وزير المالية: الاقتصاد المصرى يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    حماس: فشل مباحثات الدوحة حول هدنة في غزة    حماس تهنئ بابا الفاتيكان الجديد وتوجه رسالة له    ميرتس يدعم اقتراح ترامب بعقد هدنة في أوكرانيا    هآرتس: واشنطن أخبرت إسرائيل أنه إذا لم تبرم صفقة مع حماس فستبقى وحدها    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    محمد صلاح يكتسح منافسيه في الدوري الإنجليزي    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    تواجد صلاح ومرموش.. أفضل 11 لاعبا للجولة 36 من فانتازي الدوري الإنجليزي    جريمة توصيل سريع، حكاية سائق توك توك قتل عامل دليفري في المعصرة    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية لتفقد مستشفى الناس    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    مصلحة الضرائب: 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    وزير الري: سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ تيسيرا ودعما للمستثمرين    احتفالات روسيا بالذكرى ال 80 للنصر العظيم..حقائق وأرقام    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    سعر الخضار والفواكه اليوم الجمعة 9 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 7جنيهات    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    وزير المالية: الاقتصاد المصري يتحرك بخطى جيدة ويوفر فرصًا استثمارية كبيرة    ديربي تحصيل حاصل.. مباريات الجولة الأخيرة من الدوري المصري للسيدات    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    افتتاح وحدة عناية مركزة متطورة بمستشفى دمياط العام    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن.. حروب قبلية تهدد البلد البائس.. "داعش" ينفذ استراتيجية "الإنهاك وإدارة التوحش والتمكين"
نشر في البوابة يوم 05 - 01 - 2018

فى الشهور الأخيرة، بخاصة بعد عملية اغتيال الحوثيين للرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، أحد أبرز الأطراف الفاعلة فى اليمن، تغير شكل الصراع اليمنى كثيرًا، ودخل مرحلة جديدة من المتوقع أن تتسبب فى تبديل مساره خلال عام 2018، الذى ربما يشهد اليمن فيه تصعيدًا أكثر خطورة، يؤدى إلى مزيد من التفرقة والتجزئة، وهذا إن حدث سيكون بفضل تحول النزاع السياسى الإيديولوجى إلى نزاع قبلي، تنتج عنه حروب قبلية تحت مسميات الثأر والعصبية.
فضلًا عما سبق سنرى محاولات أكثر لطهران، للانخراط فى النزاع اليمنى الذى سيكون متفجرًا للغاية، إن لم يتم التوصل إلى حل ممكن يضع نهاية لهذا النزاع الذى قد يطول حتى نهاية عام 2018 على الأقل، هذا رغم بداية الشرعية فى اليمن بفرض سلطتها على ثلاثة أرباع البلاد، ليبقى حسم المعركة على مدينتى صنعاء وميناء الحديدة، وفى حال تحريرهما ستتغير خريطة الصراع بشكل جذري، قياسًا على الوضع الحالى لأفغانستان، التى حصرت تواجد طالبان فى المناطق الجبلية.
وفيما يخص تنظيمى «القاعدة» و«داعش» داخل الأراضى اليمنية، لا يجوز الفصل بينهما فى الخطوط العريضة كثيرًا نظرًا لخصوصية الملف اليمني، فهما على كل حال لهما مصير متشابه على هذه الأرض، رغم فشل تنظيم «داعش» الوليد فى اليمن، فى إظهار نفسه بنفس قوة «القاعدة»، مقارنة بتنظيم «داعش» المركزى فى الشام والعراق.
ومن المنتظر فى الشهور القليلة القادمة، رفع وتيرة الضغط من قبل تحالف دعم الشرعية، مما سيؤدى إلى تقوقع إرهابيى «داعش» و«القاعدة» داخل نطاقات أقل مساحة وتأثيرًا، فالتنظيمان سيخسران يوميًا المزيد من الأرض والموالين وعناصر القيادة، بفضل نجاح التحالف العربى فى قطع الطريق عليهما فى أغلب مناطقه التقليدية شمال وجنوب ووسط اليمن.
