8 شروط لعقود شركات التمويل الاستهلاكي وفقًا للقانون    وزير النقل: بدأنا تنفيذ مقترحات لتسهيل سياحة اليخوت (فيديو)    في ذكرى النكبة| اعتراف العالم بفلسطين يزداد رغم أنف ال«فيتو» الأمريكي    ريال مدريد يضرب ألافيس بثلاثية في الشوط الأول    الشيبي: أتعصب في "البلايستيشن" ولا أحب خسارة التحديات    أول ظهور لفتاة أوبر التجمع عقب الحادث..أم لطفلين    تعرف على الموعد النهائي لعرض مسلسل باسورد    "ألقى الشاي عليه".. تامر حسني يمازح باسم سمرة من كواليس فيلم "ري ستارت"    الإفتاء: الإسلام يدعو لاحترام أهل التخصص.. وهذا ما كان يفعله النبي مع الصحابة    تعرف على أشهر الأكلات السعودية بالتفصيل.. الكبسة والمنسف والمظبي والمطازيز    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    رئيس وحدة الأبنية بمجلس الدولة: التحول الرقمي يساعد في تقريب العدالة الإدارية    قصواء الخلالى: مصر داعية للسلام وإسرائيل جار سوء و"ماكينة كدب بتطلع قماش"    فيديو.. عالم أزهري: الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.. والتراث ليس معصوما من الخطأ    «مياه المنيا» تبحث خطة تحصيل المستحقات وتحسين الخدمة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية    تحكم في وزنك من خلال تعديلات بسيطة على وجباتك    أمين الفتوى: «اللى معاه فلوس المواصلات والأكل والشرب وجب عليه الحج»    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    تعرف على القطع الأثرية المميزة لشهر مايو بالمتاحف.. صور    غدًا.. الحكم على المتهم بدهس «طبيبة التجمع»    زوجة عصام صاصا تكشف تفاصيل جديدة بشأن حادث التصادم.. أسفر عن وفاة شخص    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    اشتباكات عنيفة بين الاحتلال والمقاومة في رفح الفلسطينية    إنفوجراف| 5 معلومات عن السيارات الكهربائية في مصر    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    أحمد موسى يفجر مفاج0ة عن ميناء السخنة    ذا أثليتك: برونو يرحب بفكرة تجديد تعاقده مع يونايتد    تقارير: كريستيانو رونالدو قد يمدد عقده مع النصر حتى 2026    تنظيم 10 ندوات لمناقشة المشكلات المجتمعية المرتبطة بالقضية السكانية في شمال سيناء    الاتحاد الأوروبي يوسع عقوباته على إيران بسبب روسيا    الإحباط والغضب يسيطران على العسكريين الإسرائيليين بسبب حرب غزة    بعد تصدرها التريند.. تعرف على آخر أعمال فريدة سيف النصر    الأربعاء.. انطلاق فعاليات الدورة الثانية لمعرض زايد لكتب الأطفال    بعد تصدرها التريند.. ما هي آخر أعمال نسرين طافش؟    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    شعبة الأدوية: الشركات تتبع قوعد لاكتشاف غش الدواء وملزمة بسحبها حال الاكتشاف    مصرع شخص غرقاً فى مياه نهر النيل بأسوان    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    هيئة الأرصاد الجوية تحذر من اضطراب الملاحة وسرعة الرياح في 3 مناطق غدا    الغندور يثير غضب جماهير الأهلي بسبب دوري أبطال أفريقيا    «صحة النواب» توصي بزيادت مخصصات «العلاج على نفقة الدولة» 2 مليار جنيه    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    طالب يضرب معلمًا بسبب الغش بالغربية.. والتعليم: إلغاء امتحانه واعتباره عام رسوب    تأجيل محاكمة المتهم بقتل زوجته بكفر الشيخ لجلسة الخميس المقبل    «أبوالغيط»: مشاعر الانتقام الأسود تمكنت من قادة الاحتلال    «الداخلية»: ضبط 25 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    دعاء للميت في ذي القعدة.. تعرف على أفضل الصيغ له    أبو الغيط أمام الاجتماع التحضيري لقمة البحرين: التدخل الظولي بكل صوره أصبح ضرورة للعودة لمسار حل الدولتين    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    مصر تدين الهجوم الإرهابى بمحافظة صلاح الدين بالعراق    مفتي الجمهورية يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمى..    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الإسكان: الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر    مجدي عبدالغني يثير الجدل بسؤال صادم عن مصطفى شوبير؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماد ب"السم الهاري".. "ملف"
نشر في البوابة يوم 07 - 10 - 2018

«مثل قتيل تفرق دمه بين القبائل»، يقف الفلاح المصرى بين الجمعيات الزراعية، ووزارة الزراعة وشركات الأسمدة، وأيضًا السوق السوداء والأسمدة المغشوشة.
