توقَّع خبراء اقتصاديون تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة على مصر في 2018، خصوصًا في النصف الثاني من العام، بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية. ومن المتوقع أن تبدأ إجراءات عقد الانتخابات، الشهر المقبل، وأن تجرى في أبريل. وقالت رضوى السويفي، رئيسة قسم البحوث في فاروس القابضة للاستثمارات المالية: "لن يضخ أحد استثمارات في بلد به انتخابات إلا بعد الانتهاء منها". ولم يعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي انتخب عام 2014 إلى الآن، اعتزامه السعي للبقاء في المنصب، لكن من المرجح على نطاق واسع أن يحاول الفوز بفترة ثانية وأخيرة. وتنتهي فترة رئاسته الحالية في أوائل يونيو المقبل. وينص الدستور على شغل المنصب فترتين، كل منهما أربع سنوات بحد أقصى. وتوقعت السويفي تدفق الاستثمارات الأجنبية على مصر، خلال النصف الثاني من هذا العام، خاصة في الربع الأخير. وقالت: "توقعاتنا أن تصل الاستثمارات إلى ما بين ثمانية وتسعة مليارات دولار، هذا العام". وتركزت أغلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بعد انتفاضة يناير 2011 في قطاع الطاقة، ولا سيما النفط. وبلغت الاستثمارات الأجنبية بمصر 7.9 مليار دولار في السنة المالية 2016- 2017 التي انتهت في 30 يونيو الماضي، مقابل 6.8 مليار دولار في 2015- 2016. ولم تحقق مصر المستوى المستهدف للاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ كانت تستهدف في كل عام جذب عشرة مليارات دولار. وقال نعمان خالد، محلل الاقتصاد الكلي في "سي.آي كابيتال": استثمارات النفط والغاز لا تمر على شباك وزارة الاستثمار، بل تتم على مستوى سياسي أعلى. استثمارات النفط والغاز لا تعبر عن جاهزية الدولة لاستقبال استثمارات". وتجذب مصر الاستثمارات الأجنبية المباشرة بقطاع النفط والغاز من خلال مزايدات تُطرح على شركات النفط العالمية. وأسهمت لقاءات الرئيس المصري مع رؤساء الشركات العالمية في تسريع وجذب الكثير من تلك الاستثمارات للبلاد. وهيمنت شركات إيني الإيطالية وبي.بي البريطانية وشل الهولندية وإديسون الإيطالية، على أنشطة استكشاف وإنتاج النفط والغاز بمصر خلال السنوات الماضية. وعزا خالد تركز أغلب الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط خلال السنوات الماضية، إلى "عدم وجود أي توقعات لأسعار الصرف في مصر قبل عام أو أسعار الفائدة على القروض أو حتى النظام الضريبي وأسعار الطاقة"، مؤكدًا "عام 2018 سيكون أفضل بعد استقرار سعر الصرف والتوقعات بخفض أسعار الفائدة وسهولة دراسات الجدوى حاليًّا. 2018 هو العام الأكثر وضوحًا من 2016 و2017. أتوقع أن تكون معظم الاستثمارات القادمة في القطاعات المصدرة. لا أتوقع تحقيق استثمارات أكثر من 7.9 مليار دولار هذا العام". وحررت مصر سعر الصرف في نوفمبر 2016، وقامت برفع أسعار الفائدة بنحو 700 نقطة أساس. وكشفت وزارة التجارة المصرية، الثلاثاء الماضى، أن الواردات انخفضت خلال أول 11 شهرًا من عام 2017 إلى 51 مليار دولار، مقارنة ب61 مليارًا في الفترة نفسها من 2016، في حين زادت الصادرات إلى 20.4 مليار دولار من 18.4 مليار. وتنفذ الحكومة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي منذ 2016 شمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجَّه للكهرباء والمواد البترولية؛ سعيًا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية. وتضمَّن البرنامج قانونًا جديدًا للاستثمار وإصلاحات في قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون للإفلاس. وقالت عالية ممدوح، كبيرة الاقتصاديين ببنك الاستثمار بلتون: "سنرى تفعيلًا لقانون الاستثمار الجديد، خلال هذا العام، وهو ما يؤدي إلى ظهور قطاعات جاذبة للاستثمار في مصر أكثر من قطاع الطاقة، بداية من 2019 وخاصة القطاع الصناعي"، مؤكدة "نتوقع أن تمثل استثمارات الطاقة نحو 80% من الاستثمارات المتوقعة لهذا العام، والتي قد تبلغ نحو 10.5 مليار دولار. المستثمر لا يحتاج إلا الثقة ووضوح الرؤية وعدم البيروقراطية في الإجراءات، وخاصة من المحليات".