رفض الدكتور أشرف لطيف تادرس رئيس قسم الفلك بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بشدة الخلط بين علمى الفلك والتنجيم ، الامر الشائع الان في وسائل الاعلام المصرية في تقديم بعض اشخاص من المنجمين على انهم فلكيين حيث تكثر التنبؤات حول احداث المستقبل مع نهاية كل عام وعند بداية عام جديد . وأضاف - فى تصريح لوكالة انباء الشرق الاوسط اليوم - أن فضول البشر لمعرفة ما ينتظرهم في العام الجديد وحبا منهم فى معرفة ما تخبئه الايام لهم ، يجعل من استضافة المنجمين فى الفضائيات مادة خصبة يقبل عليها كل من معدى البرامج والمشاهدين على حد سواء ، مشيرا الى أن هذا الفضول يزيد عند البشر عندما ينتهى العام بأحداث فلكية مميزة مثل كسوف الشمس الجزئي الذي حدث يوم 3 نوفمبر الماضي ، أو مرور مذنب مثل مذنب أيسون الذى مر بحضيض الشمس يوم 28 نوفمبر الماضى ايضا. وأكد أن الربط بين كلمة التنجيم وعلاقتها بالفلك كان مصدره أن الإنسان عرف النجوم أولا دون التمييز بينها وبين الكواكب فكان يطلق على كل ما يلمع فى السماء نجما ، وأول من عرف التنجيم هم البابليون والمصريون والإغريق ، معتقدين أن اجتماع النجوم يسبب الكوارث والأوبئة وبالتالى إيذاء البشر ولذلك فقد عبدوها وسجدوا لها تجنبا لشرها، و لهذا نجد ان كلمة كارثة فى اللغة اللاتينية مكون من جزئين بمعنى ( ضد النجوم ). وقال إن علم التنجيم لعب دورا خطيرا في تشكيل الثقافة الانسانية على مر العصور حيث لم يكن من السهل التمييز بين علم الفلك والتنجيم قبل العصر الحديث ، والذي ساعد على انتشار أمور التنجيم في هذا العصر ، رغبة الانسان الشديدة لمعرفة الغيب والتنبؤ بالأمور الآتية خوفا من المستقبل ، وكان هذا من أهم الاسباب الدافعة للرصد الفلكي وقتذاك ، ويعتقد المنجمون أن تحركات الأجرام السماوية تؤثر بشكل مباشر على حياة البشر على الأرض ، ويفترضون أن موضع النجوم في السماء يمكن أن يساعد على تفسير أحداث الماضي والحاضر والتنبؤ بالمستقبل . وأضاف أنه مع بداية عصر النهضة بدأ الانفصال بين علمى الفلك والتنجيم حتى القرن الثامن عشر حيث انفرد علم الفلك بدراسة الأجرام السماوية والظواهر الفلكية من الناحية الفيزيائية البحتة دون إعتبارا للمفاهيم والاعتقادات الخاصة بأمور العرافة والتنجيم . وأشار الى أن التنجيم ليس علما بالمعنى المفهوم ولكنه يحتوى فقط على شق علمي هو الاستعانة بالبرامج والجداول الفلكية لمعرفة مواقع النجوم والكواكب فى السماء وقت وقوع الحدث ( وقت ولادة الانسان ) لأن المنجمين يعتقدون أن سلوك الإنسان ومصيره يتحدد بمواقع النجوم والكواكب التى تكون فوق الأفق لحظة ولادته ، أما الشق الأخر للتنجيم فليس له صلة بالعلم على الإطلاق لأنه لا يمكن اثباته بالطرق الفيزيائية البحتة بل يعتمد على ما تم تسجيله من أحداث على المستوى العالمي من حروب ومجاعات وكوارث وأوبئة أو على المستوى الفردى من حب وشقاء وسعادة وسفر . وأوضح أن المنجمين لا يتنبئون بالمعنى الحرفى للكلمة ولكنهم يبنون تخميناتهم على أساس تكرار الحوادث والظروف وربطها بمواقع النجوم والكواكب التى تكون فى السماء وقت وقوع الحدث ، ولهذا تلعب الصدفة وتشابه تكرار الحوادث دورا كبيرا فى أمور التنجيم . ولفت الى خلط الكثير فى المجتمعات العربية بين علم الفلك والتنجيم وقراءة الكف والفنجان ، بل ان الغالبية العظمى لا يفرقون بين علم الفلك والأرصاد الجوية ، ويرجع هذا الى ضعف وضحالة الثقافة الفلكية من جهة ، وعدم الاكتراث بما يدور بعيدا عن الأرض من جهة أخرى . وتابع أن قراءة الكف والفنجان وما الى ذلك كلها أمور شبيهه جدا بالتنجيم لأنها تعتمد على ربط مصائر البشر وسلوكهم ببعض الظواهر الخارجية كأطوال وإنحنائات خطوط الكف أو أشكال رواسب القهوة فى الفنجان ، فطول بعض خطوط الكف وقصر البعض الأخر وإنحنائاته له مدلول معين عند قارىء الكف ، وكلما تكررت الظاهرة وتشابهت الحالات كلما قوى هذا المدلول عند البشر ، وهى أمور لا تخضع لنظريات فيزيائية أو قوانين طبيعية بل انها وسيلة تعتمد على أمور ظنية. وأوضح أن التنبؤ هو صورة من صور العرافة أو التنجيم وفي الاصل هو مجموعة من الاعتقادات التي تعتمد على الأوضاع النسبية للأجرام السماوية في زمن وقوع الحدث ، إلا ان دارسي علوم الفلك والفضاء يعتبروا التنجيم من العلوم الظنية التي تعتمد بشكل جذري علي التخمين وفنون الاستقراء ، والتي تعتمد إعتمادا كبيرا على مستوى التعليم والثقافة الخاص بشخص المنجم ، لذا تختلف رؤية منجم للأحداث عن رؤية أخر وهكذا.