ركوب المعديات العابرة بين ضفتى قناة السويس بمحافظة بورسعيد، ليس مجرد وسيلة للتنقل بين مدينة بورفؤاد ومحافظة بورسعيد، والعكس، ولكنها متعة حقيقية لا يلتفت إليها سوى سكان المدينة الساحلية وزوارها من المحافظات الأخرى، وفى الشتاء وبمعنى أدق عندما يكون الجو غائما تقترب طيور النورس من سطح المجرى الملاحى لقناة السويس، وتجدها تتحرك فى مجموعات مع كل معدية تتنقل بين ضفتى القناة وكأنها تزف ركابها بين الضفتين أو تحرسهما. ووسط هذا المشهد الرائع تجد رجلًا ممسكًا ب«كيس» مصنوع من البلاستيك مملوء بأرغفة من الخبز المقطع لمئات القطع الصغيرة يقترب من أحد جوانب «المعدية» ويضع يده داخل «الكيس» ليخرج عشرات القطع الصغيرة من الخبز ويلقيها على سطح المياه لتندفع طيور النورس بقوة نحوها لتبدأ فى التقاطها وتناولها واحدة تلو الأخرى بعدما حولتها مياه القناة إلى لقمة خبز مبللة يسهل على الطير تناولها. يقول عم محمد، موظف سابق بهيئة قناة السويس، إن إلقاء قطع الخبز إلى أسراب طيور النورس هى عادة توارثتها الأجيال فى بورسعيد، وأنه يواظب على فعلها حيث يستيقظ مبكرًا فى الصباح للتوجه من منزله فى بورسعيد إلى الترسانة البحرية ببورفؤاد من خلال المعدية، ويلقى ببقايا الخبز فى القناة لتأكلها الطيور، لافتًا إلى أن والده أخبره أن إلقاء الخبز لطيور النورس بمثابة رزق، وكان يقول له: «ارمى العيش لطيور النورس فى القنال ده رزق». اتفق معه الحاج عثمان، موظف حكومى قائلًا: إن إلقاء قطع الخبز لطيور النورس متعة رائعة وأنه يشعر بسعادة بالغة عندما يصطحب أطفاله إلى المعدية للقيام بتلك العادة التى تعلمها من أبناء محافظة بورسعيد، فأطفاله يسعدون جدًا ويلتقطون الصور معها، فأنت تشعر لحظتها كأنك تتحدث معهم وهم يبادلونك الحديث.