ومع نهاية العام 2017، عاش التنظيمان مرحلة هى الأسوأ، والأكثر ضعفًا؛ حيث فقد تنظيم القاعدة أهم عناصره التى كان يعتمد عليها ميدانيًا وإعلاميًا، وفر إلى مخابئه القديمة فى الكهوف والجبال وشعاب الأودية، فيما أصبح تنظيم داعش أضعف من أن يكون له تهديدات خارجية، وبالتالى سيمر التنظيمان فى 2018 بمرحلة هى الأصعب، نظرًا لتلقيهما هزائم ضخمة أثرت فى كيانهما ووجودهما، وكذلك أفقدتهما القدرة على الاستقطاب والتمدد.
ولأن «داعش اليمن» لم يحظ بقبول داخل الأوساط اليمنية مقارنة بتنظيم القاعدة، لكونه أكثر تشددًا مع المخالفين لأفكاره، فضلًا عن ما يدور من شبهات حول ارتباطاته بأجهزة وقوى مشبوهة، فلم يجد الحاضنة الشعبية التى تُشجعه على إعلان نفسه رسميًّا، وغالبًا لن يجد فى اليمن قاعدة لبسط نفوذه وتمكنه من التحكم والسيطرة كما يطمح.
وبالتالى مستقبل «داعش» فى اليمن، قد يكون معدومًا، ولن يخرج عن مستوى محاولات «إثبات الوجود» التى سيقوم بها عبر تنفيذ هجمات غير مؤثرة، وهذا يأتى رغم احتضان عدة محافظات يمنية كالعاصمة صنعاء شمالًا، والبيضاء بوسط اليمن، وحضرموت جنوبًا، قلة من عناصر «داعش» الأجنبية، والعربية، ممن يسكنون فى أماكن تسمى «المأوى»، يتخذون منها منطلقًا لنشر الفكر المتطرف، وإعداد مقاتليهم، والتجهيز لعملياتهم، والشواهد تقول إنهم لن يستطيعوا إحداث تغيير ملحوظ سواء فى واقع التنظيم السيئ، أو على مستوى خريطة الصراع على أرض اليمن.
من المؤكد أن خريطة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة فى الإقليم- حيث المنبع الرئيسى لكل هؤلاء- ستشهد تطورات وتغييرات عدة، كنتيجة واقعية وضرورية، بعد انحسار وتقزم قدرات تنظيم البغدادي، وهو ما سيعود حتمًا على دور وتأثير أغلب التنظيمات الفاعلة والنشطة، فى الشرق الأوسط وأفريقيا، مثل: «القاعدة» فروعها وأتباعها، و«داعش» بفروعه، و«هيئة تحرير الشام»، و«بوكو حرام»، و«جند الخلافة»، وغيرها.
وعن ذلك توجد أسباب أخرى كفيلة بتغيير خريطة وشكل التنظيمات المتطرفة، من ضمنها الطبيعة الجغرافية والسكانية والاجتماعية والاقتصادية الخاصة بمناطق تمركزها، نظرًا لاعتماد المتطرفين على استغلال الأوضاع الاقتصادية، الضعيفة، والتركيبة الاجتماعية الهشة، لاستقطاب عناصر جديدة.. وبالتوقف عند هذه النقطة، سيحيلنا الأمر إلى تلك الأدبيات التى يعتمدها تنظيم داعش، كمفهوم إدارة الفوضى المتوحشة، المنقسمة إلى 3 مراحل، ألا وهي: (الإنهاك، وإدارة التوحش، والتمكين).
وترتبط عوامل التحول فى البيئة السياسية والأمنية الجارية بالشرق الأوسط، بمسألة الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادي، كعامل مهم فى مدى فاعلية ونشاط هذه التنظيمات، وقياسًا على ذلك بالفترة التى أعقبت ما سمى ب «الربيع العربي»، أسفرت عن حالة من عدم الاستقرار السياسي، ساعدت بشكل مباشر على توسع وتوحش هذه المجموعات، التى تنطلق من واقع فكرى وعقائدى نظرته تنظيمات إرهابية عابرة للحدود، وهو ما ينطبق بطبيعة الحال على فروع وخلايا «داعش»، فكلما تراجع التنظيم المركزى أثر ذلك فى قدرة باقى الأفرع.
وانطلاقًا من هنا، فمن المتوقع أن تفك بعض الخلايا المرتبطة بالتنظيم المركزى تنظيميًا وعقائديًا، وتندمج مع تنظيمات أخرى، أو تشكل تنظيما مستقلا على غرار تنظيم «هيئة تحرير الشام»- جبهة النصرة سابقًا- الذى أعلن فك الارتباط بتنظيم القاعدة، وإنهاء البيعة لزعيمه أيمن الظواهري، مع الإبقاء على المنطلقات الفكرية للتنظيم الأم.