فساد هنا، وآخر هناك، وتقاعس هنا، وتخاذل على الضفة الأخرى، والضحية ليس الفلاح فحسب، الفلاح: أيوب مصر الصابر، بل أيضًا الأمن الغذائى وصحة الإنسان المصري.
فجوة توريد الأسمدة فى الجمعيات الزراعية، بلغت فى بعض محافظات الصعيد، ما نحوه 65%، وفى الخلفية لا جهة تبادر إلى حل الأزمة، فما من حراك إلا اتهامات متبادلة بين وزارة الزراعة ومصانع الأسمدة، وبين هذه وتلك تُطحن عظام الفلاح، الذى يخضع مضطرًا لابتزاز تجارة السوق السوداء، فيشترى السماد بضعف ثمنه، وليت الكارثة تنتهى عند هذا الحد، فمعظم ما يستنزف أمواله هو أسمدة مغشوشة، يقدر خبراء نسبة انتشارها بحوالى 63%، وبعضها يحمل مواد مسرطنة فى عناصر تركيبها.
الفلاح يستغيث.. فجوة نقص التوريد للجمعيات الزراعية وصلت 65%
حصيلة حملة واحدة: 608 أطنان فاسدة.. ومصانع «بير السلم» تستغل الأزمة وتطحن المزارعين
فى بداية يوليو الماضي، أعلنت «الزراعة» زيادة 90 جنيهًا لأسعار الطن من أسمدة اليوريا والنترات، ليصل سعرها إلى 3290 جنيهًا، وهذه هى الزيادة الثالثة خلال 18 شهرًا.
وجاءت الزيادة فى إطار تنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر فى الربع الأخير من 2017 بشأن مراجعة المعادلة السعرية للأسمدة كل 3 أشهر.
أسعار الأسمدة التى ارتفعت بنحو 300٪ خلال الثلاث سنوات الأخيرة، كانت بمثابة الكابوس والصداع الدائم للفلاح المصري، حيث أرهقته ماديًا، من دون أن تؤدى إلى إنهاء أزمة عدم توافرها بالسوق.
وفى منتصف يوليو، شهدت الجمعيات الزراعية نقصًا حادًا بكميات الأسمدة، ففسرت وزارة الزراعة الأزمة، بعدم التزام بعض الشركات بتوريد نسبة ال55٪ المُتفق عليها من إجمالى الإنتاج للجمعيات الزراعية.
فى المقابل خرجت شركات الأسمدة عن صمتها، بعدما هددتها «الزراعة» بفرض عقوبات تشمل حظر التصدير لأجل غير مُسمى، لتقول إنها تخسر نحو 250 جنيهًا فى الطن المدعم، حيث إن تكلفة طن السماد الواحد تصل إلى 3450 جنيهًا بينما تورده إلى الجمعيات الزراعية ب3200 جنيه، فى حين أن بيع الطن فى السوق السوداء يعود عليها ب6 آلاف جنيه.
ومع انشغال كل من طرفى الأزمة باتهام الآخر، فى سلوك يبدو أن هدفه هو غسل اليدين، تفشت الأسمدة المغشوشة، التى استغلت وجود فجوة فى آليات الرقابة التى تتقاسمها وزارة الزراعة ومباحث التموين وشرطة المسطحات المائية، فسارعت إلى طرح منتجات مغشوشة بأسعار زهيدة، ما دفع الفلاح الذى أصبح كغريق يحلم بقشة يتعلق بها إلى شرائها من دون أن يعى آثارها المدمرة على زراعته.
مصانع بير السلم
ويكشف تقرير للإدارة العامة لمباحث التموين، حول مجهودات الإدارة وفروعها الجغرافية فى مجال مكافحة تداول الأسمدة الزراعية المغشوشة، عن أن عدد قضايا غش الأسمدة التى وثقتها دفاتر «مباحث التموين» فى 2016 حتى نوفمبر من العام ذاته شملت 338 مصنعًا وورشة بإجمالى مضبوطات تُقارب 650 طن أسمدة مغشوشة و4 آلاف لتر أسمدة سائلة مقلدة تستخدم فى زراعات الخضراوات والفاكهة.
