عاشت مصر خلال الأيام الثلاثة الماضية أحداث عصيبة، ما بين حريق بمستشفى وحادث قطار، إلا أن الكشف الأثري الذي أعلنت عنه وزارة الآثار صباح اليوم السبت بمنطقة سقارة جاء بمثابة شعلة مضيئة تبدد ظلام اليأس والإحباط الذي سيطر على عدد كبير ممن عايشوا تلك الأحداث المأساوية. يُعد الكشف الأثري إضافة حقيقية لعلم المصريات بشكل عام وعلم التحنيط بشكل خاص على حد وصف الدكتور خالد العناني وزير الآثار الذي حضر إلى منطقة سقارة للإعلان عن الكشف، بمرافقة عدد من قيادات الآثار، ففي القرية الواقعة على بعد ما يقرب من 22 كم جنوبيالقاهرة، يكمن موقع الكشف الجديد الذي يحتوي على مقابر من عصور تبدأ من الأسرة الأولى وحتى العصر البطلمي، أهمها هرم زوسر المدرج وأهرام ملوك الأسرة الخامسة والأسرة السادسة ومصاطب كبار رجال الدولة المزينة بلوحات رائعة تصور الحياة اليومية في عصر الدولة القديمة. وأكد الدكتور خالد العناني وزير الآثار، أن الكشف الجديد بداية لاكتشافات أكبر خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن البعثة المصرية الألمانية، التي بدأت عملها في مارس 2016 قد اكتشفت 35 مومياء و5 توابيت حجرية تم فتح واحد منه، بالإضافة إلى تابوت من الخشب. وأوضح وزير الآثار، أن الكشف اليوم عبارة عن ورشة تحنيط، وهي التقنية التي حيرت العالم، مؤكدا أن الآبار المكتشفة هي آبار العصر الصاوي والتي تنسب لأسرة سايس. وتابع: "نحن اليوم نعلن عن بداية الكشف الأثري، حيث إن المنطقة واعدة وتنبئ بعدد كبير من الاكتشافات والكشف اليوم مهم جدًا، حيث إنه مرتبط بفن التحنيط، ويوجد في هذه الورشة الكثير من الأثاث الجنائزي منها 5 توابيت حجرية، وقناع من الكرتوناچ المذهب، وأواني حفظ الأحشاء". وشهدت منطقة سقارة عددًا من الاكتشافات الأثرية خلال الفترة الماضية، ففي شهر أكتوبر الماضي عثرت البعثة السويسرية الفرنسية التابعة لجامعة جنيف أثناء أعمال التنقيب على الجزء العلوي من مسلة ضخمة خاصة بالملكة "عنخ إس إن بيبي" الثانية والدة الملك بيبي الثاني، وكذا الكشف عن المجموعة الجنائزية الكاملة التابعة للملكة، وبعد هذا الاكتشاف بأسبوع صرح فيليب كلومبير رئيس البعثة أنه تم العثور على هرم صغير في المنطقة الواقعة جنوب هرم بيبي الأول، والمرجح أن تكون قد خُصصت لبناء الهرم الجانبي للملكة عنخ إس إن بيبي الثانية، وقد بلغ ارتفاع الهرم 130 سم، ومساحة جوانبه من الأعلى تبلغ 35 سم ومن الأسفل 110 سم، وحين عثر عليه كان جزؤه العلوي مدمرًا جزئيًا وتظهر عليه بعض آثار النحاس والذهب، حيث يعتقد أنه كان مطليًا بتلك المعادن سابقًا، أما سطحه السفلي فكان أملس عليه بعض النقوش والتي على الأغلب صنعت خصيصًا لتساعد على تثبيته على قمة أحد الأهرامات كما جرت العادة عند المصريين القدماء الذين كانوا يستكملون بناء الأهرامات بوضع "هريم" صغير على قمتها. كما أعلنت البعثة الأثرية التابعة لجامعة القاهرة عن اكتشافها مقبرة القائد الأعلى للجيش فى عهد الملك رمسيس الثاني وكان يلقب ب"يوراخي"، وقد استغرق اكتشاف المقبرة وقتًا كبيرًا، وكان من المتوقع أن هذه المقبرة ستكون كبيرة للغاية بعد إتمام الكشف عن كل المحتويات الخاصة بها، وكانت المناظر التي وجدت على الجدران أو الكتل الحجرية الملقاة في الرمال نتيجة للعوامل الجوية أو السرقات التى شهدتها هذه المنطقة في القرن ال19 تعبر بصدق عن عبقرية المصري القديم فى تصوير مظاهر الحياة المختلفة. كما كشفت البعثة عن نقش على كتلة حجرية يصور جنود الجيش المصري القديم وهم يخرجون من أحد الحصون الموجودة فى سيناء ويحمي الحدود الشرقية لمصر، حيث كانت القوات والجيوش المصرية من كل الأقاليم تتجمع فى هذا الحصن ليخرجوا فى المعارك الحربية من خلال ما يعرف بطريق حورس الموجود فى سيناء حتى الآن، والمناظر التى رسمت على جدران المقبرة والكتل الحجرية بها صورت قناة مائية بها تماسيح، وهو ما يظهر لثاني مرة فى الرسومات الفرعونية المعنية في هذه الفترة التاريخية المهمة، وكانت أول مرة ظهرت فيها هذه القناة التى تملأها التماسيح، كان في عهد الملك سيتي الأول.