بعد غياب دام سنوات طويلة؛ أعلنت وزارة الثقافة متمثلة فى المجلس الأعلى للثقافة، عن عودة الاحتفاء بالحاصلين على جوائز الدولة فى الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وهو الأمر الذى انتظره المبدعون والمثقفون لسنوات طوال، ما جعل البعض يظن أن الدولة تعطى ظهرها للأدباء والمثقفين والفنانين، وهم القوة الناعمة الحقيقية للوطن، فتأكيد وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم على أن الاحتفاء بالأدباء سيستمر بشكل منتظم ينم عن وعى الدولة بأهمية العلم والثقافة، ووفقًا للرؤية التى تضعها القيادة السياسية ووعيها بأهمية الثقافة والفنون والآداب لعودة الريادة المصرية الثقافية فى ضوء استراتجية التنمية الثقافية المستدامة 2030، وكان ل «البوابة» لقاء مع بعض الحاصلين على جوائز الدولة، الذين رحبوا بعودة هذا الاحتفاء. حسين عبدالرحيم قال الكاتب حسين عبدالرحيم، والذى فاز بجائزة الدولة التشجيعية فرع الآداب لعام 2017 عن مجموعته القصصية «شخص ثالث»، إنه سعيد بعودة الاحتفاء بالأدباء والمثقفين الحاصلين على جوائز الدولة، مؤكدًا على أن الأدباء انتظروه منذ أعوام كثيرة. وأكد «عبدالرحيم» أن اقتصار الأمر فى السابق على تسليم الجوائز فى مكتب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، كان يفقد الكثير من قيمة الجائزة، ومن مكانة الفنان والكاتب، مشيرًا إلى أن قرار وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، بعودة الاحتفاء يُعد بمثابة استعادة لمكانة الكاتب المصري. وأضاف «عبدالرحيم»، قديما كان يحتفى رؤساء الدولة السابقين بالكتاب والفنانين والأدباء، وكان يُعد هذا اليوم بمثابة عيد للأدب والفنون وللثقافة المصرية، وتأكيدًا على ريادتها، فهل سيقوم الرئيس عبدالفتاح السيسى بمقابلة الكتاب والفنانين؟ وهل نحن على الأجندة الرئاسية؟ وأين الثقافة والمثقفين والكتاب والأدباء والفنانين فى الوقت التى تتحدث فيه الدولة عن القوة الناعمة؟ وتابع: «الأدباء والمثقفون هم ذخيرة مصر الحقيقية ومخزونها الثقافى فى مقابل الأفكار المتطرفة والفكر الهدام، وكانت أعظم اللحظات للرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات حينما كانا يقومان بتكريم الأدباء والفنانين والمثقفين، فهل سيفعلها الرئيس عبدالفتاح السيسى ويقوم بتكريمهم، لا سيما فى هذه المرحلة التى ينادى فيها باستخدام القوة الناعمة المصرية، والتى تكمن فى فنانيها ومثقفيها وكُتابها وشعراءها. عبدالحكيم راضى وقال الدكتور عبدالحكيم راضي، الحاصل على جائزة الدولة التقديرية فرع الآداب، إن عودة الاحتفاء بالأدباء والمثقفين شيء جيد وتقليد جميل كان موجودًا من قبل ثم توقف لفترة، وأن عودة وزارة الثقافة للاحتفاء به والذى يتم فى إطار مجال تطوير منظومة العمل بجوائز الدولة ورعاية المبدعين، كما يُعد بمثابة الإعلان الرسمى الأول للفوز وللحصول على جوائز الدولة. وتابع «راضي»: «تم إبلاغى هاتفيًا بحصولى على الجائزة وبعدها عرفت الأخبار من الصحف المختلفة، وعلى الرغم من وصول المستحقات المالية للجائزة، إلا أن دعوة حضور الاحتفالية تُعد هى الإعلان الرسمى الأول من قبل الدولة بحصولى وفوزى على جائزة الدولة التقديرية، كما ينم بأن هناك اهتماما وحرصا حقيقيا من وزارة الثقافة على المبدعين والفنانين، والأدباء». وأكد على أن هذا الاحتفال، بالإضافة إلى أنه تقليد جيد ورائع، إلا أنه يُعطى الوجه المناسب ويعلن عن تقدير الدولة للكتاب والمثقفين والفنانين، وأن اتحاد كتاب مصر، برئاسة الدكتور علاء عبدالهادي، سبق وكرّم مجموعة من الكتاب والأدباء الحاصلين على جوائز الدولة، وقام بتكريمهم