الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    استعدادات مكثفة للجالية المصرية بجدة من أجل المرحلة الثانية لانتخابات النواب    معرض للملابس الجديدة مجانًا لدعم 300 أسرة من الأولى بالرعاية بكفر الشيخ    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإماراتى تعزيز العلاقات الثنائية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإماراتي تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    الاتحاد الأوروبى يفرض عقوبات على شقيق قائد الدعم السريع على عبد الرحيم دقلو    محمد عبد المنعم يحدد موقفه النهائي من العودة للأهلي أو الانتقال إلى السعودية    هل تفاوض الزمالك مع مساعد جوسفالدو فيريرا ..مصدر يوضح    الأهلي يهزم الجزيرة في مؤجلات دوري محترفي اليد    تحرير 410 مخالفات خلال حملات موسّعة لضبط الأسواق والمخابز بالمنيا    غلق طريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل لمدة 8 ساعات صباح الجمعة    مهند دياب بمهرجان القاهرة: كل غارم عنده حدوته تتحكى سينمائيا    أثرت على البشرية.. رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    عضو الحزب الجمهورى الأمريكى: الفلسطينيون يموتون من الجوع منذ عامين    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    وزير الصحة يبحث مع سفير المملكة المتحدة تعزيز السياحة العلاجية بمصر    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    «الرواية تبني الوعي».. الجلسة الثالثة لمؤتمر توثيق وبحوث أدب الطفل تنفتح على الترجمة والنقد والعلاج بالأدب    بعثة زيسكو تصل القاهرة لمواجهة الزمالك في الكونفيدرالية    الحكومة: المؤشرات تؤكد استمرار مسار نزول التضخم وزيادة معدلات النمو    الإحصاء: 2.4 مليار طفل حول العالم عدد السكان الأقل عمرًا من 18 سنة    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    أمين الفتوى يوضح حكم غرامات التأخير على الأقساط بين الجواز والتحريم    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    بيتكوين تستقر قرب 92 ألف دولار وسط ضبابية البنك الفيدرالى    بعد فرض رسوم 5 آلاف جنيه على فحص منازعات التأمين.. هل تصبح عبئا على صغار العملاء؟    انطلاق مباريات الجولة ال 13 من دوري المحترفين.. اليوم    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة: أمطار على هذه المناطق    بعد طلاقها من «عصام صاصا».. جهاد أحمد تحذر المتطاولين    استشاري صحة نفسية توضح سبب ارتفاع معدلات الطلاق    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    نصائح هامة لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جزيرة كريت تجسد الوشائج الثقافية والتواصل الحضاري بين المصريين واليونانيين والقبارصة
نشر في البوابة يوم 10 - 10 - 2018

تتجلى الوشائج الثقافية وعمق التواصل الحضاري بين المصريين واليونانيين والقبارصة في جزيرة كريت التي تستضيف اليوم "الأربعاء" القمة الثلاثية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة اليونانية الكسيس تسيبراس والرئيس القبرصي نيكوس انستاسياديس.
وفيما تعد قمة كريت هي القمة السادسة بين الزعماء الثلاثة منذ بدء آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص الذي أسس في شهر نوفمبر عام 2014 بالقاهرة فإن جزيرة كريت الواقعة جنوب اليونان تجسد بحق عمق وقوة العلاقات التاريخية والحضارية والوشائج الثقافية بين الدول الثلاث الصديقة.
وحسب ما ذكره وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس فان الزعماء الثلاثة سيبحثون في قمة كريت التعاون الثقافي ضمن العديد من أوجه التعاون الثلاثي لخدمة مصالح شعوب الدول الثلاث الصديقة وشعوب المنطقة ككل بما في ذلك مجال التعليم.
وجزيرة كريت هي أكبر الجزر اليونانية وخامس اكبر جزر البحر المتوسط فيما تحظى هذه الجزيرة التي يصل عدد سكانها لنحو 800 الف نسمة وتبلغ مساحتها 8336 كيلو مترا مربعا بأهمية حضارية كبيرة وساعدها موقعها الجغرافي على ان تكون مركز لقاء تاريخي لحضارات شعوب أوروبا وآسيا وأفريقيا.
ومن بين أسماء عديدة أطلقت على جزيرة كريت عبر التاريخ الطويل اسم "اقريطية"او "اقريطش" وقد اطلقه عليها المؤرخون والجغرافيون المسلمون حسب موسوعة "ويكيبيديا" التي اشارت الى ان المؤرخ المصري أبو العباس القلقشندي الذي قضى عام 1418 اسماها "قراطي" معتبرا ان اسمها يعني "مائة مدينة" فيما اطلق عليها المؤرخون البيزنطيون اسم "كريتا".