ومن المرجح أيضًا، لجوء هذه التجمعات إلى حل نفسها على غرار ما حدث بالنسبة لتنظيم «أنصار الشريعة» فى درنة بدولة ليبيا خلال شهر مايو من العام 2017، وتنظيم «سرايا الدفاع عن بنغازي»، والذى أعلن عن حل نفسه خلال شهر يونيو 2017.
وفى كل الحالات، من المحتمل ظهور تنظيمات متطرفة جديدة تأخذ الطابع الجغرافى، والاجتماعى بكل دولة على حدة، وهو ما أطلق عليه الخبراء مصطلح «التنظيمات الإرهابية المناطقية»، التى اكتسبت مهارات قتالية من تبعيتها لتنظيم «داعش» من ناحية، ومن فقه القاعدة من ناحية أخرى، وهو ما يطلق عليه «التنظيمات القاعدية الفكر الداعشية التكتيك»، بما يعنى دخول خريطة التنظيمات الإرهابية، مرحلة جديدة من التطور من حيث البنية التنظيمية، والمنطلقات الفكرية، والتكتيكات القتالية.
من المتوقع أن ينشق بعض الخلايا المرتبطة بالتنظيم المركزى تنظيميًا وعقائديًا، وتندمج مع تنظيمات أخرى، أو تشكل تنظيما مستقلا
من المؤكد أن الشهور المقبلة ستجيب بشكل قاطع عن المكان الذى يعيش فيه أو يختبئ فيه، أبو بكر البغدادى وباقى قيادات الصف الأول للتنظيم، ففى الفترة الأخيرة، تناول البعض رواية تفيد بإلقاء قوات أمريكية القبض على أبو بكر البغدادى مؤسس تنظيم «داعش» الإرهابي، وهى الرواية التى ساهم فى تضخيمها ممثل البنتاجون «أدريان رانكين»، عندما رفض التعليق عليها عندما تلقى سؤالًا بشأن احتجازه داخل قاعدة «رميلان» التابعة للولايات المتحدة بمحافظة الحسكة شمال سوريا.
وهى الرواية التى زعمتها مصادر سورية، وأضافت، أن عملية القبض عليه تمت وبرفقته 7 من قيادات «داعش»، بينهم عراقى والآخرون أجانب، وفى وقت سابق صرح المتحدث الرسمى لوزارة الدفاع العراقية، يحيى رسول- استنادًا إلى تقرير للمخابرات العراقية- أن زعيم تنظيم «داعش»، لا يزال على قيد الحياة ويختبئ بالقرب من الحدود العراقية السورية، وإضافة إلى ذلك صرحت قيادات بالحشد الشعبى العراقى أن البغدادى محتجز لدى القوات الأمريكية.
وعلى مدار السنوات السابقة أثير حول «البغدادي» العديد من التساؤلات حول مكان اختبائه، فمنذ ظهوره الأول، فى تسجيل مصور بالجامع الكبير فى مدينة الموصل العراقية، الجمعة 4 يوليو 2014، لم يعلم أحد مكانه.
وقد ظهرت العديد من السيناريوهات المحتملة، عن المكان الذى يحيا فيه؛ فإن لم يكن فى قبضة الأمريكان؛ فإنه على الأرجح يتواجد إما فى «جبال حمرين» بمحافظة ديالى، التى تتمتع بطبيعة جبلية وعرة، أو فى منطقة الحدود (السورية- العراقية)، وهى المنطقة التى يسميها التنظيم «ولاية الفرات»، أو بمدينة البوكمال شرق سوريا، بحسب ما تناقله البعض عن رؤيتهم لاثنين من مساعديه فيها.
كما ظهرت أيضًا على السطح روايات عدة، تحدثت عن احتمالية هروبه إلى تركيا، وأخرى أشارت إلى إمكانية وجوده فى ليبيا، استنادًا إلى واقعة العثور على رسائل له فى الجنوب الليبي، وذكرت صحيفة إنجليزية فى وقت سابق إن البغدادى فر إلى مدينة سرت فى ليبيا عقب نجاته من غارة جوية فى العراق، واختفاء الرجل الأول فى التنظيم بأى حال سواء تم قتله أو القبض عليه أو اختبائه؛ فإن فشل التنظيم مؤخرًا يعنى أنه لم يعد لديه دور خلال العام 2018، وإن بات له دور، سيكون بتأثير أقل من ذى قبل.
