يبدأون يومهم عقب صلاة الفجر، ويستنشقون هواء الريف النقي، لا يفكرون فى معوقات الحياة، وتبدو البهجة على ملامحهم، يرسمون المستقبل أمام أعينهم، ويتحدون صعوبات الظروف الاقتصادية، لكل منهم عمل خاص به، يسعى إلى تطويره وجلب مكسب رزقهم؛ لسد احتياجاتهم المعيشية، ولكن مع ارتفاع الأسعار بدأ الطموح ينخفض تدريجًيا وتحجمت أحلامهم. «أم إيمان»، نموذج بسيط يبرز مدى معاناة الست الريفية فى حياتها اليومية، والتى تستيقظ عقب صلاة الفجر، ترتدى «الجلباب والطرحة السوداء وكأنها تعقد همومها على رأسها»، والعصا فى يديها وكأنها لغة التفاهم بينها وبين ذلك الحصان الذى يجذب العربة الكارو منذ أعوام مرغما، يجاورها نجلها «محمد» الذى لا يتجاوز من العمر 10 سنوات، تمر على أصحاب الأراضى الزراعية؛ لشراء «الزرع» وبيعه على أهالى القرى فى الريف. شيّدت فوق رأسها على «الكارو» خيمًا مصنعة من «شيكارة» البطاطس والباذنجان؛ لتفادى حرارة الشمس والطقس الحار الذى تتعرض له منذ الصباح الباكر؛ تقتصر أحلامها على الحياة الكريمة وسد احتياجات منزلها. دموع مكبوتة لامرأة جعلها الشقاء إحدى جواريه، واستبدل قلبها بقلب رجل، لتساعد زوجها؛ فى ظل الظروف القاسية التى لم يعد معها مجديا أن تكون ربة بيت؛ تقول: «بقالى أكتر من 8 سنين، بسرح بالزرع فى القرى؛ علشان لقمة العيش، إحنا بننزل من قرآن الفجر، لحد ما بنخلص الزرع اللى معانا وبرجع المغربية، يعنى بشتغل 15 ساعة». وتضيف: «باطلع ألِف القرى والعزب، بالعربية الكارو، وبصلى الفجر فى الطريق، وعندى مرض السكر والقلب وعاملة تاندة على عربيتى الكارو علشان الشمس؛ ومليش طلبات غير الستر»، وتختتم: «بتمنى يكون عندى محل أبيع فيه الخضار والفاكهة».