وواقع الحال ان جزيرة كريت التي تقع جنوب شرق اليونان جمعت في مزيج حضاري رائع ما بين ثقافات الإغريق والمصريين القدامى والرومان والبيزنطيين والعرب فيما تذهب كتابات في التاريخ الثقافي والاجتماعي المصري ومن بينها كتاب "الرملة البيضاء" للفنان التشكيلي عصمت داوستاشي إلى أن كلمة "الجريتلية" والتي تلقب بها عدة عائلات وخاصة في "حي بحري" بمدينة الأسكندرية تعود الى "كريت" التي جاءت هذه العائلات أصلا منها لتعيش في مصر ويتحول أفرادها بمضي الزمن إلى مصريين.
وكان مهرجان الإسكندرية لسينما دول البحر المتوسط الذي اختتم دورته الرابعة والثلاثين أمس الأول "الاثنين" قد شهد تكريم اثنين من رموز الإبداع السينمائي اليوناني المنحدرين من أصل مصري وهما المنتج والمخرج والكاتب نيكوس برانكس الذي ولد في الإسكندرية في الحادي عشر من سبتمبر عام 1944 وجورج باباليوس الذي شغل من قبل منصب مدير المركز السينمائي اليوناني وقد ولد بالإسكندرية عام 1946.
وإذا كان الفنان المصري الكبير عمر خيرت قد أعاد الروح للموسيقى التصويرية في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية المصرية فإنه يقر بالفضل لرواد في هذا المجال الإبداعي مثل "المصري اليوناني" اندريا رايدر الذي قضي منذ 47 عاما وأسهمت إبداعاته الموسيقية في أفلام من أهم وأشهر كلاسيكيات السينما المصرية في تشكيل وجدان أجيال بعد أجيال من المصريين والعرب عموما.
ولئن كان اندريا رايدر قد ولد في اليونان يوم العاشر من أغسطس عام 1908 فإن أغلب سنوات عمره في مصر وحصل على جنسيتها فيما حظى بتكريم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي منحه وسام الاستحقاق في الفنون.
واندريا رايدر الذي اختير كأفضل مؤلف موسيقي في الاحتفال بالذكرى المئوية الأولى للسينما المصرية وضع الموسيقى التصويرية ل 55 فيلما روائيا مصريا من بينها "دعاء الكروان" و"المراهقات" و"الباب المفتوح" و"غروب وشروق" وكما انه المؤلف الموسيقي للأغنية الدينية الشهيرة: "هايم في حب الله" التي أنشدها المطرب الشيخ محمد الطناني.
وفي كتابه الشهير "الأعمدة السبعة للشخصية المصرية" يقول الأكاديمي والمفكر المصري الراحل الدكتور ميلاد حنا والذي قضى عام 2012 ان المؤثرات الثقافية والحضارية اليونانية تشكل أحد الأعمدة السبعة للشخصية المصرية والتي تتضمن الحضارة المصرية القديمة والمكون القبطي والانتماء الإسلامي والعروبة والانتماء البحر متوسطي فضلا عن الانتماء الأفريقي.
وعلى مقربة من كريت فإن جزيرة تينوس اليونانية والتي تطل بدورها على بحر إيجة عرفت بمهرجاناتها الأدبية التي تثري الثقافة البحر متوسطية فيما يشارك عادة أدباء عرب في مهرجانات تينوس التي تجمع ما بين مبدعين راسخين وصاعدين وعرفت أسماء عربية شهيرة في عالم الإبداع مثل وزير الثقافة المغربى السابق والروائى والشاعر المعروف بن سالم حميش الذى يكتب بالعربية والفرنسية والشاعر العراقى سعدى يوسف.
وتشكل الهجرات اليونانية والقبرصية الحديثة الى مصر اعتبارا من نهايات القرن الثامن عشر مادة ثرية للتاريخ الثقافي والاجتماعي وسط اتفاق عام على ان هذه الهجرات أسهمت في اثراء تعددية المجتمع المصري حيث شارك اليونانيون والقبارصة الى جانب إخوانهم المصريين في إحداث نهضة تجارية وثقافية وفنية وعملوا في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية.
وفيما تقضي اتفاقية التوأمة بين مدينتي الإسكندرية وبافوس القبرصية - التي وقعت في التاسع والعشرين من شهر أبريل الماضي - بدعم التعاون بين المدينتين في مجالات متعددة تتصدرها الثقافة والسياحة والشباب والرياضة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا فان البحر المتوسط استمر عبر التاريخ ومايزال جسرا ثقافيا وحضاريا يصل مابين المصريين والقبارصة واليونانيين.
