اصطدم الحلم الأوروبي بانتقال المواطنين وإقامتهم بحرية في أيّ بلد أوروبي بصخور الواقع، بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في أنحاء عديدة من أوروبا، حيث طردت العديد من الدول مواطنين ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي مؤخرا، باعتبارهم حملا زائدا على النظام الاجتماعي لديها. وتأتي في مقدمة هذه الدول بلجيكا، التي كانت تشتهر بمنح حق اللجوء السياسي بسهولة لمواطني دول العالم الثالث، حيث قامت الحكومة البلجيكية بإصدار أوامر بطرد 4812 مواطنا أوروبيا خلال العام الماضي، واعتمدت بلجيكا على ترسانة من القوانين والقواعد الجديدة لكي تستطيع إصدار هذه الأوامر، لكنها لا تستطيع أن تمنع هؤلاء المواطنين من الدخول إلى الأراضي البلجيكية مرة أخرى، كما أنها لا تستطيع إجبار أي مواطن أوروبي على الخروج بالقوة، لكن الإجراءات الجديدة تعني سحب الغطاء الاجتماعي والصحي عن مواطني الاتحاد الأوروبي الذين لا يعملون أو لا يوجد لديهم دخل ثابت ومحل إقامة موثق. وأدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع عدد الأجانب عموما - ومن بينهم الأوروبيون - الذين رحلوا عن بلجيكا، وبلغت نسبة الأوروبيين من بينهم 10 %، وهي نسبة كبيرة نظرا لخروج هؤلاء المواطنين طوعا لعدم تمتعهم بالرعاية الصحية والاجتماعية، فضلا عن عدم توافر مصدر للدخل. كانت ألمانيا وهولندا وبلجيكا قد شهدت وصول هجرات من الدول الأكثر تأثرا بالأزمة الاقتصادية مثل إسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان منذ بدء الأزمة الاقتصادية في 2008، وكان مواطنو هذه الدول يحصلون على مساعدات اجتماعية - مالية وعينية - بعد أن يسجّلوا أنفسهم في كشوف الباحثين عن عمل، وتأتي الإجراءات البلجيكية لتضع حدّاً لمثل هذه الممارسات التي تستنزف اقتصادها. وبالنسبة للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، تقوم السلطات البلجيكية أحيانا بإلقاء القبض على من صدرت بحقهم مذكرات للطرد، وتقوم بترحيلهم أو التحفّظ عليهم في مراكز اعتقال في انتظار الترحيل.