وفى حملة لشرطة البيئة والمسطحات المائية، نهاية أبريل الماضي، تم ضبط مصنعى «بير سلم» بمركز الصف، فى الجيزة، وثالث فى كفر الشيخ، تخصصت فى تصنيع وبيع أسمدة غير صالحة، بإجمالى 608 أطنان، و400 طن مواد خام مجهولة المصدر، فضلًا عن عشرات العبوات من المخصبات الزراعية السائلة المُقلدة والمغشوشة.
وبحسب ما وثقته سجلات الإدارة العامة لمباحث التموين، فإن صناعة الأسمدة المغشوشة ترتكز فى منطقة؛ شق الثعبان بحلوان، التى تشتهر بتصنيع واتجار الأسمدة الفوسفاتية، وأيضًا قرى مركز الصف بالجيزة، وتحديدًا قريتي غمازة الكُبرى وعرب أبوساعد، اللتين تشتهران بالتصنيع والإتجار فى سماد سوبر فوسفات المُقلد، فضلًا عن؛ بعض بؤر تصنيع المغشوش المنتشرة بالزقازيق.
وترتكز صناعة الأسمدة السائلة المغشوشة فى قرية: طواحين أكراش التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، بالإضافة لبعض مصانع وورش «بير سلم» بمحافظات؛ الغربية والدقهلية ودمياط، خاصة بمركزى السنبلاوين وميت غمر حيث الصيت الذائع فى تجارة المخصبات الزراعية المغشوشة.
طرق غش الأسمدة
وتتعدد طُرق مصانع وورش «بير السلم» لغش الأسمدة الزراعية وعلى رأسها؛ تخفيف نسب المُركبات الموجودة فعليًا بالسماد واستبدالها بمُركبات كيماوية أقل سعرًا، وأيضًا إعادة تغليف الأسمدة منتهية الصلاحية بتواريخ جديدة، وبيعها على أنها صالحة للاستخدام، وصولًا إلى إضافة خامات مجهولة المصدر ليس لها علاقة بالسماد مثل إضافة الحجر الجيرى والجبس وبودرة السيراميك والرُخام والبودرة الملونة والرمال والأحجار المطحونة.
كما تعتمد مصانع «بير السلم» على ماكينات تغليف وخياطة، أوتوماتيكية ونصف أوتوماتيكية، لغلق العبوات، وتثبت على العبوات ملصقات تحمل علامات تجارية لأسماء شركات كبيرة فى مجال صناعة الأسمدة، ويبدأ سعر ماكينات التغليف من 10 آلاف جنيه كما أن شراءها لا يتطلب الكشف عن هوية المشترى، وهو ما يُساهم فى انتشار إنتاج وبيع المغشوش.
ويقول أحد أبناء قرية غمازة الكبرى بالجيزة: إن انتشار مصانع «بير سلم» الأسمدة المغشوشة على أطراف قريته بدأ مُنذ حوالى 9 سنوات، ومعها بدأت لعبة «القط والفار» بين أصحاب تلك المصانع من جهة ومباحث التموين وشرطة المسطحات المائية من جهة أخرى، فبين حين وآخر يضبط واحد من تلك المصانع، التى يصل عددها إلى 7 مصانع بقُرى غمازة وعرب أبوساعد والشُرفا وعرب الحصار، وبعد ضبطه عدة شهور يعود إلى العمل مرة أُخرى فى الخفاء.
وهم معايير السلامة
ويضيف، أن تلك المصانع لا تعتمد أى معايير لسلامة البيئة المحيطة، حيث إنها تسببت فى انتشار الأمراض وتشوه الأجنة بين أبناء قريته، خاصة أنها قريبة من الكتلة السكنية بنحو 3 كيلومترات حتى يتمكن أصحابها من الاستفادة من خدمات المياه والكهرباء، موضحًا أن تلك المصانع تعمل ليلًا وفى أيام غير مُحددة، ويصل عدد العاملين فى المصنع إلى 10 أفراد، وغالبًا ما يكونون من أهل القرية، وهو ما يصعب من عملية إبلاغ الجهات الرقابية عنها.