وكان وزير خارجية اليونان نيكوس كوتزياس قد نوه في مقابلة صحفية مع جريدة الأهرام بأن العلاقات بين اليونان ومصر لها جذور في الحضارتين القديمتين اللتين عاشتا على الشواطئ المقابلة للبحر الأبيض المتوسط معيدا للأذهان ان الاغريق احترموا الحضارة المصرية بصدق كبير ومؤكدا على أن "الثقافة تعتبر واحدة من الأشياء الأكثر ملاءمة للتعاون".
وأضاف نيكوس كوتزياس: "وهذا واضح من خلال مشاركة اليونان ومصر في منتدى الحضارات القديمة حيث يوفر هذا المنتدى منصة لتسليط الضوء على أهمية حضاراتنا القديمة إلى العالم الحديث وهو منتدى يروج أيضا لقيم ومباديء الحضارات العظيمة التي تركناها للإنسانية الحديثة" فيما أوضح كوتزياس أنه من خلال "الحكمة التي نكتسبها من هذه الثقافات تتوافر المعايير الضرورية لحل المشاكل الحديثة".
والثقافة اليونانية التي تشكل مكونا أصيلا في قبرص حاضرة أيضا بقوة في الثغر السكندري الذي يجسد أروع نماذج التفاعل الثقافي والحوار الحضاري بين شعبين صديقين على ضفتي البحر المتوسط فيما كان الإغريق قد تلقوا الحكمة المصرية القديمة عبر هذا البحر العظيم الذي وصفه سفير قبرص لدى مصر خاريس موريتسيس بأنه "البحر الذي تحدث به أشياء عظيمة".
وإذ لفت وزير الخارجية اليوناني إلى المساهمة العربية في الحفاظ على الأعمال الأدبية اليونانية القديمة فقد استعاد أيضا حقيقة أن أحد كبار الأدباء والشعراء اليونانيين المعاصرين كان "قسطنطين كفافي المصري اليوناني وشاعر الأسكندرية المعروف".
و"كفافي المصري اليوناني" الذي ولد عام 1863 وقضي في عام 1933هو بحق أحد البنائين العظام لصورة الإسكندرية في المخيال الثقافي العالمي وهو المثقف الكبير الذي يعبر بدقة عن مدى التواشج الثقافي بين مصر واليونان.
ومازال اسم كفافي يلهم المبدعين في الغرب ومن ثم فإن القاص والشاعر البريطاني لويس دي بيرنيريه- الذي يوحي اسمه كما لو كان من اصل فرنسي-قد اختار لكتابه الذي صدر بالانجليزية عنوان:"مخيال الاسكندرية..قصائد لذكرى كفافي".
ولويس دي بيرنيريه حريص دوما على أن يعرف نفسه بأنه "شاعر قبل وبعد كونه قاصا" موضحا أن الشعر كان منبع إلهامه الروائي ومحركه في مسيرة الحكي وتعد مجموعته الشعرية أول ديوان ينشره وقد نذره لتكريم قسطنطين كفافي ذلك الشاعر اليوناني الذي عاش في الإسكندرية واقترن بها أغلب سنوات العمر واحتواه ثراها.
وفي صحيفة الأوبزرفر البريطانية قالت الناقدة كاتي كيلاواي ان لويس دي بيرنيريه يبدو مفتونا بالشاعر الذي كان مفتونا بدوره بالاسكندرية ليخرج القارئ في نهاية المطاف راضيا مرضيا وتلك سمة الابداع الحق فكثير ممن ندبوا أنفسهم للكتابة يكتبون لكن ماالذي يبقى مما كتبوه في قلب القارئ وعقله؟!.
وفي الاسكندرية التقى كفافي بمثقفين وادباء كبار قدر لهم ان يتركوا بصمات عميقة في الأدب على مستوى العالم ومن بينهم اي.ام.فورستر صاحب الرواية الشهيرة "الطريق الى الهند" فيما يعيد اسم كفافي للأذهان أسماء أخرى لشعراء يونانين كبار من أصحاب التأثير الإبداعي في الذائقة الشعرية للمصريين والعرب والعالم ككل ومن بينهم الشاعر يانيس ريتسوس الذي يشكل بدوره مصدر إلهام للمبدعين والمثقفين في الغرب والعالم ككل.
