فى منتصف أحد شوارع الدقي، وبالقرب من أماكن دينية مقدسة، تنشر الشمس شعاعها على الأرض، تدق الساعة وتتحرك عقاربها للسادسة صباحا يستعد «عم أحمد» لنشر أطباقه، تترصده كل العيون المجاورة بحثا عن بعض من حبات الفول التى اعتادوا عليها يوميا لمجابهة متاعب يوم طويل وشاق، كل الطبقات تجتمع أمام «عم أحمد»، الذى يسرد حكايته مع الفول التى امتدت لثلاثة عقود، قائلا: «30 سنة وأنا هنا من أيام ما كان طبق الفول ب 25 قرشا، قابلت الحلو والوحش، الغفير والوزير واللى يجى ياكل ويقوللى مش معايا فلوس يا عم أحمد، ودا بفضل ربنا وثقة فى أكل الأطباق بتترص ويترص معاها الزباين، بصحى من الساعة 4 الفجر عشان تجهيز الفول، وابدأ أتحرك وأكون فى مكانى على الساعة 6 الصبح، الناس بتظبط مواعيدها على العربية، فتلاقى بتوع الشرطة والعساكر يسلموا الخدمة لبعض بعد ما يدوقوا حلاوة فول عربيتي، ويروحوا اللى ينام ويصحى على الغداء لأن طبق الفول بتاعى مدته 12 ساعة، وهو سادد نفسك على الأكل، ومع كل طبق فول خمسينة شاى على نار هادية متلقيش طعمها عند أغلى كافيهات مصر». ويتابع: «من المواقف اللى مش هنساها فى حياتي، واحدة ست وقفت بعربية فخمة ونزلت أكلت ومشيت لقيتها نسيت شنطة فيها فلوس ودهب كتير، الكلام دا من 25 سنة، وكان اللى فيها ممكن يخلينى صاحب أكبر سلسلة مطاعم فول فى مصر، بس الحرام مش بيدوم، عندى 4 عيال جوزت بنتين منهم، الشنطة فضلت معايا أسبوع لحد ما رجعت تانى وبتقوللى فى شنطة فيها دهب وفلوس ضاعت منى من أسبوع، قولتلها زى ما هى أهى معايا لا نقصت ولا زادت، أول ما لقيتها مكنتش مصدقة، فعطيتنى 500 جنيه، وفضلت تشكر فيا قولت لها طبق الفول ربى عيالى وسترنى فى حياتي، اللى بدعيه من ربنا أجوز البنتين واطلع أحج، ومش عايز حاجة تانى وكدا يبقى أديت رسالتي.. وقبل أن ينهى كلامه نادى عليه عسكرى من فوق سور خلفه طلب حار يا عم أحمد».