ويقول «بسيونى. م»، أحد أبناء قرية عرب الحصار، بمركز الصف بالجيزة، إن انتشار مصانع الأسمدة المقلدة وبروتينات الأعلاف غير الصالحة للاستخدام، فضلًا عن؛ مياه الصرف الصحى وانبعاثات مصانع الطوب تسببت فى بوار مساحة كبيرة من الرقعة الزراعية بقريته والقُرى المحيطة، فمدخلات مصانع «بير السلم» المنتشرة تتمثل فى بودرة الأسمنت المتوفرة فى مقالب القومية وحلوان.
ويُتابع بسيوني، أن المصانع تلك تعتمد أيضًا على الجير وبعض المواد الكيميائية المجهولة كمدخلات للتصنيع، كما تستخدم عبوات «شكائر» مُقلدة لبعض المصانع الشهيرة فى مجال الأسمدة العضوية، كأبوقير وأبوزعبل وحلوان للأسمدة، لتغليف أسمدتها المغشوشة، حيث يتم تصنيع تلك العبوات مُسبقًا بالاتفاق مع أصحاب تلك المصانع ومطابع تعمل فى بيع العبوات الفارغة.
ويشير إلى أن أبناء قريته تقدموا بعدد من الشكاوى ضد المصانع القريبة من الكتلة السكنية فى 2014، والتى أصدرت على إثرها الوحدة المحلية بمركز الصف قرارًا بغلقها إلا أنه بعد عدة شهور عاودت عملها غير القانونى من جديد.
على الجانب الآخر، يقول الشاذلى الصاوي، أحد العاملين بشركة السويس للأسمدة، إن أكثر الأسمدة المغشوشة انتشارًا فى السوق هي: السوبر فوسفات، كونه يُصنع يدويًا بداية من مزج الفوسفات بعد طحنه مع حمض الكبريتيك المُركز حتى يتحول إلى فوسفات أُحادى الذرة ثم إلى حبيبات، حيث إن مصانع «بير السلم» لا تحتاج لأكثر من وجود كسارة فوسفات وأحواض مياه وماكينات الخلط الصغيرة لتصنيع مُنتج يتطابق فى الشكل مع سماد السوبر فوسفات، غير أنه يختلف كليًا من حيث الجودة والتأثير معه.
ويُتابع الصاوي، أنه فى المُقابل يصعب غش أسمدة سُلفات النشادر وحامض الكبريتيك، لأنهما يتطلبان تكنولوجيا حديثة، كما أن غاز الأمونيا المستخدم لتصنيع أسمدة النشادر يصعب تداوله بين الناس لأنه سام.
ويضيف أن غش سماد اليوريا أيضًا يعنى تغيير لونه وشكله وخصائصه بالكامل لذا تبتعد مصانع وورش «بير السلم» عن العمل فيه لأن تصنيعه يحتاج إلى خطوط إنتاج حديثة بدرجات حرارة وتنقية ومواد مُعينة، حيث يتعرض فى البداية الغاز الطبيعى إلى درجة حرارة تحوله إلى «أمونيا» ومنها إلى مفاعلات أخُرى حتى يتكون سماد اليوريا بشكله النهائي.
خبراء يحذرون: الأمن الغذائى المصرى «فى خطر»
المطالبة بقصر تصاريح محلات تجارة السماد على خريجى «الزراعة»
تستورد مصر استهلاكها من الأسمدة المُركبة بواقع 120 ألف طن سنويًا من هولندا وبلجيكا والأردن، والخطير فى الأمر أن حوالى 63٪ من الأسمدة المُركبة الموجودة فى السوق المصرية مغشوشة.
سعيد خليل
ويؤكد الدكتور سعيد خليل، الخبير الزراعى ورئيس قسم التحوّل الوراثى بالبحوث الزراعية، أنه بمتابعة ضبطيات شرطة المسطحات المائية ومباحث التموين من الأسمدة المركبة ومقارنتها بالأرقام الرسمية المُعلن عنها فى الاستيراد سنويًا يتضح أن النسبة الأكبر من أنواع تلك الأسمدة مغشوشة، ومصدرها إما مصانع «بير السلم» أو دخلت البلاد عبر التهريب.