وتحت عنوان:"بطلى"- قال الشاعر البريطاني دافيد هارسنت:" القول بأن يانيس ريتسوس كان خصب القريحة وغزير الإنتاج قد يكون مجرد تسطيح لحقيقة هذا الشاعر بقدر ما يبخسه قيمته" واوضح هارسنت الذى قام بترجمة بعض أعمال هذا الشاعر اليونانى الكبير للانجليزية أن حياة يانيس ريتسوس التى انتجت ما يربو على الخمسة آلاف ورقة جديرة بنظرة أكثر عمقا منوها بأن الشاعر الراحل نشر فى أعوام 1972 و1974 و1975 سبع مجموعات شعرية فيما شهدت أعوام تالية المزيد من العطاء المدهش لهذا المبدع الفذ.
وفيما يبدو الشاعر الانجليزى دافيد هارسنت متيما بإبداعات هذا الشاعر اليونانى الكبير الذي قضى في الحادي عشر من نوفمبر عام 1990 فإن ليانيس ريتسوس أيضا قصته مع شعراء ومثقفين مصريين وعرب وقام الشاعر الكبير السورى الأصل على أحمد سعيد "ادونيس" بترجمة بعض قصائد يانيس ريتسوس للعربية وكذلك الشاعر العراقى سعدى يوسف الذى صدر له ديوان مترجم لريتسوس بعنوان: "إيماءات".
ولئن قال عنه سلفه الأديب اليونانى العظيم كوستيز بالماس:"إننا نتنحى جانبا لتمر أنت أيها الشاعر" فقد تناول الناقد فخري صالح فى كتاب صدر فى بيروت بعنوان "شعرية التفاصيل" تأثير ريتسوس فى الشعر العربى المعاصر معتبرا أن "هذا التأثير قد أصبح كبيرا إلى الحد الذى يمكن أن نتحدث فيه بيقين تام عن ولادة نسل لريتسوس فى الشعر العربى المعاصر".
وفي كتاب "كتب وناس" للأديب الراحل خيري شلبي إشارات دالة للتمازج بين المصريين واليونانيين والقبارصة في سياق ثقافة المكان وتناوله لحي "الأزاريطة" وهو من أشهر أحياء كورنيش الأسكندرية ويكاد خيري شلبي يتوحد عشقا لهذا الحي فيما يتحدث أيضا عن "المقاهي البلدية في الشارع الرئيسي الموازي لشارع الترام" ومحلات البقالة بطرازها اليوناني حيث يبدو "المحل كالصيدلية من فرط النظافة والاتساق" على حد وصفه.
ومن الطريف رأي كاتب يوناني ولد في الأسكندرية بشأن البريطانى لورانس داريل صاحب "رباعية الإسكندرية" والذى عام 1912 وقضى عام 1990 ويوصف "بعوليس العصر الحديث" وهو العمل الروائى الكبير الذى ظهر أول مرة بالإنجليزية والفرنسية فى نهاية الخمسينيات وبدايات الستينيات من القرن العشرين كما ترجم للعربية.
وهارى تزالاس الكاتب اليونانى الذى ولد فى الإسكندرية وعاش بها حتى العشرين من عمره ذهب إلى أنه لم يشعر بأى حماسة عندما قرأ رباعية لورانس داريل متسائلا إن كان سبب ذلك أنه "اسكندرانى أصيل" وكأنه يتهم داريل بتبنى رؤية استشراقية للمدينة يصعب أن يستسيغها مثله كابن اصيل للمدينة.
وفى إحدى قصصه عن الأسكندرية- يتحدث الكاتب اليوناني هارى تزالاس عن تجربة عاشها فى المدينة "عندما ذهب مع ابن بواب العمارة للاستماع إلى خطبة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية والتى أعلن فيها تأميم قناة السويس" وهى قصة تعبر عن رؤية للمدينة مغايرة تماما لرؤية لورانس داريل عن "مدينة الذاكرة المحببة".
والذاكرة التاريخية والثقافية المصرية لن تنسى الدور الإيجابي للمرشدين الملاحيين اليونانيين والقبارصة عقب تأميم قناة السويس عام 1956 وذلك التآلف الشعبي النادر بين المصريين واليونانيين والقبارصة ودعم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لكفاح الزعيم القبرصي الأسقف مكاريوس من أجل وحدة واستقلال قبرص.
وفيما تبقى العلاقة بين المصريين والقبارصة واليونانيين علاقة دالة على معنى التفاعل الثقافي والحضاري الايجابي تتطلع الأنظار اليوم لجزيرة كريت التي تستضيف القمة الثلاثية الجديدة بين قادة الدول الثلاث لتشكل صفحة مضيئة في تاريخ تجسده هذه الجزيرة العريقة ونقطة التقاء الحضارات وحاضنة الثقافات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.