يبدى نجيب محفوظ اهتمامًا لافتًا بظاهرة الطلاق فى المجتمع المصري، وتمثل الشهادة التى يقدمها رؤية عميقة واعية، تبرهن على طبيعة العلاقة الجدلية التى تربطه بالحياة المصرية فى مناحيها المختلفة، فهو يأخذ منها ويضيف إليها. فى الفصل الأول من ذلك الجانب من دراسة الناقد مصطفى بيومي "المسكوت عنه في عالم نجيب محفوظ" بعنوان «الطلاق الإجباري»، ينتبه الكاتب الكبير إلى وقوع الطلاق أحيانًا دون إرادة من الزوج، فهو قد يُدفع إليه بالقهر والإجبار، رضوخًا لإملاءات أطراف تملك من القوة، المادية أو المعنوية، ما تفرض به القرار، بحثًا عن مصلحة شخصية مباشرة، أو كعمل مدفوع الأجر يقوم به الفتوات لحساب أطراف أخرى. وفضلًا عن ذلك، فإن الطلاق الإجبارى يقع عندما يُسجن الزوج، فعندئذ يمنح القانون للزوجة حق الحصول على الطلاق، دون نظر إلى رغبة الزوج أو إرادته. «مصائر المطلقات» هو موضوع الفصل الثانى من الدراسة، وفية مراودة الإجابة عن سؤال رئيس: أى مصير تئول إليه المرأة بعد طلاقها؟!. قد تُتاح للمطلقة فرصة زواج جديد، تنعم فيه بالاستقرار أو تُطلق من جديد، وربما تفضى الظروف الاقتصادية المتدهورة إلى الانحراف وحياة الدعارة، وسيلة وحيدة لإشباع الضرورات والاحتياجات المادية الملحة، بعد غياب العائل الذى يتولى الإنفاق، وثمة مصير ثالث، يتمثل فى الرضا بحياة الوحدة والحرمان، فترتد المرأة إلى ما يشبه العنوسة مجددًا. يتوقف الفصل الثالث: «دوافع الطلاق»، أمام الأسباب الأكثر شيوعًا وانتشارًا لتدمير الحياة الزوجية والعصف بها والوصول إلى محطة الطلاق. الفقر عامل خطير لا يمكن إهماله، فالمعاناة الاقتصادية منغص يحول دون الاستقرار، والإسراف فى الغيرة عامل آخر تستحيل معه العشرة ويعز التعايش، وثمة عامل ثالث يتجسد فى السلوك المستهتر غير السوى للزوج، الذى يدمن اللامبالاة ولا يتحمل المسئولية. ويبقى العامل الأكثر شيوعًا ممثلًا فى «غياب التوافق» بين الزوجين، وهو مفهوم يتسع للكثير من المعاني. الفصل الرابع والأخير: «الطلاق والخيانة»، يتوقف أمام خيانة أحد طرفى العلاقة الزوجية كدافع أساس للطلاق، الخيانة لا ترادف الطلاق بطبيعة الحال، فالزوج قد لا يرى فى خيانته ما يستوجب الطلاق، والزوجة قد تخون برضا الزوج وموافقته، وفق صفقة صريحة يبحث فيها كلاهما عن مصلحته: المال للزوج، والحرية بلا عوائق للزوجة، بالمعايير المنطقية، لا تختلف خيانة الرجل عن خيانة المرأة، لكن المقاييس الاجتماعية لا تقر بمثل هذه المساواة النظرية، ذلك أن خطيئة المرأة لا تقبل الغفران، أما خطيئة الرجل فأقرب إلى الخطأ العابر من منظور الذكورية المهيمنة!!.