«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو الغيط: تهديدات الإرهاب أخطر ما نواجه في اللحظة الحالية
نشر في البوابة يوم 10 - 01 - 2018

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن تهديد الإرهاب يظل هو أخطر ما يواجه المنطقة العربية في اللحظة الحالية، مطالبا بصياغة نظام أمني عربي يقوم على إدراك كل دولة أن المخاطر التي تتهدد جيرانها وأخواتها من الدول العربية هو تهديد لأمنها.
وقال أبو الغيط - في كلمة أمام كلية الدفاع الوطني بسلطنة عُمان اليوم /الأربعاء/ تحت عنوان (الجامعة العربية والأوضاع العربية الحالية)، وزعتها الجامعة العربية - "إنه رغم وجود مؤشراتٌ إيجابية مثل هزيمة (داعش) وإنهاء سيطرتها على الغالبية الكاسحة من المناطق التي كانت تتحكم فيها في سوريا والعراق ، إلا أن التهديد الإرهابي بوصفه معركة ستستمر لسنواتٍ قد تطول".
وأضاف: إن الإرهاب - للأسف - ظل يضرب منطقتنا في صورة موجاتٍ متتابعة بلا هوادة عبر العقود الماضية، وفي كل مرة، كان يغير من استراتيجياته وأدواته وطرائق عمله وعلينا أن نتوقع أن تأتي الموجة القادمة في صورة مغايرة عما كان في السابق.
وأشار إلى أن إرهاب القاعدة كان يقوم على تنظيمات عنقودية، وإرهاب داعش استند إلى فكرة السيطرة على الأراضي والسكان بممارسة أقصى درجات العنف الدموي، منبها إلى أن الإرهاب القادم سيكون بلا هيكل أو تنظيم .
وتابع: إن "الفكرة الإرهابية" - إن جاز التعبير - ستكون هي ذاتها التنظيم، وقد رأينا السرعة الهائلة التي ينتقل بها خطاب الإرهاب والتطرف باستخدام أحدث وسائل التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي من أجل ضرب المجتمعات من داخلها .
ولفت إلى أن مواجهة تهديد مثل هذا يفوق في صعوبته ما شهدناه في السابق مع القاعدة أو داعش، وهو يحتاج إلى أساليب عمل جديدة واستراتيجيات مختلفة، ذلك أن أجهزتنا الأمنية مصممة لمواجهة تنظيمات إرهابية، وليس حالات عنف فردية تتشبع بالخطاب المتطرف وتمارسه من دون الانتماء بالضرورة لتنظيم بعينه .
وأشار إلى أن هذه الموجة الجديدة ستحتاج خيالاً أمنياً استباقياً ومرونة في الحركة وقدرة على التكيف مع المتغيرات.
وأردف أبو الغيط قائلا "لقد صارت المسافة بين أفكار التطرف وممارسة الإرهاب أقصر كثيراً مما كان عليه الحال في الماضي، وقد شهدنا حالات لأفراد يتم تجنيدهم في أسابيع معدودات ليتحولوا إلى قنابل بشرية متحركة في وسط المجتمعات لإشاعة أكبر قدر من الدمار والتخريب"، مؤكدا أن أقصر طريق لمواجهة الإرهاب هو تجفيف تلك المنابع التي يجند منها جنوده، بعد أن ينزع عنهم إنسانيتهم ويحولهم إلى قنابل وآلات للقتل.
ونبه أبو الغيط إلى أنه برغم خطورة التهديدات التي تواجه المنطقة العربية، فإن قدرتها على حشد كافة مواردها وجهودها لمواجهة هذه التهديدات والتصدي لها ما زالت جد محدودة.
وتابع أبو الغيط :"إن رؤية الدول العربية لمصادر التهديد ومكامن الخطر تتباين وتختلف فيما بينها، فلا اتفاق على ترتيب واضح لأولويات التحرك الجماعي ولا توافق حول سبل المواجهة". وحذر من أن غياب آلية واضحة لمعالجة الخلافات العربية-العربية يضعف من قدرة العرب الإجمالية ويُشتت جهودهم ويبعثرها .
وقال إن النظام الأمني العربي ما زال حلماً مؤجلاً برغم أن الحاجة تشتد إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى، إذ مازالت الدول تُعالج أمنها الوطني بمعزل عن الأمن القومي العربي الشامل، رغم أن أمن المنطقة العربية سلسلة واحدة متصلة الحلقات، ومتانتها وقوتها من قوة أضعف حلقاتها .
