«أن ترى بعينك مرة واحدة خير من أن تسمع من الآخرين مائة مرة».. بهذا المثل الصينى أنهى الرئيس شى جين بينج كلمته أمام حشد كبير من الصحفيين بقاعة الشعب الكبرى فى بكين، خلال تقديمه أعضاء اللجنة الدائمة للمكتب السياسى للجنة المركزية ال19 للحزب الشيوعى الصيني، والتى يصفها الإعلام ب»لجنة السبعة الكبار»، وذلك عقب انتخاب اللجنة المركزية للحزب لهم لقيادة الصين فى السنوات الخمس المقبلة، بعد يوم واحد من اختتام أعمال المؤتمر العام ال19 للحزب، والذى اعتمد قرارات تاريخية ستكون لها آثار كبيرة وعميقة على مستقبل الحزب والدولة الصينية. الرئيس شى ذكر هذا المثل الصينى بعد أن دعا الصحفيين الأجانب إلى القيام بالمزيد من الجولات فى جميع أنحاء الصين، وتغطية أخبارها بموضوعية ورصد التغيرات التى ستشهدها البلاد بعد المؤتمر ال19 للحزب الشيوعي، والذى عقد فى بكين خلال الفترة من 18 إلى 24 أكتوبر الجارى ويعد الحدث السياسى الأبرز ويتم تنظيمه كل 5 سنوات لاختيار قيادات الحزب والدولة، قائلا: «الصين لا تحتاج المزيد من المجاملة، وإنما ترحب بالتغطية الموضوعية والمقترحات المفيدة». مواصلة الانفتاح هذه الكلمات التى وجهها الرئيس الصينى للصحفيين، بعد إعادة انتخابه أمينا عاما للجنة المركزية للحزب الشيوعى الصيني، وتوليه رسميا رئاسة الصين لفترة ثانية تستمر خمس سنوات أخري، تؤكد الإصرار على تطبيق سياسة الانفتاح على العالم، حيث أعاد خلال كلمته التشديد على انفتاح الصين على العالم، موضحا أن الشعب الصينى يعرف قيمة السلام والتنمية. هذا التأكيد على استمرار انفتاح الصين على العالم لم يتوقف عند الكلمات البروتوكولية الموجهة لوسائل الإعلام، بل تجاوزها ليكون أحد عناصر دستور الحزب الشيوعى الصيني، حيث كان من بين التعديلات الكثيرة التى أقر المؤتمر العام ال19 للحزب الشيوعى الصينى إدخالها على دستوره فقرة خاصة بمبادرة إحياء طريق الحرير والحزام الاقتصادي، المعروفة إعلامية ب«الحزام والطريق»، حيث نصت الفقرة التى تمت إضافتها لدستور الحزب على أن: «بناء الحزام والطريق بموجب مبادئ التشاور والتشارك والمنفعة المتبادلة». ثقة الزعيم دعوة الرئيس الصينى شى جين بينج للصحافة العالمية لتغطية ما يجرى فى أنحاء الصين «بموضوعية ودون مجاملة»، تنم أيضا عن ثقة شديدة فى أهمية ما حققه فى أثناء قيادته الحزب الشيوعى خلال السنوات الخمس الماضية، وما سيعمل على تحقيقه خلال السنوات الخمس المقبلة، خصوصا بعدما شهده المؤتمر العام ال19 للحزب، الذى تحولت خلاله قاعة الشعب الكبرى ببكين إلى خلية نحل، من تأييد كبير ودعم لأفكار الرئيس حول «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية فى العصر الجديد»، وإدراجها فى دستور (ميثاق) الحزب وفى الدليل الإرشادى لعمله، وهو ما يضع هذه الأفكار فى مرتبة مهمة ويجعلها جزءا من الأفكار التاريخية لزعماء الحزب على مدى تاريخه، لينضم شى جين بينج إلى زعيمى الحزب التاريخيين ماو تسى تونج، ودنج شياو بينج، بل ويصبح أول زعيم صينى يتم إدراج اسمه فى دستور الحزب خلال فترة توليه مهام منصبه بعد الزعيم الراحل ماو تسى تونج. كما تم إدراج أفكار الرئيس شي، والذى أُعيد انتخابه رئيسا للجنة العسكرية بالحزب، حول قيادة الجيش فى دستور الحزب الشيوعي، بحيث يقود الحزب الشيوعى الجيش «قيادة مطلقة»، وكان شى قد تطرق خلال عرضه تقرير اللجنة المركزية للحزب خلال افتتاح المؤتمر إلى خطط بناء جيش عصرى قوي. كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى صادقت خلال جلسة لها عام 2016 على مكانة شى جين بينج فى «قلب الحزب الشيوعي»، وهى المكانة التى لم يحصل عليها سوى ثلاثة زعماء سابقين للحزب هم ماو تسى تونج، ودنج شياو بينج، وجيانج تسه مين. استمرار الحرب ربما تكون الحرب التى خاضها الحزب الشيوعى الصينى على الفساد أحد أهم عوامل نجاحه خلال السنوات الماضية، خصوصا أنها لم تفرق بين فاسد كبير وآخر صغير، فكانت كما أطلق عليها الإعلام ل «صيد الذباب والنمور»، أى الفاسدين من صغار الموظفين إلى كبار المسئولين، وهى الحرب التى تعهد الرئيس الصينى شى جين بينج بمواصلتها ب»ضراوة» خلال عرضه لتقرير اللجنة المركزية ال18 للحزب الشيوعى الصينى فى افتتاح أعمال المؤتمر العام ال19 للحزب الشيوعى الصيني. ولضمان استمرار هذه الحرب على الفساد تم إدراج فقرة خاصة بها فى دستور الحزب تنص علي: «الحزب يجب أن يبذل جهودا شاملة لضمان مواصلة الحرب على الفساد»، حيث إن أفكار وخطط الرئيس شى جين بينج لمستقبل الصين والحزب الشيوعى تتجاوز فترة السنوات الخمس المقبلة، التى يتولى خلالها قيادة الصين، بصفته الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي، فخلال عرضه التقرير فى افتتاح المؤتمر تحدث الرئيس الصينى عن خطة تنموية للبلاد تنقسم إلى مرحلتين ويتم تطبيقها خلال الفترة من عام 2020 إلى منتصف القرن الحادى والعشرين، موضحا أن الحزب سيطور الصين لتصبح «دولة اشتراكية حديثة قوية»، وأن الشيوعية ذات الخصائص الصينية دخلت عصرا جديدا. خارطة الطريق فلسفة الحزب الشيوعى الصيني، والمرونة التى تمتع بها خلال السنوات الماضية، واستيعاب قيادته لتطورات العصر، كانت العوامل الأبرز فى نجاحه واستمراره، حيث استفاد من التطبيق ولم يتوقف عند نظريات الاشتراكية، وقد استعرض الرئيس الصينى شى جين بينج، فى المؤتمر الصحفى بحضور باقى أعضاء لجنة «السبعة الكبار»، أهم الخطوط العريضة فى خارطة طريق عمل الحزب المستقبلية، الذى أكد أنه يقوم على تحقيق حياة أفضل للشعب.