كرمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومنحه وسام النجمة العسكرية لما قدمه من أجل الوطن، إنه المقاتل البطل أحمد إدريس صاحب شفرة حرب أكتوبر، الذى بكى لحظة تكريمه بعد أن تذكر أنه منذ 40 عامًا كان ينتظر أن يكرمه أحد، قائلًا : «وكأن حاجة ضاعت منى ولقيتها، وأنا قولت للرئيس أنا قعدت 40 سنة كاتم السر، وقالى أنا هكافئك. المقاتل أحمد إدريس، الذى لم يعرفه الكثيرون إلا قريبًا، بعد أن ظلوا ولمدة أعوام كثيرة مضت لا يعرفون «الشفرة»، التى استخدمها قادة الجيش المصرى فى حرب أكتوبر لإبلاغ التعليمات والأوامر للضباط والجنود فى مواقع العمليات، حتى إسرائيل نفسها لم تستطع أن تفك تلك الشفرة، فقد كانت لغة جديدة وغير موجودة فى أى قاموس من قواميس العالم. لكن صاحب تلك الشفرة ما زال حيا يرزق، فهو أحد أبطال الحرب وصاحب الفكرة التى حيرت إسرائيل وجعلتها لا تستطيع التقاط أى إشارات أو رسائل لقادة الجيش المصرى، تلك الشفرة التى كانت باللغة النوبية، وهى لغة يتحدث بها النوبيون لكنها لا تكتب، وإلا كانت قد عرفت بها إسرائيل. وبدأت قصة «الشفرة»، عندما لاحظ البطل أحمد إدريس، أن قادته يتحدثون فيما بينهم للبحث عن طريقة جديدة للشفرات غير معروفة، بعدما استطاعت إسرائيل فك شفرات كثيرة. اقترح «إدريس»، على القادة أن تكون الشفرة باللغة النوبية على اعتبار أنها لغة «محادثة»، ولا تكتب ويتحدث بها أبناء النوبة فقط، وقال لهم: إن اللغة النوبية تنقسم إلى قسمين بين أهلها وهم «لهجة نوبة الكنوز»، و«لهجة نوبة الفديكا»، ويعود أصل «الكنزية» إلى اللهجة «الدنقلاوية»، نسبة إلى دنقلة فى السودان، بينما يعود أصل «الفديكا» إلى اللهجة «المحسية»، التى كان يتحدث بها سكان شمال السودان، وعلى الفور أبلغ القادة الفكرة لرئيس الأركان، الذى عرضها على الرئيس أنور السادات ووافق على الفور، وقام باستدعاء البطل أحمد إدريس. وهنا يقول البطل: «وصلت لمقابلة الرئيس السادات وانتظرت الرئيس بمكتبه حتى ينتهى من اجتماعه مع القادة، وعندما رأيته كنت أرتجف لأنها كانت المرة الأولى التى أرى بها رئيسا لمصر، وعندما قابلنى وشعر بما ينتابنى من خوف وقلق اتجه نحوى ووضع يده على كتفى ثم جلس على مكتبه وتبسم لى وقال لي: فكرتك ممتازة.. لكن كيف ننفذها؟ فقلت له لا بد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون فى النوبة وعلينا أن نستعين بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيى 1964، وهم الذين نزحوا بعد البدء فى بناء السد العالى لأنهم لا يجيدون اللغة، وهم متوفرون بقوات حرس الحدود، فابتسم السادات قائلاً: بالفعل فقد كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنودا بهذا السلاح». وأضاف «إدريس»، أنه بعد عودته إلى مقر خدمته العسكرية كان عدد المجندين 35 فردا، وعلم أنه تم الاتفاق على استخدام النوبية، كشفرة وأنهم قرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين والذين بلغ عددهم حوالى 70 مجندا من حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، وتم تدريب الجميع، وذهبوا جميعاً وقتها خلف الخطوط لتبليغ الرسائل بداية من عام 1971 وحتى حرب 1973. وعن الكلمات المستخدمة فى «الشفرة»، قال «إدريس»: لقد كانت كلمة «أوشريا» هى الكلمة الأشهر فى قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها العربى «اضرب»، وجملة «ساع آوي» تعنى «الساعة الثانية»، لافتًا إلى أنه بتلقى كل الوحدات كلمة «أوشريا» وكلمة «ساع آوي»، بدأت ساعة الصفر لينطلق الجميع من أجل تحقيق نصر العزة والكرامة.