وأشار إلى أن استهداف الصواريخ الحوثية، المصنعة إيرانياً، لعاصمة عربية، هو أمر خطير يُشكل تهديداً للدول العربية جميعاً، وليس فقط للمملكة العربية السعودية.
وقال أبو الغيط إن قضية القدس - بكل ما تمثله من أهمية تاريخية ودينية ووجدانية لدى الشعوب العربية (بمسلميها ومسيحيها) - لا تخص الفلسطينيين وحدهم وإنما العرب كافة، بل ولا تمس الجيل الحالي فحسب، وإنما الأجيال القادمة.
وأشار إلى أن تعرض دولة كمصر - التي يمثل عدد سكانها ربع سكان العالم العربي - لخطر يتهدد أمنها المائي، يُعدُ تهديداً للأمن القومي العربي، وخصماً من القوة العربية الشاملة، مطالبا بضرورة النظر لمثل هذه التهديدات من منظور شامل، ومن زاوية نظر تتسع لتشمل المنطقة الممتدة من مسقط إلى الدار البيضاء.
ولفت إلى أن ثمة تغيير عميق يجري في قمة النظام الدولي، مشيرا إلى أن عالم القطب الأمريكي الأوحد يتفكك والقيم الليبرالية التي تأسس عليها النظام الدولي منذ 1945 تتراجع وتتآكل، لصالح عالم متعدد لم تتشكل توازناته بعد.
وأضاف أن الولايات المتحدة اعتبرت أن الصين "خصم ومنافس" في استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها منذ أسابيع، مشيرا إلى أن الصعود الاقتصادي الصيني لم يصل بعد إلى إزاحة الدور الأمريكي بشكلٍ كامل، ولكنه يتحرك بصورة حثيثة نحو هذا الهدف .
وتابع أبو الغيط "نحن في بداية مرحلة جديدة تسعى الصين - خلالها -إلى ترجمة ثقلها الاقتصادي إلى نفوذ سياسي وعسكري وازن في المنظومة الدولية يتناسب وحجمها، وليس صعباً أن نرى هذه التوجهات حاضرة في بعض السياسات الصينية مثل مبادرة الحزام والطريق التي تتضمن إنشاء مرافق وموانئ وطرقاً في نحو سبعين دولة لتسهيل التجارة بين آسيا وأوروبا"، مضيفا" إنه تغيرٌ ضخم في هيكل المنظومة الدولية، ونحن ما زلنا نشهد بداياته".
وأشار إلى أن أوضاعاً مشابهة - من صعود قوة جديدة في وجود قوة قائمة - قد أدت تاريخياً إلى اندلاع الحروب، منبها إلى أن هذا التنافس في قمة النظام الدولي سينعكس على المنطقة العربية بصور مختلفة، بعضها قد يكون إيجابياً لما يتيحه من هامش أكبر للمناورة مقارنة بنظام قائم على قطب أوحد، غير أن انعدام اليقين الذي يميز المرحلة الحالية يحول دون الخروج بحكمٍ قاطع أو تصور محدد حول ما سيحمله المستقبل.
وأشار إلى أن العالم الغربي يشهد أزمةً عميقة، لها أبعاد اقتصادية واجتماعية، وأن ثمة حالةٌ واضحة من التململ لدى قطاعات واسعة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وقد انعكس ذلك في صعودٍ متسارع للتيارات الشعبوية التي تنتمي إلى اليمين واليسار إلى حدٍ سواء في أكثر من دولة أوروبية، بل وانتقل هذا المد إلى الضفة الأخرى من الأطلنطي، كما رأينا في الانتخابات الأمريكية الأخيرة .
وقال: إن أغلب هذه التيارات معادٍ للأسس التي يقوم عليها العالم المفتوح، ويرفع شعارات شعبوية ضد المهاجرين، وبعضها يتأسس على منطلقات عنصرية، مشيرا إلى أن هذه التطورات سيكون لها تداعياتها على العالمين العربي والإسلامي، "فهناك في الغرب من يرى منطقتنا من زاوية كونها تهديداً داهماً ومفرخة للتطرف والإرهاب".
وأضاف أنه "مع رفضنا الكامل لهذه الرؤية الأحادية القاصرة، فإننا لا نتغافل عن وجودها وحضورها المؤثر في دوائر الفكر والحُكم في دول كبرى في الغرب والشرق"، منبها إلى أن أخطر التحديات التي تواجهنا هي كيفية التعامل مع هذه الصورة الذهنية القاتمة، والعمل على تغييرها.
