إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للتجديد للوظائف الإشرافية بتعليم الإسكندرية    محافظ كفر الشيخ يفتتح مدرسة الفقهاء القبلية بسيدى سالم    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    القوات المسلحة تنظم المعرض السنوي الثامن عشر للثقافات العسكرية "ذاكرة أكتوبر 2025".. صور    "القابضة للمياه" ترفع حالة الجاهزية لمواجهة التغيرات المناخية    الصناعة: طرح 386 وحدة لرواد الأعمال جاهزة للتسليم الفوري في 11 محافظة.. وخبراء: خطوة جادة نحو تمكين الرواد ودعم الصناعات الصغيرة.. وتنويع الأنشطة يعزز التنمية الإقليمية    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    البيئة: إنشاء مصانع لبدائل البلاستيك بعدد من المدن المصرية    ترامب يعقد اجتماعا مع فريق الأمن القومي قبل تحرك ويتكوف وكوشنر إلى مصر    مصر وفرنسا تؤكدان ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بغزة    منتخب مصر يستعد لخوض مرانه الأول بالمغرب قبل مواجهة جيبوتي (صور)    تقارير إسبانية تكشف موعد عودة لامين يمال إلى الملاعب وموقفه من الكلاسيكو    تعرف على جدول بطولة العالم للسباحة بالزعانف في المياه المفتوحة بالعلمين    مصرع معلمة صدمتها سيارة فى قنا    تجديد حبس سائق لاتهامه بدهس معلمة في مصر الجديدة    الداخلية تضبط شابًا اعتدى على فتاتين بسبب المعاكسة    طقس الكويت اليوم.. أجواء حارة ورياح على هذه المناطق    تأجيل محاكمة 25 متهمًا بقضية خلية أكتوبر    هنا شيحة تتألق على السجادة الحمراء في مهرجان المركز الكاثوليكي (فيديو)    باكستان تهنئ مصر بفوز خالد العناني مديرًا عامًا لليونسكو: إنجاز تاريخي عربي غير مسبوق    بحضور إلهام شاهين ومحمد سلماوي.. توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية عن الأفلام القصيرة جدًا    عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    إحالة المقصرين بوحدة طب الأسرة بالكرادوة في كفر الشيخ للتحقيق    انطلاق المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية بين طلاب المدارس بالمنوفية    ندوات توعوية لرفع الوعي الصحي لطلاب مدارس المنيا حول الأمراض المعدية    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة الرياضي    الزمالك يدرس تعديل عقد حسام عبد المجيد تقديرًا لتألقه وتطوره    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    وزير الاتصالات يفتتح مركز شركة فاوندإيفر Foundever العالمية فى محافظة الأقصر    فيلم «فيها إيه يعني» يتخطى 20 مليون جنيه في أسبوع    بايك BJ30 الجديدة في مصر.. سيارة صينية "زيرو" بقوة 400 حصان    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    الكرملين: تسليم صواريخ توماهوك إلى كييف تصعيد خطير    طاقم تحكيم مصري لإدارة مباراة أولمبيك أسفي والملعب التونسي في الكونفدرالية    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    إزالة 9 حالات تعدى على الأراضى الزراعية وأملاك الدولة ب4 قرى بمركز سوهاج    الشيخ رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    "هاسبارا" ذراع التضليل الإسرائيلى.. تليفزيون اليوم السابع يكشف التفاصيل    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    مصارعة – كيشو يستعد لتمثيل منتخب أمريكا    دفن جثمان أحمد عمر هاشم بجوار مسجد العائلة بقرية بني عامر بالشرقية    الري: إطلاق آلية تمويلية بمخصصات 100 مليون دولار لتنفيذ المشروعات التنموية بدول حوض النيل    الدكتور أحمد عمر هاشم يتحدث عن حب آل البيت ومكانتهم في قلوب المصريين (فيديو)    حكم الرجوع في التبرعات الموجهة للمؤسسات الخيرية.. دار الإفتاء توضح    «مش بيحبوا يتحملوا مسؤولية».. رجال 5 أبراج يعتمدون على الغير بطبعهم    كريم أدريانو يفوز بجائزة «the best» في ثاني أيام عروض مهرجان «المهن التمثيلية» (تعرف على الفائزين)    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    نقابة المهندسين تعلن تضامنها مع «المحامين» في رفض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية    موعد عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم فى الشرقية اليوم    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    بعد قطعها ل 6 أجزاء.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا..الجيزة توضح..فيديو    تزامنًا مع ذكرى نصر أكتوبر.. محافظ أسيوط والبابا تواضروس يضعان حجر الأساس لمدرسة سانت ماري الدولية    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر    اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والجيش السوري في حلب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله جاك مينو
نشر في البوابة يوم 24 - 11 - 2017


الجنرال الحالم بزواج الشرق والغرب الذى لا نعرفه
يعرف الفرنسيون جيدًا، الجنرال بونابرت، ويعرفونه أكثر عندما أصبح الإمبراطور نابليون، ويعرفون بشكل لا بأس به خليفته فى مصر المغدور به الجنرال كليبر، ونحن أيضًا فى مصر نعرف الرجلين ويدرسهما طلابنا فى المدارس فى إطار مناهج دراسية تحتفى بالنتائج العلمية للحملة الفرنسية (1798-1801) لكنها - كحال المناهج الدراسية فى فرنسا - لا تغمض العين عن النتائج الكارثية من الناحية العسكرية لتلك الحملة.