بمقر الاتحاد وسط حفاوة كبيرة واستمع لكلماتهم، كما أن رئيس جامعة القاهرة، قرر تكريم الحاصلين على جوائز الدولة والمنتمين للجامعة فى يوم الاحتفال بعيد العلم، وهذا شيء جيد، وأن عودة وزارة الثقافة وهى الجهة الرسمية والمعبرة عن سياسات الدولة بعمل الاحتفال والتكريم هو شيء عظيم ونرجو استمراره، لأنه يُعد بمثابة الإعلان الرسمي. كما أشار إلى أنه فى الدورات السابقة لم يكن يشعر الفائزون بحصولهم على الجائزة، حيث كان الأمر يقتصر على حصولهم على المقابل المادى فقط، وهذا الشيء أفقد الجائزة بريقها ومعناها، وربما يرجع هذا التأخير لطابع العمل الرسمى الذى يستغرق وقتًا طويلا، كما يُعد عودة الاحتفال خطوة طيبة فى سبيل استعادة النهضة الثقافية لمصر. خالد أبوالليل فيما قال الدكتور خالد أبوالليل، الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فرع الدراسات الاجتماعية، إن عودة الاحتفال بالأدباء والمثقفين يمثل جهدا كبيرا لوزارة الثقافة، وأن هذا التكريم كاد أن ينسى. وتابع «أبوالليل» أن جائزة الدولة تحولت إلى مسألة مادية بحتة، وتم اقتصارها على العائد المالى الذى يحصل عليه الأديب، ما أفقدها معناها الأساسي، وربما يكون تكريم الدولة للكثير من المبدعين له تأثير معنوى مهم جدًا، ويعكس فى الوقت نفسه رؤية الدولة واحترام الدولة للثقافة والدور الثقافى للمثقفين، ويؤكد حرص الدولة على الاهتمام بالثقافة والتوعية الثقافية، وأن التنمية الثقافية هى ركن ركين من أركان التنمية فى المجتمع بشكل عام. وأشار إلى أن إهمال الدولة فى الفترة السابقة لتكريم أصحاب الجوائز، كان يعكس إهمال دور الثقافة، وتغييب دور المثقف فى المجتمع، وأن عودة التكريم يؤكد حرص الدولة على السير فى اتجاه تعديل المسار، والذى يتوازى مع تحويل مسارات الدولة المصرية فى أكثر من اتجاه، والتى تحدث الآن، ومنها على سبيل المثال، عودة الدور المصرى فى أفريقيا، والتوجهات الخارجية فى أكثر من مسار، وأن عودة الاحتفال بالمكرمين والفائزين محاولة تصحيح المسار بعد تغافل الدولة فى الفترة الماضية لاسيما ما بعد الثورة، وحتى ما قبل الثورة كان هناك تأجيل وتسويف فى إقامة الاحتفال حتى أصبح عدم الاحتفال شيء أساسي. وأكد «أبو الليل» على أن الاحتفال هذا العام يلقى اهتمامًا كبيرًا، وأن هناك جهدا كبيرا يبذل، وأن يوم 20 ديسمبر سيكون بمثابة الإعلان الحقيقى والرسمى للحصول على الجوائز، ومنح الحاصلين على جوائزهم، معبرًا عن سعادته بعودة الاحتفال، وعدم اختزالها فى الشكل المادى وهو الشيء غير المستحب، وأن عودة الاحتفال هو استعادة لمكانة الأدباء والمثقفين. كما تمنى «أبوالليل» أن يكون الرئيس عبدالفتاح السيسى موجودًا فى هذا التكريم، إلا أنه يعلم جيدًا بانشغاله بالزيارات الداخلية والخارجية، قائلًا: أظن أن الرئيس عبدالفتاح السيسى بدأ يضع الثقافة والمثقفين بوصفهما أولوية من الأولويات الأساسية التى ينبغى زيادة الاهتمام والوعى بهم. يذكر أن وزيرة الثقافة، الدكتورة إيناس عبدالدايم، والمجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور سعيد المصري، أعلنا عن احتفالية كبرى لتسليم جوائز الدولة بأنواعها فى ال20 من ديسمبر الجارى بدار الأوبرا المصرية وبحضور 37 فائزا فى جوائز النيل والتقديرية والتفوق والتشجيعية. وسوف يُصدر المجلس كتابًا تذكاريا بجوائز الدولة منذ إنشاء المجلس عام 1958، وحتى الآن يضم قائمة بأسماء الفائزين وسيرهم الذاتية، إلى جانب الوثائق المنظمة لعمل المجلس والجوائز التى يمنحها، بالإضافة إلى صدور العدد التاسع من سلسلة «نجيب محفوظ» التى يصدرها المجلس بعنوان «قضايا الوجود فى عالم نجيب محفوظ».