ظلت كنيسة القيامة فى القدس القديمة مغلقة لليوم الثانى على التوالي، الإثنين، احتجاجا على إجراءات ضريبية إسرائيلية ومشروع قانون حول الملكية، اعتبرها البعض محاولة لإضعاف الوجود المسيحى فى مدينة الديانات الإبراهيمية الثلاث. وقال مسئولون مسيحيون، إن مدة إغلاق كنيسة القيامة التى شيدت فى موقع دفن المسيح لا تزال غير معروفة، ومعلقة فى انتظار قرار رؤساء كنائس القدس. ورفضت الكنائس مشروع قانون تدرسه لجنة التشريعات فى الحكومة الإسرائيلية يقضى بفرض ضرائب على أملاك الكنائس المسيحية. ويعد المشروع القانون خرقا لاتفاقات سابقة تعفى هذه الأملاك من ضريبة البلدية، وتخشى الكنائس أن تؤدى تكاليف هذه الضريبة إلى زيادة الضغوط المالية عليها، وبالتالى إضعاف الوجود المسيحي. وأصدر مسئولون مسيحيون الأحد الماضى بيانا جاء فيه: «كإجراء احتجاجي، قررنا اتخاذ هذه الخطوة غير المسبوقة بإغلاق كنيسة القيامة»، معتبرين الإجراءات الإسرائيلية «محاولة لإضعاف الوجود المسيحي» فى القدس. ويبدى قادة مسيحيون غضبهم إزاء محاولات الاحتلال تحصيل ضرائب على ممتلكات الكنيسة التى تعتبرها تجارية، مؤكدة أن الإعفاءات لا تنطبق سوى على أماكن العبادة أو التعليم الديني. خطوة إغلاق الكنيسة دفعت المسئولين الإسرائيليين لإيقاف مناقشة المشروع فى الكنيسة، لحين التوصل لاتفاق مع البطاركة حول أملاك الكنيسة. وقرار إغلاق ابواب الكنيسة أمر نادر للغاية، ولم يحدث إلا عام 1990، عندما أغلقت المواقع المسيحية بما فيها كنيسة القيامة احتجاجا على استيلاء مستوطنين إسرائيليين على منطقة قريبة من الكنيسة، فى الشطر الذى تحتله إسرائيل من المدينة المقدسة. وأغلقت المواقع المسيحية مرة أخرى عام 1999 احتجاجا على خطة لبناء مسجد قرب كنيسة البشارة فى مدينة الناصرة (فى إسرائيل)، التى شيدت فى الموقع الذى بشر فيه الملاك جبرائيل بحسب الإنجيل مريم العذراء بأنها ستلد السيد المسيح. ووقف سائحون فى حيرة أمام أبواب الكنيسة المغلقة، فى الوقت الذى سعى فيه مرشدون إلى شرح أسباب عدم إمكانية زيارة الكنيسة. وقال «نير بركات» رئيس بلدية القدس، «إن هذا الإجراء يجعل الضرائب غير المحصلة على ممتلكات الكنائس نحو 650 مليون شيكل (186 مليون دولار)، واصفا إياه بأنه «غير قانونى وغير عقلاني». وشدد بركات على أن كنيسة القيامة وجميع الكنائس الأخرى معفاة من الضرائب وستظل، وسوف يطبق التغير فقط على منشآت مثل «الفنادق والصالات والشركات» التى تمتلكها الكنائس. وقال قادة مسيحيون إن الإجراء يهدد قدرتهم على ممارسة عملهم، الذى لا يشمل الخدمات الدينية فحسب، بل الخدمات الاجتماعية للمحتاجين. ووصفت سائحة روسية عدم قدرتها على زيارة الكنيسة يوم الأحد بأنها «خيبة أمل كبيرة»، قائلة: «إنها واحدة من مقاصد الجذب الدينية، وهى بالنسبة لنا بالغة الأهمية لأنها المرة الأولى التى نزور فيها المكان». وأدانت جامعة الدول العربية، أمس الإثنين، الإجراءات الإسرائيلية ضد كنائس القدس وممتلكاتها. وقالت الجامعة، إن «الوفد خلال الاجتماع التنسيقى الذى عقده ببروكسل قبيل الاجتماع المقرر مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى رفضه للإجراءات الممنهجة التى يقوم بها الاحتلال لتغيير الوضع التاريخى والقانونى القائم فى الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية». وحذر الوفد من أن هذه الخطوات تستهدف بشكل واضح الوجود المسيحى التاريخى فى مدينة القدس، والذى يُعدّ جزءًا أساسيًا من تاريخ المدينة المقدسة وإرثها التاريخى والإنسانى والدينى والحضارى.