ويُضيف خليل، أن ارتفاع أسعار الأسمدة المُركبة المستوردة، الذى يتراوح بين 18 إلى 27 ألف جنيه للطن الواحد، إثر تحرير سعر الدولار فى 2016، نتج عنه انتشار غير مسبوق لورش ومصانع «بير السلم» لإنتاج أسمدة مُركبة أرخص سعرًا، خاصة فى أنواع أسمدة 31346 «الأجرموت» و6643 وغيرهما من الأنواع التى يتم غشها عن طريق إضافة بودرة بلاط أو يوريا، على الرغم من أنها من الأسمدة الأهم من حيث مساعدتها فى النمو الخضرى والثمرى للفاكهة البُستانية.
ويُشير رئيس قسم التحوّل الوراثى بالبحوث الزراعية، إلى أن المناطق المستصلحة حديثًا تُعد الأكثر عرضة للمغشوش كونها تستخدم الأسمدة المُركبة عن الأسمدة الأُحادية بكميات كبيرة.
كما أن بعض الشركات تتجه إلى غش نسب الأسمدة.
ويطالب بضرورة زيادة عدد المفتشين الزراعيين وتدريبهم لمواجهة الأسمدة المغشوشة.
ويضيف أن اقتصار تصاريح محال بيع الأسمدة على الحاصلين على بكالوريوس زراعة بعد حصولهم على دورات تدريبية تنظمها وزارة الزراعة.
خليل المالكي، أستاذ المبيدات ووقاية النبات بمركز البحوث الزراعية، يقول إنه فى حالة استخدام المزارع أسمدة مُركبة مغشوشة يفقد جزءًا كبيرًا من محصوله أو مواصفات الثمار المطلوبة، لأنه يستخدم مثلًا المخصبات التى تحتوى على نسبة نيتروجين مُرتفعة قبل الإثمار أما فترة الإثمار فيستخدم أسمدة تكون نسبة النيتروجين بها قليلة ونسبة البوتاسيوم مرتفعة وذلك لزيادة حجم الثمرة.
ويُضيف المالكي، أن ارتفاع تكاليف تحاليل الأسمدة قبل استخدامها من قِبل المزارعين يمنعهم من التأكد من صحة النسب المدونة على أغلفة تلك الأسمدة.
ويشير إلى أنه عندما يتم خلط بعض المبيدات بأسمدة ومخصبات مغشوشة وملعوب فى نسب تكوينها كالأسمدة المخلبية، كالحديد والمنجنيز المخلبي، فى محاولة من المزارعين لتوفير تكاليف «الرش»، تقع مخاطر وكوارث ليس فقط على التربة الزراعية بل على ثمار المحاصيل، وهو ما يُشكل خطرًا على الصحة العامة.
أضرار السماد
يوضح الدكتور عبدالعليم متولى، أستاذ المحاصيل الزراعية بجامعة القاهرة، أن الأسمدة تستخدم فى الأساس لتعويض النقص فى بعض العناصر الغذائية التى تحتاجها التربة، وأنه فى حالة استخدام المغشوش فإن الأضرار تتمثل فى: عدم الوصول للهدف المراد منها وقلة إنتاجية الفدان.
ويوضح متولى، أن الأسمدة الفوسفاتية تحتوى على عنصر الفوسفور بطيء التحلُل الذى يستمر من 45 يومًا إلى أربعة أشهُر فى التربة الزراعية وهو المسئول عن خروج الشعيرات الجذرية للنباتات، وأيضًا عن امتصاص جميع العناصر الغذائية. وفى حالة إضافة أسمدة فوسفاتية مغشوشة قبل الزراعة تتعرض التربة لضرر بالغ، وقد تتغير تركيبتها، فتبور وتغدو غير صالحة للاستزراع.
وينوّه أستاذ المحاصيل الزراعية، إلى أن الأسمدة المغشوشة يترتب عليها أيضًا نتائج سلبية للتربية، وذلك فى حالة احتوائها على عناصر سامة أو مجهولة المصدر، كما أنه فى حالة امتصاص المحاصيل لتلك العناصر ينتج عنها ضرر جسيم لمستخدميها كونها تنتقل بصورة غير مباشرة إلى الإنسان.
حسين أبوصدام
نقيب الفلاحين: الضبطيات لا ترصد إلا «أقل القليل»
يُقدر حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، نسبة الأسمدة المغشوشة فى السوق بحوالى 10٪ من الكميات المطروحة، قائلًا: «هذه النسبة هى الحد الأدنى، وقد تكون أعلى من ذلك».