المثير للدهشة، هو أن خليفتهما فى مصر الجنرال «جاك مينو» ليس معروفًا بالقدر نفسه لا فى مصر ولا فى فرنسا، وإذا كانت المراجع الفرنسية تذكر هذا الجنرال بشىء من النقد فيما يخص كفاءته العسكرية، وشيء من الاستخفاف فيما يخص مواهبه الإدارية، فإن المراجع المصرية تركز على تحوله إلى الإسلام تحت اسم «عبدالله جاك مينو» من ناحية، وزواجه من إحدى سيدات رشيد التى كان حاكمًا عليها من ناحية أخرى، والواقع أن المراجع والمؤرخين قد بخسوا هذا الجنرال الكبير حقه، ولننظر ذلك ببعض من التفاصيل.
كان الجنرال مينو فى الثامنة والأربعين من عمره، وكان منافسه فى جيش الحملة على مصر الجنرال كليبر، الذى سيصبح حاكمًا على الإسكندرية فى الخامسة والأربعين، وهذا يعنى أن الجنرالين المخضرمين كانا معًا تحت إمرة بونابرت، الذى لم يكن قد تجاوز بعد عند وصوله مصر التاسعة والعشرين عامًا.
ورغم أن السن لا يصنع عبقرية عسكرية، فإن العامل النفسى لدى حاكمى رشيد والإسكندرية جعلهما ينظران إلى واقع الحملة العسكرية على مصر بشكل مختلف.
كان «مينو» ينظر لمستقبل مصر على أنه جزء من تاريخ مرتبط إلى الأبد بالتاج الفرنسى، ومن هنا كان تحوله إلى الإسلام، وكان زواجه من إحدى بنات العائلات الكبرى فى رشيد، وكان اهتمامه بأوضاع المصريين وبحثه الدائم عن حلول لمشاكلهم رغم أنه تولى قيادة جيش الحملة فى ظروف عسكرية وسياسية شديدة التعقيد بعد عودة بونابرت المفاجئة إلى فرنسا أغسطس 1799 والاغتيال المفاجئ أيضًا لخليفته فى مصر الجنرال كليبر فى 14 يونيو 1800 وتكالب أعداء فرنسا على جيش الحملة لإخراجه من مصر، أما كليبر فكان يرى منذ الساعات الأولى التى قاد فيها فرقته لاحتلال الإسكندرية فجر 1 يوليو 1798 - والتى أصيب فيها بطلقة فى جبهته كادت تودى بحياته - أن الحملة على مصر غير مجدية سياسيًا ومحكوم عليها بالفشل عسكريًا، وأنه لا بد للعودة سريعًا إلى فرنسا.
وبينما أسرع بونابرت لاحتلال القاهرة ترك كليبر الجريح حاكمًا على الإسكندرية، وترك مينو الحالم حاكمًا على رشيد دون أن يدرى أن هناك مفاجآتان ستغيران تاريخ الحملة على مصر سياسيًا وعسكريًا وعلميًا وستترك آثارها باقية حتى اليوم فى العلاقات المصرية الفرنسية.