وبحسب آخر المستجدات، فمن المتوقع بالنسبة للقيادة المركزية ل «داعش»، وعلى رأسها البغدادي، أنها ستعمل على إعادة تشكيل التنظيم من جديد داخل إحدى ولاياته، فى إطار سيناريو محتمل من ناحية، أو قد تتبنى سياسة اللامركزية، بالسماح لكل فرع يعمل تحت لافتة التنظيم وحلم الخلافة، دون الالتزام بالقواعد الرئيسية للتنظيم المركزي، وفى كلتا الحالتين يجدر بنا التأكيد من جديد على استمرار بقاء إرهاب «داعش» على قدر أوضاعه الجديدة.
وبالنظر فى الهيكل التنظيمى العام ل «داعش» يتبين أولًا أن النخبة القيادية للتنظيم هى تقريبًا عراقية بالكامل، بما فيها رءوس الفروع فى كل من سوريا وليبيا وشمال سيناء، بما يجعله تنظيمًا عراقيًا، أكثر منه تنظيمًا دوليًا.
وثانيًا، بالعودة إلى تاريخ تشكيل هيكل القيادة المركزية أواخر عام 2010، مع تولى أبو بكر البغدادى القيادة، ظهر أنه رحب بانخراط عدد من رجال الأمن العراقى ممن كانوا خارج الخدمة أو من تركوها فيما بعد، لرفع كفاءة قدرات التنظيم العسكرية، رغم عدم اعتقادهم بالفكر الدينى للتنظيم، وانضمامهم كان للثأر من النظام العراقى الحاكم، ومحاولة استعادة هيمنة السنة على النظام السياسي، وهى العناصر التى تعتبر العمود الفقرى للتنظيم، ويستبعد تخليهم عن بلدهم العراق. وهذان الأمران يشيران مبدئيًا إلى أن المستقبل قد يحمل تغييرات جذرية فى البنية الإدارية للتنظيم المركزي، إذا أراد أو استطاع الحفاظ على وجوده.
«الخلافة المزعومة».. حلم ينتهى وإرهاب يتمدد
الدوحة تشترى الغرب بالصفقات العسكرية وتوقعات باستمرار المقاطعة العربية
وبالنظر إلى أسباب استمرار بقاء التنظيم واستمرار إرهابه خلال العام 2018، تبين أن التنظيم قد يستغل الانتصارات التى حققها، فى تصديرها لعناصر التنظيم نفسه والتنظيمات الموالية له، كمصدر للفخر والإلهام، وسيركز فى دعاياته المستقبلية على استعادة أمجاد «داعش» السابقة وإمكانية العودة، من خلال نشاطاته فى المجال الافتراضى وعبر صفحات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى التى لا يتطلب استخدامها موارد مالية تذكر.
وكما تقول النظريات، إن هزيمة التنظيمات المسلحة أو المتمردة أو الإرهابية ذات الطابع الدينى أو الإيديولوجي، قليلًا ما تنتهى بانهيار التنظيم أو اختفائه نهائيًا؛ لأنها تمتلك القدرة على تجاوز الهزائم والخسائر، والبدء من جديد، بهيكل وتنظيم مختلف، أو بالعودة إلى المربع الأول.
وفيما يخص مسائل التمويل، من المؤكد أن الوضع الجديد للتنظيم تسبب فى انخفاض وتراجع موارده المالية والاقتصادية، وفى الوقت نفسه لديه القدرة على توفير الأموال عبر عدة طرق منها وسائل الابتزاز، والتهريب، والإتاوات، والفدية، وهى الأساليب التى ستوفر ما يحتاجه التنظيم لتحقيق هجماته التى ستكون أقل وأخف وطأة، وكذلك الهجمات الانتحارية، ووضع كمائن، وتنفيذ عمليات اغتيال وقنص.