ويضيف أن تجارة الأسمدة المغشوشة تجارة رائجة فى جميع محافظات الجمهورية خاصة فى محافظتي؛ المنيا وبنى سويف اللتين تنتشران بهما مصانع الحجر الجيري، وهو المكون الرئيسى فى معظم الأسمدة المغشوشة، فضلًا عن انتشار الأسمدة الورقية المغشوشة والتى تؤثر بشكل مباشر على صحة الفلاح نفسه.
ويقول: بعض تجار الأسمدة يتورطون أيضًا فى انتشار المغشوش من الأسمدة عن طريق شرائها رغم علمهم بمصدرها «بير سلم» رغبة منهم فى الثراء السريع متجاهلين تهديدهم للأمن الزراعى المصري.
ويؤكد أن الضبطيات المُعلن عنها ما هى إلا جزء بسيط من النسبة الحقيقية لانتشار الأسمدة المغشوشة، فقلة أعداد المفتشين التابعين لوزارة الزراعة، وأيضًا تعدد الجهات الرقابية على الأسمدة الزراعية فضلًا عن الفساد المُنتشر، بالمحليات يعزز فرص الغشاشين فى ممارسة جرائمهم.
ويُشير نقيب الفلاحين، إلى غياب دور الإرشاد الزراعى بوزارة الزراعة عن مواجهة الأزمة، حيث إن أصغر مرشد زراعى حالى يبلُغ من العمر 57 سنة نتيجة لوقف التعيين بهذا القطاع، وهو ما يفرض على المزارعين ضرورة التكاتف لتضييق منافذ انتشار وبيع المغشوش من خلال الإبلاغ عن المتورطين من التجار فى بيع الأسمدة المغشوشة خاصة أنهم أكثر المتضررين ماديًا من انتشارها.
رائف تمراز
وكيل «الزراعة» ب«النواب»: الغلاء يدفع الفلاح ل«المغشوش»
قال رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن ارتفاع أسعار الأسمدة فى الجمعيات الزراعية يرجع لارتفاع أسعار السولار والمحروقات مؤخرًا.
وأوضح تمراز أن نقص الأسمدة المخصصة للفدان، ولجوء المزارعين للسوق السوداء، أسفر عن تداول الأسمدة المغشوشة رخيصة الأسعار غالبًا.
ووصف الأمر بالأزمة التى تُهدد مستقبل الزراعة فى مصر، قائلًا: «إن جزءًا كبيرًا من مواجهتها يقع على عاتق الفلاح الذى ينبغى أن يبادر بإبلاغ الجهات الرقابية بالمنتجات المغشوشة لتتبع مصدرها».
إيهاب غطاطي
ويُضيف إيهاب غطاطي، عضو لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن انتشار الأسمدة المغشوشة ازداد بوتيرة واسعة بعد ثورة يناير، وفى ظل غياب الأجهزة الرقابية عن تأدية دورها حتى الآن.
ويوضح أنه سيتقدم بطلب إحاطة لوزير الزراعة خلال الفصل التشريعى الجديد، وبعد أول اجتماع للجنة الزراعة بالمجلس لخطورة الأمر وتهديده للأمن الغذائى المصري.
ويوضح غطاطي، أن أعضاء لجنة الزراعة بالنواب خاضوا باعًا طويلًا لطرح أزمة انتشار الأسمدة والمبيدات والأدوية البيطرية خلال الفصل التشريعى الثانى والثالث من خلال طلبات إحاطة لوزير الزراعة السابق، وأيضًا شرطة المسطحات المائية بوزارة الداخلية، كونها تستنزف جيوب المزارعين، وتتسبب فى قلِة الإنتاج، لكن حتى الآن لم نلمس أى مردود حقيقى للقضاء على تلك الظاهرة.
ويُشير عضو مجلس النواب، إلى ضرورة زيادة أعداد المفتشين الزراعيين وأن تقوم الزراعة بتخصيص «شهر» بعنوان «شهر الرقابة لضبط سوق الأسمدة والمبيدات» من خلال؛ سحب عينات عشوائية من المحال والشركات وتحليلها، ثم الكشف علنًا عن نتائج الحملة بنهاية الشهر، بالإضافة لنشر أسماء الشركات والمنتجات المعتمدة والموثوق بها لزيادة وعى المزارعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.