أثار وجود مرشح يهودى على رأس قوائم مرشحى حركة «النهضة الإسلامية» فى تونس جدلا كبيرا فى البلاد. المرشح اليهودى التونسى سيمون سلامة، هو رجل أعمال شهير فى مدينة مونستير، اختار الترشح عن حركة «النهضة» الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، ليصبح اسمه ضمن قوائمها للانتخابات البلدية للمدينة، التى من المقرر أن تجرى فى السادس من مايو المقبل. وبينما تحاول حركة «النهضة» التونسية إظهار انضمام «سيمون سلامة» المعروف بعدائه للمقاومة الفلسطينية، لقائمتها دليلا على الانفتاح، ويراه آخرون جسر التطبيع بين «إخوان تونس» وإسرائيل. قضايا فساد سيمون سلامة، رجل أعمال تونسى، من مواليد 14 يناير 1962، نشأ فى المونستير فى كنف أسرته التى نشأت فى المدينة منذ عقود، وتخصص جده فى إصلاح آلات الخياطة، متزوج ولديه ثلاثة أبناء. فبعد الانتهاء من التعليم الثانوى توجه إلى سترازبورج (فرنسا)، حيث حصل على دبلوم تقنى فى صيانة آلات الخياطة، بعد ثلاث سنوات من الدراسة. ويعمل سيمون سلامة فى مجال الاستيراد والتصدير، وأغلب تجارته مع قبرص وإسرائيل. وسبق اتهام سيمون فى قضايا فساد عام 2000، وهو دخول مواد ممنوعة إلى تونس. كما يعد سيمون العدو الأساسى للمقاومة الفلسطينية، وتأسيس الدولة الفلسطينية، حيث يرى أن إسرائيل هى صاحبة الحق، وهو زار إسرائيل أكثر من مرة آخرها فى 2016. كما زار سيمون سلامة مصر مرة واحدة أثناء محاكمة الجاسوس عزام عزام، ثم منع بعد ذلك من دخول مصر، علما بأنه ممنوع من دخول المغرب أيضا، بسبب تحريض اليهود المغاربة على الدولة. اقتناع بالإخوان المرشح اليهودى قال إنه مقتنع بمدنية الحركة، وفصلها للنشاط السياسى عن النشاط الدعوي، فيما قال متحدث باسم الحركة فى تونس إنّ «تقديم الحزب لمرشح يهودى فى انتخابات البلدية هو تأكيد على سياسة الانفتاح». الشارع التونسى لم يتقبل بعد الفكرة فمنهم من ظن أن الحركة قد خلعت بالفعل عباءتها الدينية وأصبحت حركة مدنية مما يبشر بنهج انفتاحى من شأنه أن يدفع قدمًا العملية السياسية فى تونس، ومنهم من اتهم الحزب بالانتهازية السياسية، بهدف إحراز مكاسب سياسية. و بشأن دوافع اختياره لحركة «النهضة» للانضمام إلى قائمتها الانتخابية، قال سلامة إنه اختار الحزب لأنه حزب «يخاف ربي»، ورددها باللهجة التونسية، مؤكدا فى الوقت نفسه مدنية الحزب. الناطق باسم حركة «النهضة»، عماد الخميري انفتاح أم مكاسب انتخابية؟ يرى قياديون فى الحركة أن هذه الخطوة «تجسد انفتاح النهضة»، فيما يؤكد آخرون أن هذه الخطوة عبارة عن «مناورة سياسية» لكسب تأييد مزيد من الناخبين فى الاستحقاق البلدى المقبل. وقال الناطق باسم حركة «النهضة»، عماد الخميري، «إن التونسى اليهودى سيمون سلامة سيكون ضمن إحدى القوائم التابعة لحركة «النهضة»، بعد استكمال الإجراءات القانونية لتقديمها». ولا يستبعد القيادى بالنهضة أن تقدم حركة النهضة على ترشيح يهود آخرين فى قادم المحطات الانتخابية، خاصة منها التشريعية، مشيرا فى هذا السياق إلى أن بعض اليهود، بحسب تصريحاتهم، «كانوا قد صوتوا لصالح قوائم حركته فى انتخابات 2011». يأتى هذا فى وقت قدمت حركة النهضة المشاركة فى الائتلاف الحكومي، قوائمها الحزبية «المنفتحة على الشخصيات المستقلة». وفى تعليقه على هذه الخطوة، يقول عضو المكتب السياسى لحركة النهضة: إن ترشيحهم لتونسى يهودى على رأس أو ضمن إحدى قوائمها، «دليل إضافى على انفتاح حركته وتجسيدها لمعانى المواطنة التى لا يكون فيها الاعتبار للهوية الدينية بقدر ما ترتكز على مبادئ الكفاءة وخدمة مطالب الشعب». فى المقابل، يرى آخرون أن الخطوة الأخيرة لحركة النهضة «تدخل فى سياق المناورة السياسية». وينزّل المحلل السياسي، مصطفى القلعي، هذه الخطوة فى إطار مناورة سياسية تهدف إلى استمالة الجزء الأكبر من الناخبين، من خلال محاولة إبراز «مدنية الحركة» فى ظل معركة انتخابية استعدادا للبلديات- وفق قوله. جسر للتطبيع فيما وصفه مراقبون أن ترشح «سيمون سلامة» جسر للتطبيع بين إسرائيل والتنظيم الدولى للإخوان عبر «إخوان تونس». ترشيح سيمون سلامة الذى زار إسرائيل ثلاث مرات، آخرها فى 2016، وآرائه ضد المقاومة الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية، يشكل طريقا جديدا لجماعة الإخوان. وترشيح «سيمون سلامة» قد سبقه حضور قيادات بحركة النهضة وأعضائها فى البرلمان التونسى بمؤتمر دولى يجمع «إخوان تونس» مع أعضاء بالكنيست الإسرائيلي. فقد شاركت النائبة بالبرلمان التونسى عن حركة النهضة إيمان بن محمد، فى الجلسة العامة البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والذى أقيم فى 12 و13 مايو الماضى بالعاصمة الإيطالية روما، وحضرها نواب من الكنيست الإسرائيلي. لم تنسحب النائبة عن حركة النهضة من الجلسة العامة البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وحضرها نواب عن الكيان من الكنيست الإسرائيلى، التى انتظمت يومى 12 و13 ماى الجارى بروما وحضرها نواب عن الكيان الصهيوني. ختاما هل يشكل ترشيح «سيمون سلامة» ورقة للتنظيم الدولى للإخوان للتطبيع مع إسرائيل، وهل ستتحقق مكاسب «راشد الغنوشي» بإظهار النهضة كحركة مدنية وليست دينية، وإعادة ترويج نفسها للشارع التونسي، عبر غسل سمعته من الإرهاب واتهامات التشدد التى تشهدها فروع الإخوان فى المنطقة.