ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة مصر، اليوم الثلاثاء، خلال مشاركته بفعاليات اليوم الثانى والأخير لمنتدى التعاون الصين- إفريقيا 2018، والذي يعقد في العاصمة الصينيةبكين. وقال الرئيس السيسي: اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر لفخامة الرئيس "تشي جين بينج" رئيس جمهورية الصين الشعبية، ولشعب الصين الصديق، على ما لمسناه من حفاوة الضيافة والاستقبال خلال استضافة بكين لهذه القمة المهمة. كما أتقدم بالشكر والتقدير للرئاسة المشتركة للمنتدى، ولفخامة الرئيس "سيريل رامافوزا"، رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، على ما تم بذله من جهد دؤوب خلال السنوات الماضية لتوطيد الشراكة الإفريقية الصينية، ما جعل هذا المنتدى علامة بارزة وإحدى أهم الشراكات الإفريقية الاستراتيجية. وأضاف: لقد أضحى منتدى التعاون الصين إفريقيا مثالًا يُحتذى به للتعاون الفعال والبنّاء بين الدول النامية، ونموذجًا فاعلًا لأُطر التعاون الإفريقي متعددة الأطراف، فاليوم استعرضنا النجاح المتحقق في تنفيذ خطة العمل المشترك الصادرة عن قمة جوهانسبرج، والتي حددت آفاق التعاون المشترك في الفترة من 2016 إلى 2018، وسنعتمد اليوم خطة عمل جديدة وطموحة للسنوات الثلاث المقبلة، تتطرق إلى مختلف مجالات التنمية، سعيًا لتحقيق تطلعات شعوبنا في العيش الكريم والاستقرار والرخاء، من خلال تهيئة المناخ المناسب للتنمية المستدامة، والتغلب على تحديات العصر، استنادًا إلى حُزم من الحلول المبتكرة، التي تتناسب مع المعطيات المعاصرة وإمكانات شعوبنا وثرواتها البشرية، وتقوم على الربط بين مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وأجندة إفريقيا التنموية 2063، وهو نهج إيجابي يجمع بين مقدرات النمو للطرفين من ناحية، ويدلل على وحدة الهدف والثقة المتبادلة بين الجانبين الإفريقي والصيني من ناحية أخرى. وأوضح: لقد اهتمت مصر دومًا بتعزيز التنسيق والتعاون بين الدول النامية، بما يضمن تمثيل وجهة نظرها على الساحة الدولية وحماية مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل جهود مصر خلال رئاستها الحالية لمجموعة ال77 والصين، خير دليل على توافر الإرادة والعزيمة لتطوير التعاون بين الدول النامية بما يحقق عالمًا أكثر إنصافًا، يضمن فيه كل إنسان نصيبًا عادلًا من التنمية والعيش الكريم، وستستمر مصر خلال الأعوام المقبلة في العمل على تطوير وتعزيز أُطر التعاون جنوب– جنوب، ومنصات التعاون الثلاثي، لخدمة مصالح الشعوب الإفريقية والدول النامية. وذكر: وتبرز أهمية الشراكة الإفريقية الصينية، التي نجحت ولا تزال، في تنسيق مواقف الدول النامية على الصعيد الدولي في العديد من الملفات المحورية، مثل ترسيخ مبدأ الملكية الوطنية لبرامج التنمية، في إطار مفاوضات إصلاح منظومة تمويل التنمية الأممية، فضلًا عن تأييد الصين الثابت للموقف الإفريقي الموحد بالنسبة لإصلاح مجلس الأمن وفقًا لتوافق "أوزليني" ومُخرجات قمة "سرت"، وإزالة الظلم التاريخي الواقع على الدول الإفريقية. وقال: إن تحقيق التنمية المستدامة وتوفير مزيد من فرص العمل للشعوب الإفريقية، وتطوير البنية التحتية القارّية، وتعزيز حرية التجارة في إطار اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية القارية، وتطوير المنظومة الاقتصادية الإفريقية وتنويعها، وتعزيز المنظومة الصناعية، هي عناصر رئيسية ضمن أجندة أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي في 2019، حيث بات جليًّا أن التنمية والتحديث هما أقوى سلاح لمجابهة أغلب التحديات المعاصرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كالإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، والفقر والمرض، والحمائية الاقتصادية والتجارية. وتابع: تؤكد مصر أهمية مواصلة العمل على تعزيز وتفعيل الشراكة الإفريقية الصينية، لما تمثله من فاعلية ومصداقية، فضلًا عن قيامها على أساس المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة. وستحرص مصر كل الحرص خلال الفترة المقبلة، على تكثيف التعاون والتنسيق مع الرئاسة المشتركة للمنتدى، لتفعيل خطة عمل 2019– 2022 للتعاون بين إفريقيا والصين. وقال: كما تؤمن مصر بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، لا سيما مبادرة الحزام والطريق، وأجندة تنمية وتحديث إفريقيا 2063. وفي هذا الإطار تقدم مصر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس للعالم كمركز لوجيستي واقتصادي يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة الدولية، ويعزز من حرية التجارة العالمية، ويفتح آفاقًا استثمارية رحبة في مجالات النقل والطاقة والبينة التحتية والخدمات التجارية، ليكون محور قناة السويس رابطًا تجاريًّا واقتصاديًّا وإنسانيًّا، يتكامل مع مبادرة "الحزام والطريق"، ويربطها بإفريقيا. وقال: في ختام مداخلتي أودّ أن أثمّن التوجه الصيني بقيادة فخامتكم، لتعزيز التعاون وتكثيف التشاور مع إفريقيا، بالاستناد إلى مقاربة إيجابية صادقة تقوم على ترسيخ القواسم المشتركة، وتعزيز أواصر الصلة بين شعوبنا، وتُعنى بتحقيق تنمية مستدامة فعلية تستجيب لمتطلبات الشعوب الإفريقية، في إطار من المصلحة المشتركة واحترام سيادة الدول ومُقدراتها. وقال: ولا يفوتني في هذا المقام كذلك أن أجدد الشكر لجمهورية جنوب إفريقيا الشقيقة ولأخي الرئيس "رامافوزا"، على ما بذله من جهود صادقة خلال رئاسة جنوب إفريقيا المشتركة لمنتدى التعاون الصين- إفريقيا خلال السنوات الماضية، وأن أتوجه بالتهنئة لأخي فخامة الرئيس "ماكي سال" بمناسبة تولي السنغال الرئاسة المشتركة للمنتدي للأعوام الثلاثة المقبلة، وكلِّي ثقة في قدرة السنغال على استكمال مسيرة الرئاسة المشتركة للمنتدى لتحقيق الأهداف المرجوّة. وقال: وأخيرًا وليس آخرًا، ستظل مصر داعمة لجهود التعاون الدولي، حريصة ومنفتحة على تعظيم الاستفادة من أطره المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة، بما يلبي آمال وتطلعات الشعب المصري وكل الشعوب الشقيقة والصديقة.