فيما يخص الأزمة الخليجية، من المرجح أن العام المرتقب لن يشهد اختراقًا فى ملف الأزمة مع قطر، خاصة أن كل الأطراف غير مستعدة لتقديم تنازلات خلال العام المقبل، فالقيادة القطرية مستمرة فى التحدي، فهى تعتمد على تركيا وإيران لمحاولة التعاون، كما أن استراتيجية قطر أصبحت واضحة، فهى تعتمد على الاستثمار فى الدبلوماسية وبالصفقات العسكرية والمالية مع الدول الغربية.
لذا، نجد أنه منذ بداية الأزمة الخليجية، كان التساؤل الرئيسى يتمثل فى: هل تريد قطر أن تخرج من حاضنتها الاجتماعية والثقافية؟ وهو ما ظهرت إجابته فى تحركات قطر بالمضى والاعتماد على قوى إقليمية غير عربية وقوى غربية، كما أن احتمالية انفراج الأزمة القطرية الخليجية فى ظل التصرفات الحالية ضئيل للغاية وقد يتراوح ما بين 30٪ و40٪.
«الذئاب المنفردة» والقتل دهسًا أسلحة «الإرهاب» فى الغرب
ربما يتوقع البعض أن أوروبا قد تتأثر كثيرًا بخروج بريطانيا من «البريكس»، خلال العام 2018، ولكن المفاجأة تكمن فى أن القارة العجوز، ستتأثر أكثر بالإرهاب والتطرف الدينى بشكل أكبر من كل الأزمات الأخرى، وهذا يعود بالضرورة إلى خطورة ظاهرة «الإرهاب العابر للحدود»، فقد شكلت موجة الهجمات الإرهابية وعمليات «الذئاب المنفردة»، وهجرة الشباب الأوروبيين والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية فى العراق وسوريا، أزمات أمنية ساعدت فى إدراك هذه الدول لأهمية التعاون ومشاركة المعلومات.
وبالتالى من التوقع أن تشهد أوروبا فترة من الهدوء النسبى العام 2018، لكن يمكن للأعداد القليلة نوعًا ما- مقارنة بأعداد المهاجرين- عادوا من ساحات القتال، أن يشكلوا قنبلة موقوتة فى قلب أوروبا، ويأتى هذا فى ظلال انتشار ظاهرة الشعبوية والقومية المتطرفة، والإسلاموفوبيا فى الكثير من أوروبا الغربية فى النمسا، وألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وهى إشكالية قد تزيد مع الوقت، نظرًا لكون هذه الجماعات لها ارتباطات عالمية مع مثيلاتها فى أمريكا، بما يجعلها فى ازدياد أكثر عام 2018، ليصبح من المحتمل أيضًا وقوع هجمات إرهابية داخل الأراضى الأمريكية.
وعند الحديث عن مستقبل التنظيمات المسلحة بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، فيجب التطرق إلى استراتيجيات وأساليب الإرهابيين فى الغرب، وتأتى ظاهرة إرهاب «الذئاب المنفردة» فى المقدمة، فبعد أن كانت قبل عقد من الزمان فقط مجرد «اتجاه فرعي» فى ظاهرة الإرهاب العالمى بشكل عام، ومن الأدلة على ذلك أنه منذ عام 2006 حتى 2016، نتج 98٪ من قتلى العمليات الإرهابية فى الولايات المتحدة الأمريكية عن عمليات نفذها «الذئاب المنفردة»، وأدت إلى مقتل (156) شخصًا.
وهو ما ينطبق أيضًا على استراتيجية «الخيل المسمومة»، والمقصود بها القتل دهسًا، التى يلجأ إليها التنظيم لزعزعة استقرار الغرب، واتجه اهتمام التنظيم لتنشيط ذئابه المنفردة وخلاياه النائمة فى أوروبا لتنفيذ عمليات إرهابية تهدد الأمن، وتحدث دويًا إعلاميًا، وتجنيد مزيد من الشباب الذى لديه حماسة للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة، وانتقامًا من الدول المشاركة فى التحالف الدولى ضد الإرهاب.
واعتاد التنظيم الإرهابى اللجوء إلى هذه الطريقة غير المكلفة التى لا تثير فى العادة حفيظة قوات الأمن، ولا تتطلب إلا مركبات فقط، تقاد بسرعة كبيرة للانقضاض على الهدف، حتى بات هذا الأسلوب الأكثر مرونة وسهولة فى تنفيذ الأهداف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.