ولفت أبو الغيط إلى أن جملة من التغيرات على صعيد العلوم والتطبيقات التكنلوجية الجارية بمعدل مُتسارع تضع العالم على أعتاب ثورة كبرى اصطلح البعض على أن ينعتها ب "الثورة الصناعية الرابعة"، وفي القلب من هذه الثورة تطبيقات الذكاء الاصطناعي و"الأتمتة" وعلوم الروبوت.
وقال أبو الغيط إن هذه الثورة ستُعيد تعريف مصادر الثروة ووسائل الإنتاج، بل وستضع مفهوماً جديداً لأهم نشاط إنساني، وهو "العمل"، مضيفا "أن هذه الثورة الهائلة التي تطرق أبوابنا سيكون لها تداعياتٌ هائلة على المجتمعات العربية، ليس فقط من النواحي الاقتصادية، ولكن أيضاً من زاويا أمنية ومجتمعية وأنه يتعين على كل من يشغل نفسه بالاستراتيجية والاستعداد للمستقبل أن يدرس أبعادها وتداعياتها المحتملة على نحو دقيق.
ولفت إلى أن المنطقة مازالت تتعافى من حالة الاضطراب غير المسبوقة التي ضربتها في 2011، مشيرا إلى أن ما جرى يُشبه الزلزال الهائل الذي ما زالنا نعاني توابعه إلى اللحظة الحالية، معربا عن اعتقاده بأن هذه التوابع ستظل تؤرقنا لسنواتٍ وعقود .
وقال أبو الغيط "لقد شهدنا تحطيم دول وتمزيق مجتمعات، في المشرق العربي كما في المغرب، إلى حد الانحدار إلى مرحلة ما قبل الدولة وحالة حرب الجميع ضد الجميع، ورأينا قواتٍ أجنبية تدخل أراضٍ عربية لتقتطع لنفسها مناطق نفوذ دائم بصورة لم نعهدها في منطقتنا منذ أزمنة الاستعمار، وخبرنا صقوراً جارحة في جوارنا الإقليمي تنقض على منطقتنا تنفيذاً لأجندات توسعية، وطلباً للهيمنة والسيطرة".
وتابع أبو الغيط: شاهدنا تراجعاً خطيراً في مكانة قضايانا الرئيسية كعرب، وأهمها قضية فلسطين التي تمر اليوم بمنعطفٍ خطير في ظل محاولاتٍ واضحة لتمييعها وتفكيكها وتصفيتها".
وأشار إلى أن ما حدث في 2011 هو انهيار، مفاجئ ومروع، لمنظومات سياسية وأمنية كانت مستقرة ومسيطرة، وكان من شأن ذلك الانهيار المفاجئ أن وجدنا أنفسنا أمام فراغ هائل في السلطة في مناطق شاسعة يقطنها الملايين من البشر، فكان أن انقضت قوى مختلفة، من داخل البلدان العربية أو من محيطها أو من العالم الأوسع، لتوظيف هذا الفراغ واستغلاله لصالحها.
ولفت أبو الغيط إلى تمدد داعش حيث سيطرت على مساحاتٍ شاسعة في سوريا والعراق، ووصلت إلى مناطق في المغرب العربي في ليبيا.
وتابع أبو الغيط :" وبنفس المنطق، يُمكن فهم أطماع إيران التي أغرتها حالة الفراغ في المشرق العربي، فوجدت لنفسها موطئ قدم وسط الفوضى السائدة".
وأكد أن هذا "الفراغ الاستراتيجي" هو ما جعل المنطقة عرضة للتدخلات الإقليمية من جانب، وفريسة للجماعات الإرهابية من جانب آخر، مشددا على أنه لا سبيل لمواجهة هذه التدخلات أو التصدي لتلك الجماعات إلا بمعالجة السبب الأول والعلة الأصلية التي أدت لانتشارها، وهو إضعاف الدول الوطنية وتآكل سيطرتها على بعض ترابها الوطني.
وقال أبو الغيط إن هذه الظاهرة الخطيرة تدفعنا للتأمل في الأسباب التي أدت إلى تراجع سيطرة تلك الدول على أراضيها وسكانها، والأسباب كثيرة ومتشعبة، إلا أن الدرس الرئيسي الذي خرجنا به من تجربة "الجحيم العربي" - الذي يدعوه البعض ربيعاً - هو أن الدولة الوطنية تظل، حتى مع ما يعتريها حيناً من قصور، خيراً من الفراغ والفوضى وحرب الجميع ضد الجميع.