وأعنى بذلك تدمير الأسطول الفرنسى بكامله من قبل الإنجليز بقيادة نيلسون فى أبى قير، ليصبح بونابرت وجنرالاته وجنوده أسرى غزوتهم العسكرية لمصر، ومضطرين اضطرارًا للبقاء فيها والتعامل معها، وبالتالى إدخال العلوم الحديثة فيها حتى يمكن الاستفادة من مواردها الضرورية لحياة الجيش والجنود فى مصر.
وكان الحدث الثانى هو عثور الكولونيل بوشار فى رشيد على الحجر الذى يحمل اسمها فى 19 يوليو 1799 أثناء قيامه بتحصين الدفاعات البحرية بقلعة قايتباى بالمدينة، وبرز هنا على الفور الدور العظيم للجنرال مينو الذى توسم بحاسته أن هذا الحجر يحمل بين طلاسم حروفه لغاته الثلاثة، ويشعر حاكم رشيد الذى كان قد احتفل بإسلامه وزواجه أن هذا الاكتشاف فى المدينة التى يحكمها هو هدية السماء له، وتقول إحدى الروايات أنه قضى الليل يتأمل الحجر فى غرفة نومه وأنه قبل أن يرسله إلى بونابرت وعلماء المجمع العلمى فى القاهرة على ظهر سفينة وبحراسة كتيبة مسلحة إلى القاهرة، أمر بأن يتم طبع نسخة ورقية لنصوص الحجر باستخدام الأحبار المتاحة، وكانت هذه الخطوة من الجنرال هى أول إشارات المجد الذى سيسجله التاريخ لهذا الحجر، وأن النسختين المطبوعتين من قبل علماء المجمع العلمى المصرى بأمر من بونابرت سيدخلان التاريخ أيضًا لأن واحدة منهما ستصل باريس فى حقيبة الجنرال ديجوا فى عام 1800 ليسلمها إلى المجمع العلمى الفرنسى لتكون بذلك أول نسخة من نصوص حجر رشيد تصل إلى أوروبا، والتى سوف يستخدمها شامبليون بعد 21 عامًا فى فك رموز اللغة الهيروغليفية، كان إذن الجنرال مينو ذا رؤية مستقبلية وقد حاول بقدر الإمكان رغم الضغوط العسكرية الخارجية عليه وتآمر فريق من جنرالات الداخل فى مصر عليه أن يحافظ على قوام الجيش الفرنسى، وأن يصمد بقدر المستطاع أمام الزحف الإنجليزى على الإسكندرية دون أن يدرى أن الجنرال بيليار كان وقع فى القاهرة وثيقة استسلام جيش الحملة ورحيله عن مصر.
كان الشغل الشاغل لمينو فى الإسكندرية هو الاستمرار فى المقاومة حتى يرسل له بونابرت التعزيزات العسكرية مع أسطول جديد بقيادة الأميرال سيلفستر دى فيلنوف، حسب ما أظهرته المراسلات العسكرية لبونابرت فى القاهرة والتى ترجمتها للعربية (فى إصدارات المجمع العلمى المصرى 2015)، ورغم أن «فيلنوف» لم يصل أبدًا بأسطوله إلى الإسكندرية واكتفى بالوقوف عند سواحل تونس، فإن الجنرال مينو فى الإسكندرية كان يفكر كيف ينقذ حجر رشيد من الوقوع فى يد الإنجليز -والذين يطالبون به بإلحاح- إذا ما استسلم لهم؟، وكان تارة يقول لهم إنه اشتراه من ماله الخاص من أحد التجار فى رشيد، وبالتالى فهو ملكية خاصة وليس ملكية عسكرية، وتارة يقول لهم إن الحجر الأصلى تم ترحيله إلى فرنسا وأن الموجودة فى مصر هى نسخة مزيفة، وأمام إصرار الإنجليز العسكرى استسلم مينو فى الإسكندرية، وأمام عنادهم العلمى اضطر إلى تسليم الحجر لهم، وكأن استلام جيش الشرق العظيم يعادله تسليم حجر رشيد.
هل حان الوقت كى تعيد فرنسا ومصر الاعتبار لهذا الجنرال الحالم بزواج الشرق بالغرب؟، والذى انتهت حياته عام 1810 كحاكم باسم الإمبراطور نابليون على مدينة الأحلام والحب وزواج الشرق بالغرب وهى مدينة فينسيا. فهل وراء هذا رسالة أخيرة يرسلها القدر لنا - مصريون وفرنسيون - عن حياة الجنرال عبدالله جاك مينو؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.