قبيل «النكبة الفلسطينية» عام 1948 وهزيمة الجيوش العربية، وصل محمود رياض مدير مكتب المخابرات الحربية المصرية فى غزة، إلى فلسطين لاستطلاع الوضع، فرأى بأم عينه المعاناة الفلسطينية منذ بدايتها ويصف فى مذكراته «البحث عن السلام.. والصراع فى الشرق الأوسط» كيف كان الحال فى قطاع غزة، بقوله: «صحبنى عمدة غزة بسيارته، إلى مكان مرتفع على مشارف غزة، وأشار إلى الأراضى والقرى التى تبعد بضعة كيلو مترات شرقى المدينة قائلًا، هذه قرانا التى كنا نعيش فيها وأراضينا التى كنا نزرعها، وقد استولت عليها إسرائيل، ثم اصطحبنى إلى معسكر ضخم قرب غزة، به عشرت الألوف من اللاجئين الفلسطينيين، وذكر لى أن عدد اللاجئين فى القطاع وحده يقارب ربع المليون من العدد الإجمالى للاجئين الذى يربو على المليون». كان هذا هو المشهد الفلسطينى قبيل اندلاع الحرب فقد هُجر الفلسطينيين من ديارهم إثر مذابح عديدة ارتكبتها العصابات الصهيونية، كان أشهرها مذبحة «دير ياسين» التى وقعت فى أبريل من عام 1948. وبعد إعلان «بريطانيا» إنهاء الانتداب على فلسطين، فى 14 مايو 1948، أعلن ديفيد بن جوريون، قيام دولة إسرائيل، وهو ما تسبب فى اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية، ودخلت الجيوش العربية لتدافع عن أهل فلسطين. وفى مثل هذا اليوم، الثانى والعشرين من مايو 1948، أصدر مجلس الأمن الدولى، قراره رقم 49 بوقف إطلاق النار، بين الجيوش العربية وإسرائيل، وكان يأمل العرب فى تدخل دولى لإقرار السلام، فيما أرادت إسرائيل استمرار الحرب، لتنال أجزاء جديدة من الأراضى الفلسطينية، تضمها إلى المساحة، التى نص عليها قرار التقسيم، لذا رفض «بن جوريون» تعيين حدود لإسرائيل، وبقيت هى الدولة الوحيدة فى الأممالمتحدة بلا حدود.