"دمعة وابتسامة" كان أول كتاب اقتناه الصبي سعد ذو الإثنى عشر عامًا إبن قرية حصين البحر، التي لا تبعد كثيرًا عن طرطوس الواقعة على الساحل السوري. توالت قراءاته إلى أن أصبح الصبي سعد يمتلك مكتبة تحوي بين رفوفها كتب طه حسين وعباس العقاد وميخائيل نعيمة ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وإحسان عبد القدوس وغيرها الكثير، وكثيرًا ما ناوشته قراءاته كي يضيف إليها كتابًا واحدًا يحمل اسم "سعد الله ونوس". ولد سعد الله ونوس عام 1941 قريبًا من البحر، لم يستمر كثيرًا في قريته، حزم أمتعته ليدرس البكالوريا في طرطوس، قبل أن يفرد شراعه لينطلق عبر منحة دراسية إلى القاهرة، حيث حصل على ليسانس الصحافة من كلية الآداب جامعة القاهرة، لم يكن سعد غريبًا عندما جاء إلى القاهرة، كانت الجمهورية العربية المتحدة قائمة، قبل أن تنفصل أثناء مقام سعد في القاهرة، أدى ذلك إلى هزة شخصية لدى سعد وكتب أولى مسرحياته التي لم تنشر إلا بعد وفاته بعنوان "الحياة أبدًا" وكان ذلك في عمر العشرين عامًا، وبعدها بعام واحد نشر في مجلة الآداب مقالًا حول الوحدة والانفصال وكذلك عدة مقالات في جريدة النصر الدمشقية. وفي عام 1963 حصل سعد الله ونوس على ليسانس الصحافة وانتهى من إعداد دراسة نقدية مطولة عن رواية (السأم) لألبرتو مورافيا ونشرها في (الآداب) وفي نفس المجلة نشر مسرحيته ميدوزا تحدق في الحياة، بعدها عاد إلى دمشق وتسلم وظيفته في وزارة الثقافة. وفي عام 1964 اصابه نشاط ادبي حيث نشر ثلاث مسرحيات قصيرة في الاداب البيروتية والموقف العربي بدمشق وهي مسرحية (فصد الدم) و(جثة على الرصيف) و(مأساة بائع الدبس الفقير) بالإضافة إلى العديد من المقالات والمراجعات النقدية. وفي عام 1965 صدرت أول مجموعة له من المسرحيات القصيرة عن وزارة الثقافة تحت عنوان (حكايا جوقة التماثيل) وقد ضمت المجموعة ست مسرحيات منها (لعبة الدبابيس) و(جثة على الرصيف) و(الجراد) و(المقهى الزجاجية) و(الرسول المجهول في مأتم انتيجونا. هذه المرة في عام 1966 انطلق سعد عبر إجازة دراسية من وزارة الثقافة السورية، إلى باريس ليطلع على الحياة الثقافية هناك ويدرس المسرح الأوروبي، ولم يكتف بالمشاهدة والدراسة فقد نشر في الصحف العربية عددًا من الرسائل النقدية عن الحياة الثقافية في أوروبا. كانت النكسة بمثابة الضربة في صدر الجميع، أصاب سعد الحزن الشديد خاصة وانه تلقى النبأ وهو بعيد عن وطنه وبين شوارع باريس فكتب مسرحيته الشهيرة "حفلة سمر من اجل خمسة حزيران" ثم مسرحية "عندما يلعب الرجال"، وفي نهاية هذلك العام عاد إلى دمشق حيث عهدت وزارة الثقافة اليه بتنظيم مهرجان دمشق المسرحي الأول في شهر مايو وبالفعل اقيم المهرجان وتم تقديم أول عرض مسرحي لونوس من إخراج علاء الدين كوكش وكانت مسرحية "الفيل يا ملك الزمان" التي كان قد انتهى من كتابتها عام 1969، قبل بدء المهرجان بفترة وجيزة، كما أخرج رفيق الصبان "مأساة بائع الدبس الفقير"، وتم تقديم العملين في عرض واحد خلال المهرجان وفي 1972 كتب مسرحية "سهرة مع ابي خليل القباني"، وعام 1976 ترجم كتاب "حول التقاليد المسرحية"، لجان فيلار وأعد "توراندوه" عن مسرحية لبريخت تحمل نفس العنوان وترجم وأعد "يوميات مجنون" لجوجول.. بعدها حصل على منصب مدير المسرح التجريبي في مسرح القباني حيث كان عليه أن يؤسس هذا المسرح ويضع برنامجه، عام 1977 نشر في ملحق الثورة الثقافي على عددين مسرحية (الملك هو الملك) التي اخرجها فيما بعد المخرج المصري مراد منير وعرضها في القاهرةودمشق حيث حضر ونوس العرض في دمشق وهو يعاني من السرطان الذي قضى عليه عام 1997. وبعد اصابة ونوس بمرض السرطان في أوائل التسعينيات لم يستسلم له وعاد إلى الكتابة بعد فترة توقف طويلة شملت معظم الثمانينيات، فقدم اعظم اعماله ومنها "منمنمات تاريخية" و"الليالي المخمورة" و"طقوس الإشارات والتحولات"، والتي عرضت في لبنان ومصر بعد وفاته من إخراج المخرجة اللبنانية نضال الأشقر والمخرج المصري حسن الوزير، كذلك أخرج مراد منير "الليالي المخمورة" على مسرح الهناجر بالقاهرة.