناريو بيان قائد الجيش الجزائرى «قايد صالح» الذى حاول خلاله التقرب للشعب الجزائري؛ حيث قال فى بيانه الرابع الذى سبق قرارات «بوتفليقة» بيوم واحد: «إن الجيش والشعب الجزائريين يتقاسمان «ذات القيم» وتجمعهما «النظرة المستقبلية الواحدة»، وهو ما يعنى بطريقة أو بأخرى أن ثمّة دورًا بارزًا لعبه «قايد صالح» خلف الكواليس لخروج بيان «بوتفليقة» الذى أتاح مساحة كافية من الوقت لترتيب عملية الانتقال.
السيناريو الثاني: استمرار الزخم الشعبى
ويعتمد هذا السيناريو على جوهر المواقف المعلنة من أغلب القوى السياسية الجزائرية التى تعتبر أن قرارات «بوتفليقة» الأخيرة محاولة باهتة للالتفاف على مطالب الحراك، وضمان انتقال سلس للسلطة، لذلك قد تعمل المعارضة للضغط على «بوتفليقة» للتنحى تمامًا عن تحمل أعباء الحكم، وهو ما يعنى إبعاد الدائرة الضيقة المحيطة به، ومن ثم إتاحة المجال للحديث والتوافق عن مرحلة ما بعد «بوتفليقة» سواءً ببدء مرحلة انتقالية برئاسة رئيس المحكمة العليا أو تشكيل مجلس تمثيلى للقوى السياسية والجماهيرية لإدارة المرحلة الانتقالية، وفتح حوار مباشر مع جميع أطياف الشعب السياسية والنقابية، وكذلك المؤسسات السيادية كالجيش وقوى الأمن للتوافق على طبيعة وشكل البيئة السياسية فيما بعد «بوتفليقة».
ويرتبط نجاح هذا السيناريو باستمرار حالة الزخم الشعبى والتوافق بين مطالبات الشارع والقوى السياسية التمثيلية التى ستقود عملية التفاوض مع النظام، وتتمثل مشكلة هذا السيناريو فى اعتماده بشكل رئيس على ضرورة أن يكون هناك خاسر ومنتصر، وهو غير مفيد للجزائر ولا الجزائريين الذين لم يفرطوا سواء سلطة أو شعبًا فى مكتسبات مرحلة الوئام والسلم الأهلى فى عهد بوتفليقة، وبدا ذلك فى رفض الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعى لفكرة المظاهرات الليلية التى تم اقتراحها فى الأسبوع الثانى من الاحتجاجات، وذلك لارتباط هذا التكتيك بالمواجهة المباشرة بين الأمن والمتظاهرين.
السيناريو الثالث: نجاح الندوة الوطنية وضمان الانتقال السلس
يُعول هذا السيناريو على انحسار الاحتجاجات للبدء فى مرحلة حوار مجتمعى حول طبيعة المرحلة المقبلة من خلال الاطر السياسية والدستورية التى رسمها بيان «بوتفليقة» الأخير لا سيما أن اقتراح تمديد العُهدة الرابعة كان مطروحًا فى الأيام الأولى للاحتجاجات، وتقف الدائرة الصغيرة المحيطة بالرئيس «بوتفليقة» عقبة أمام تطبيق هذا السيناريو؛ إذ يرفض الشعب الجزائرى أن يكون لهم أى دور فى رسم سمات الفترة المقبلة من التاريخ الجزائرى.
ختامًا؛ لا يُمكن التنبؤ بشكل مطلق بتطورات الوضع السياسى فى الجزائر خلال الفترة المقبلة، ولكن ما يُمكن التأكيد عليه عدم انجرار الجزائريين (السلطة، والشعب) نحو أى شيء من شأنه تعكير حالة الوئام الأهلى التى تُعد من أهم مكتسبات حقبة «بوتفليقة»، وذلك لأسباب تتعلق بطبيعة تنشئة جيل الشباب الذى عاش أو سمع وتأثر بشكلٍ مباشر من حصاد العشرية السوداء، إضافة إلى حالة عدم استقرار الجوار الجغرافى المحيط بالجزائر خاصة الوضع فى ليبيا منذ انهيار الدولة فى 2011، أو نشاط حركة بوكو حرام الإرهابية فى مالى المتاخمة للحدود الجزائرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.