وأشار أبو الغيط إلى أنه يجب علينا أن نعترف - في الوقت ذاته - بأن بعضاً من الدول التي تعرضت لتلك الهزات الخطيرة تبنت أساليب للحكم والإدارة أسهمت في إضعاف كيانها الوطني الجامع عبر التمييز بين المواطنين على أساس ديني أو طائفي، مؤكدا أن الحُكم الرشيد يظل خير حصن تُعزز به الدولة الوطنية وجودها وأمنها ، مشددا على أنه لا شرعية حقيقية قابلة للاستمرار من دون رضا المواطنين وشعورهم بالانتماء للدولة، ومن ثمّ الاستعداد للذود عنها وحمايتها.
وقال أبو الغيط إن الصورةُ العربية ليست كلها قاتمة، فهناك ما يشير إلى إرادة أكيدة لدى الشعوب والحكومات على تجاوز العثرة والخروج من العتمة، كما أن هناك مشروعات تنموية ضخمة يجري تنفيذها، تنطوي على وعد حقيقي بأفق مبشر، وثمة مبادرات ناجحة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام في الخليج العربي ومصر والمغرب العربي.
وأضاف أبو الغيط "نلمس إدراكاً متزايداً لدى الحكومات بأن الوقت ليس في صالحنا، وأننا نحتاج جهداً مضاعفاً لتعويض ما فات واللحاق بعصرنا وإيجاد فرص حقيقية للشباب الذين يشكلون 50% من سكان العربي".
وتابع أبو الغيط: بواقع التجربة الطويلة مع السياسات العربية عبر ما يربو على نصف قرن فإن ما نحتاجه أيضاً هو ما أطلق عليه "تحصين النمو" .
وقال أبو الغيط "لقد شهدنا في السابق تجارب كانت مبشرة لنمو اقتصادي وتنمية اجتماعية في بعض الأقطار العربية، ثم ما لبثت التقلبات السياسية أو الصراعات الإقليمية –أو كلاهما- أن عصفت بهذا النمو أو أبطأته أو بددت ثماره .
وأضاف أنه "مطلوبٌ من العرب التفكير في ما يجعل النمو الاقتصادي واقعاً قابلاً للاستمرار، لعقود وعقود، وعلينا العمل على خلق بيئة إقليمية داعمة للاستقرار والازدهار"، مؤكدا أن هذه البيئة لا يمكن تعزيزها سوى بخلق نظام أمني عربي يسمح للعرب بالاستجابة للتحديات التي تواجههم، جماعات لا فرادى .
وشدد على أن هذا النظام الأمني هو ما سيُعزز الكيان العربي الجامع ويُعطيه وزناً تفاوضياً أكبر مع الآخرين، كما سيعزز من القوة الذاتية لكل دولة، ويصون استمرارية هذه الجهود التي تُبذل على صعيد تحقيق التنمية، مشيرا إلى أن ثمة محاولات بُذلت في هذا الصدد، وأنها قد ووجهت بعقبات مختلفة حتى وجدت نفسها في طريق مسدود، وأمام جبل من التناقضات العربية ، مشددا في الوقت ذاته على أن هذا المطلب يعكس حاجة مصيرية، وهو يستحق عناء المحاولة مرة ومرات .
واعتبر أبو الغيط أن كل نمو وتقدم تحرزه دولة من الدول العربية يظل ناقصاً بل ومهدداً بالتراجع، طالما ظل الوضع الأمني في المنطقة العربية على ما نراه من انعدام الاستقرار وانتشار التهديدات.
وشدد على أن الخطوة الأولى نحو نظام أمني عربي هي أن تدرك كل دولة أن المخاطر التي تتهدد جيرانها وأخواتها من الدول العربية هو تهديد لأمنها، مشيرا إلى أن تجربة السنوات الماضية، منذ 2011، بكل ما انطوت عليه من ألم ومعاناة، قد دفعت الكثير من الدول العربية لتبني هذه النظرة واعتناق ذلك النهج في التفكير، لافتا إلى أنه من بين هذه الدول سلطنة عمان التي يشهد الجميع أنها تتبنى نهجاً فريداً في السياسة الخارجية يستقرئ الواقع بصورة دقيقة، ويقيس تحركاته على "مسطرة العروبة" والانتماء لها والاحتماء بها.
ولفت إلى أن الأحداث أثبتت أن ما يجري في ليبيا ليس بعيداً عما يجري في سوريا وأن الفوضى في اليمن ليست بعيدة عن التطورات في بيروت ، مضيفا "إن الخطر واحد والهم مشترك، وعلينا أن نحول هذا الإدراك إلى واقع ملموس يسمح للعرب بأن يتحركوا ككتلة مؤثرة لها وزنها وثقلها وكلمتها المسموعة بين العالمين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.