تمحورت البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، حول شخصية القديس دون بوسكو في اليوم الذي تحتفل فيه الكنيسة بعيده، وذكّر البابا في هذا السياق أنّه وفي يوم سيامته الكهنوتية قالت له أمه، والتي كانت امرأة متواضعة ولم تكن متعلِّمة، "اليوم ستبدأ بالتألّمُ". وأضاف فى عظته اليوم: لقد أرادت بالتأكيد أن تسلِّط الضوء على واقع معيّن وإنما أن تلفت انتباه ابنها أيضًا إلى وجود نوع من الألم ما لم يكن قد تنبّه لذلك. إنها نبوءة أم، امرأة بسيطة ولكنها ممتلئة بالروح القدس. وبالتالي فالألم بالنسبة للكاهن هو علامة بأنه يسير جيّدًا، ولاسيما بالنسبة لدون بوسكو الذي تحلّى بالشجاعة لينظر إلى الواقع بعيني إنسان وعيني الله. تابع: لقد نظر بعيني إنسان، إنسان هو أخ وأب أيضًا، إذ قلق على الشباب ومستقبلهم ولم يكن يريد أن ينتهي بهم الأمر في السجن؛ وتأثّر كإنسان، وكإنسان بدأ يفكّر في الأسلوب لكي ينمّي الشباب وينضِّجهم. واستطرد: ومن ثمَّ تحلّى بالشجاعة لينظر بعيني الله ويذهب إلى الله ليقول له: "أرني كذا... وهذا الأمر هو ظلم... أنت خلقت هؤلاء الأشخاص لكي يعيشوا الملء ولكنّهم يعيشون مأساة حقيقية..." وهكذا بالنظر إلى الواقع بمحبّة أب – أب ومعلّم كما تقول لنا الليتورجية اليوم – وبالنظر إلى الله بعيني متسوِّل يطلب القليل من النور ويبدأ بالمضيِّ قدمًا. أضاف: على الكاهن إذًا أن يملك هذين القطبين النظر إلى الواقع بعيني إنسان وبعيني الله وهذا الأمر يعني أنّه عليه أن يمضي وقتًا طويلًا أمام بيت القربان، مؤكدًا: إن النظر بهذه الطريقة جعله يرى الدرب لأنّه لم يتوقّف عند التعليم المسيحي والمصلوب وحسب وإلا لتركه الشباب وعادوا إلى حياتهم؛ ولكنّه اقترب منهم وبحيويّتهم؛ لقد جعلهم يلعبون وخلق لهم الفسحة ليعيشوا كإخوة؛ سار معهم وشعر معهم ورأى معهم وبكى معهم وسار بهم قدمًا؛ وبالتالي فالكاهن الذي ينظر إلى الناس بشكل إنساني هو على الدوام كاهن واقعي. وأكّد البابا أنه لا يجب على الكهنة أن يكونوا موظّفين يستقبلون الناس، على سبيل المثال، من الثالثة من بعد الظهر وحتى الخامسة والنصف من بعد الظهر، لدينا العديد من الموظّفين الذين يقومون بوظيفتهم على أكمل وجه لكنَّ الكاهن ليس موظّفًا ولا يمكنه أن يكون كذلك أبدًا. وحثَّ البابا الكهنة على النظر بعيني إنسان لكي يبلغوا ذلك الشعور وتلك الحكمة ليفهموا بأن الناس هم أبناؤهم وإخوتهم، ومن ثمَّ لكي يتحلّوا بالشجاعة للجهاد، لأنَّ الكاهن هو شخص يجاهد مع الله. وحذّر في هذا السياق أنّه إن لم نخاطر في حياتنا فلن نقوم بشيء أبدًا، إنَّ الأب في الواقع يخاطر في سبيل ابنه، والأخ يخاطر في سبيل أخاه عندما تكون هناك محبّة؛ وهذا الأمر يتضمّن ألمًا بالتأكيد إذ تبدأ الاضطهادات والثرثرة: "هذا الكاهن يمضي وقته في الطريق مع هؤلاء الشباب غير المهذّبين الذين وبطابتهم يكسرون لي زجاج النافذة". وأكمل: البابا فرنسيس عظته شاكرًا الله على إعطائه لنا القديس دون بوسكو الذي بدأ يعمل منذ طفولته وكان يعرف معنى أن يكتسب المرء قوته اليومي ومعنى الشفقة، وقال لقد نال هذا الرجل من الله قلب أب ومعلِّم. وخلص الأب الأقدس متسائلًا: ما هي العلامة إذًا بأنّ الكاهن يسير جيّدًا وينظر إلى الواقع بعيني إنسان وبعيني الله؟ الفرح؛ فعندما لا يجد الكاهن السعادة في داخله ليتوقّف فورًا وليسأل نفسه عن السبب، وفرح دون بوسكو هو فرح معروف، إنّه معلّم الفرح لأنّه كان يفرِّح الآخرين ويفرح معهم. لنطلب من الرب اليوم، بشفاعة القديس دون بوسكو، نعمة أن يكون كهنتنا فرحين لأنّهم يملكون المعنى الحقيقي للنظر إلى الأمور الراعوية وإلى شعب الله بعيني الإنسان وعيني الله.