على مدار النصف الثانى من القرن العشرين، والعقد الأول من القرن الحادى والعشرين، تسارعت وتيرة النمو فى الصين، الدولة ذات المُعدّل السُكانى الأكثر كثافة على وجه الأرض، والتى تعدى سُكانها المليار ومائتى مليون إنسان، لتُصبح التجربة الصينية علامة بارزة فى التاريخ الإنساني، حيث تحولت من دولة فقيرة يُعانى سكانها الجوع والمرض وتدنى مستويات المعيشة وفقر الخدمات الصحية والاجتماعية إلى دولة متقدمة صاحبة ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد الولاياتالمتحدة. وخلال الأعوام الست الماضية، تسارعت الطفرة التى تشهدها البلاد، منذ تولى الرئيس شى جين بينج مقاليد الحكم فى نوفمبر عام 2012؛ وهو ما دعا المكتب الإعلامى التابع لمجلس الدولة الصيني، بالتعاون مع مكتب دراسات وأبحاث اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصيني، والهيئة الصينية للنشر والتوزيع، إلى رصد وتجميع أفكار وكلمات وخطب الرئيس وترجمتها إلى اللغة العربية، وإصدارها فى كتاب حمل عنوان «شى جين بينج.. حول الحكم والإدارة»، والذى تم إطلاقه مؤخرًا خلال زيارة الرئيس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. الكتاب، الذى يقع فيما يقرب من 500 صفحة من القطع المتوسط، يوفر عرضًا شاملًا ودقيقًا لرؤية الرئيس بينج حول الفلسفة والإدارة والحكم والإصلاح والتاريخ والعلاقات مع دول العالم والأفكار الأساسية حول نظام الحكم فى الصين، ويحتوى على ثمانية عشر فصلًا، يربطها معًا فكر الرئيس حول ماضى البلاد ومستقبلها، وكيفية الاستفادة من أفكار القادة الراحلين، دون الغفلة عن الأخذ بالتطورات العالمية، وخاصة فى دول الجوار مثل اليابان والكوريتين؛ فجاء متناولًا التركيز على تسريع التحديث الاشتراكي، والفوز بالنصر الجديد للاشتراكية «ذات الخصائص الصينية» باعتبارها منهجا يقود ويوّحد الشعب من مختلف القوميات للوصول إلى رفع مستويات المعيشة وتحقيق «رغد الحياة على نحو شامل»، حسب قول الرئيس فى الكلمة التى ألقاها فى اجتماع للمكتب السياسى للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى فى 17 نوفمبر 2012، حيث أكد بينج أن «طريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية هو الطريق الحتمى والوحيد لتحقيق التحديث الاشتراكى فى الصين، وتحقيق حياة سعيدة للشعب». اهتم الكتاب بكلمة الرئيس بينج فى القمة الرابعة للتعاون وإجراءات بناء الثقة فى آسيا، والذى عقد فى كازاخستان فى مايو 2014 بمشاركة 47 دولة آسيوية ومنظمة دولية، وأكد الرئيس بينج أن آسيا تضم 76٪ من سكان العالم، وتمتلك ثلث إجمالى حجم الاقتصاد العالمي؛ لذلك يعد الاستقرار الآسيوى أساس الاستقرار والسلام العالميين، كما أن نهضة آسيا الاقتصادية هى نعمة وأساس لنمو الاقتصاد العالمي؛ كما أكد أن تسوية الخلافات والنزاعات بين الدول الآسيوية لابد أن يتم عبر التشاور والتفاوض، وأنه لا يمكن لأحد أن يعيش فى القرن الحادى والعشرين بالأفكار البالية والعتيقة التى تعود إلى عصر الحرب الباردة.